حكت لي صديقة عائدة من العراق بعد أن رأت الجحيم الذي يعيش أهلها فيه...
تروي لي قصصاً أغرب من الخيال! وقد امتلأت آلاماً وحزناً... إن الكلمات لا تكفي للتعبير عن الحزن أحياناً أو عن الحياة التي أضحت جحيماً لا يحتمل! وإن يوم القيامة هو ها هنا.
وكأن هذه البلاد قد انفصلت عن العالم ولها قوانينها وتفضل الأحزان والمصائب عليها تفضيلاً ومن دون نقصان.
دعونا نرى ما قالته:
المشهد الأول: هنالك عصابات منظمة تسطو على البيوت ليلاً تغتصب النساء وتقتل الرجال وتختطف الأطفال لبيعهم أو للمتاجرة بأعضائهم! ثم تسرق البيوت بهمجية فظيعة وباستعمال مختلف الأنواع من أسلحة القتل من السكاكين والبنادق! المتوحشة.
المشهد الثاني: لامرأة تبيع الخضراوات في سوق شعبية أعطاها أحدهم كيساً لتحافظ عليه لحين عودته من عمله! ولا يعود!... تفتح الكيس لتجد فيه رأس ابنها وبعضاً من أطرافه... كان عمره سبعة عشر ربيعاً وكان غير ناشط!
المهزلة الثالثة: سيارات مفخخة توضع في أماكن تجمع البشر سواء في المناطق العمالية وهم في انتظار الحافلة لنقلهم... أو في الأسواق العامة... أو عند المساجد أثناء الصلاة... وفجأة ترى دماء وأطرافاً متناثرة في كل مكان... منظر لا يمكن نسيانه... جحيم ونيران في كل مكان... هي تبكي وتواصل، لقد فقد الكثير عقولهم وأصبحوا مجانين من صدمة رؤية مثل هذه المناظر الفضيعة... تتكرر باستمرار وكل يوم تقريباً.
المشهد الرابع: يفتشون سيارة أخيها في الطريق العام، فتشوها ولم يجدوا شيئاً وبعد أن اجتازهم فتح الصندوق... وضع له الأميركان قنبلة موقوتة، رفعها ورماها جانباً، ثم واصل سيره شكر ربه على أنه مازال حياً يرزق... فهم قد تعودوا على هذه الممارسات اليومية... جحيم ووحوش ضارية تأكل شعباً بريئاً لا ذنب له سوى أنه يمتلك كنوزاً في أرضه!
المهزلة الخامسة: شارع المطار ويسمونه «شارع الموت» لا يعرف من يغادر أو يعود بأنه سيصل سالماً إلى موقعه، فقد احتلته ميليشيا مسلحة تفتش الجميع وتستولي على ما تريده، والامتناع أو الجدل ثمنهما طلقة نارية بقيمة دينار عراقي واحد!
المشهد السادس: الدرجة السياحية لتذكرة السفر من العراق إلى دبي سعرها 480 دولاراً مرجعة ومن دبي إلى البحرين (ذهاب وعودة) ألف دولار للعراقيين فقط (والسعر الأساسي مئة دولار لغير العراقيين).
أين «الآياتا» ؟ (وهي شركة دولية تحدد الحد الأعلى والأدنى للتذاكر في كل الخطوط الجوية في مختلف انحاء العالم) وأين هي حقوق المستهلك العراقي دولياً؟!
وهم يعاملون معاملة غير إنسانية في وجودهم في صالات الترانزيت مع عدم السماح لهم بالحركة خارج المطار وهم جلوس 12 ساعة ليلاً ومن دون الرأفة بإعطائهم فنادق كما يحدث عادة إذا كان الانتظار ليلاً!
مآسٍ متكررة وهذه مشاهد مختصرة وقليل من كثير لا يمكن وصفه أو شرحه ويستشهد يومياً مئة إنسان ويغادر العراق 3 آلاف شخص يومياً!
هي يكفي الكلام؟ إنها غابة حقيقية غابت عنها الحيوانات الفتاكة وأخذ مكانهم البشر والذين هم أكثر شراسة وفتكاً!
أين هم المسلمون؟... والعالم العربي... وأين هي عدالة القرن الواحد والعشرين من هذا الزمان؟
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1525 - الأربعاء 08 نوفمبر 2006م الموافق 16 شوال 1427هـ