المعروف أن فلسطين مازالت دولة عربية وأنها كذلك مازالت عضواً في جامعة الدول العربية، والمتوقع أن ما يجري فيها حالياً ليس سراً لا يعلمه احد، والمتوقع كذلك أن الحكام العرب يدركون أن الصهاينة أعداء لكل العرب مهما كانوا وأينما كانوا ومهما كانت ردة الفعل العربية تجاههم. ولكن غير المفهوم ذلك السكوت العربي المخجل تجاه ما يحدث هذه الأيام من قتل وتدمير بين أبناء الشعب الفلسطيني.
لا أكاد أفهم لماذا يحاصر معظم العرب الحكومة الفلسطينية؟ ولا أكاد أفهم لماذا يساعدون على تجويع الشعب الفلسطيني وإذلاله وهم يعرفون أن هذا كله يصب في مصلحة الصهاينة ومشروعاتهم التوسعية في فلسطين أولاً وفي سواها ثانياً.
«إسرائيل» تفتك بالفلسطينين - رجالاً ونساء - وتستخدم كل أسلحتها الفتاكة تجاه شعب أعزل لا يملك ما يدافع به عن حياته ومع هذا كله فهي - كما تقول - تدافع عن نفسها، وهي كما تريد ترفض من الفلسطينيين ان يدافعوا عن أنفسهم!
الحكومة الأميركية تشجع الإرهاب الصهيوني وتصف كل أفعال الصهاينة بأنها دفاع مشروع عن النفس، وتمدهم بالمال والسلاح والدعم السياسي المتواصل، أما دفاع الفلسطينين عن ديارهم وأنفسهم فهو إرهاب مرفوض يجب مقاومته؟ أميركياً وإسرائيلياً وعربياً، والويل - كل الويل - لمن لا يستجيب للاملاءات الاميركية!
والأميركان بكل وقاحة يصفون الإسلام بالفاشية والإرهاب وكأنهم لا يعرفون حجم الجرائم التي يرتكبونها حالياً أو التي ارتكبوها سابقاً والتي تضعهم كأكبر دولة إرهابية فاشية في العالم قديماً وحديثاً.
لا أعتقد أن الأميركان يجهلون تاريخ دولتهم الإرهابي والذي قام على جماجم مئة واثني عشر مليوناً من الهنود الحمر، كما قام على سرقة واختطاف عشرات الآلاف من العبيد من إفريقيا وتسخيرهم لخدمتهم وقتل الآلاف منهم لأدنى سبب.
والسجل الإرهابي للأميركان لم يتوقف يوماً ما، وكانت بلادنا العربية مسرحاً لكثير من جرائمهم، احتلال العراق واحدة من اكبر جرائمهم التي أكدت ضلوعهم في الإرهاب؛ نحو سبعمئة ألف عراقي قتلوا خلال السنوات الثلاث، ولا أعتقد أن أحداً سينسى جرائمهم في السجون العراقية وكذلك في سجون غوانتنامو والسجون السرية المنتشرة هنا وهناك... ومع هذا كله لا يخجل هؤلاء من وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب ووصف الإرهاب الصهيوني بأنه دفاع مشروع عن النفس! الصهاينة يجعلون قتل الفلسطينيين عملاً دينياً ويطلقون الفتاوى الظالمة التي تبيح جرائمهم، ومعروف أن لجنة حاخامات الضفة الغربية أصدرت فتوى تبيح قتل الأبرياء من النساء والأطفال في لبنان وغزة، كما صدرت فتوى مشابهة لمجموعة من الحاخامات وعلى شكل رسالة وجهت - آنذاك الى رئيس الوزراء شارون ووزير حربه موفاز تطلب منهما عدم التساهل في قتل الفلسطينيين بما فيهم الأطفال والنساء.
هذه الفتوى نفذها الصهاينة بحيث قتلوا أكثر من ألف طفل وجرحوا أكثر من 19000 طفل. ونعرف ان مجازرهم الحالية استهدفت عدداً من الأطفال والنساء. هذه الفتاوى الإجرامية لم ينتقدها الأميركان ولم يقولوا عنها إنها فتاوى إرهابية، ولم يتدخلوا لتغيير المناهج الإسرائيلية التي تنشر الإرهاب والكراهية، بل إن واقعهم يثبت أنهم يؤيدون هذه الفتاوى ويساعدون على تنفيذها بالأسلحة الفتاكة التي يقدمونها دائماً للصهاينة.
مرة أخرى لا يهمني ما يفعله الأميركان أو الصهاينة فهم يعملون لصالح دولهم ومعتقداتهم ضاربين بكل القيم عرض الحائط، ولكن الذي يهمني الموقف غير المفهوم من الدول العربية وهي ترى كل تلك الجرائم التي تصيب الفلسطينيين.
الصمت العربي مرفوض، وحتى الكلام الذي لا قيمة له مرفوض كذلك، نريد من الدول العربية كلها، ان تقوم بعمل يتناسب مع حجم الكارثة التي أصابت فلسطين وأهلها.
الدول العربية تستطيع فعل الكثير إن شاءت، وليس من مصلحتها ذلك الصمت المخزي الذي يباعد بينها وبين شعوبها وتمكين الصهاينة على حساب فلسطين وأهلها - الآن - وسواهم فيما بعد... صمتوا طويلاً- وليتهم لم يفعلوا - أفما آن الأوان لهم لكي ينطقوا؟
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 1525 - الأربعاء 08 نوفمبر 2006م الموافق 16 شوال 1427هـ