العدد 1525 - الأربعاء 08 نوفمبر 2006م الموافق 16 شوال 1427هـ

الصارم «المهذار»... فارس المسجات ووكيل الاعتذار!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

إيه... كم هي قليلة تلك الذكريات الجميلة التي يستمتع المرء بتداولها عن الفترة البرلمانية 2002 الماضية، سواء أكانت عبر «تصريحات» أم «مواقف» أو «بيانات» وغيرها، والتي لابد أن تكون على رأسها المقولة الشهيرة لرئيس المجلس النيابي السابق خليفة الظهراني حينما قال إن هنالك بعض النواب ممن يصرخون و»يتعنترون» أمام الوزراء في المجلس على مرأى من الصحافة، ولكنهم لا يلبثوا وتقبيل «خشوم» الوزراء في مكان آخر!

وهو، أي الظهراني، لم يكن دون شك مازحاً حينما أطلق مقولته الخالدة تلك، فمفرزات برلمان 2002 (اللي ما سوا شي) حددت أن العلاقة بين النائب والوزير لابد ان لا تتوقف على توجيه الأسئلة والاقتراحات والاستجوابات العنترية الفارغة التي ما «فشقت» بطيخة، وإنما لابد من أن تتطور فطرياً إلى زيارات ميدانية خارج الدوام لتمرير قوائم التوظيف الفئوية والطائفية، وممارسة سيرك المهارات «الخدماتية»، وعرض مختلف فنون الاستجداء التي طالما أبدع فيها إخواننا من التيارات المحسوبة على أنها «عربية» و»إسلامية - سياسية» حفظهم الله ورزقهم بالذرية الصالحة، أكانت خدمات خيرية أم خدمات «عزوية» و»حسبية نسبية» للأصهار والأنساب!

لذلك وبناءً على ذلك أجد أنه لا مانع من أن يخدم «سعادة النائب» أو «فضيلة الشيخ» أبناء دائرته وجمهور ناخبيه بذلك الشكل، طالما أن القواعد والمواقع الدستورية الممنوحة للسلطة التشريعية تحفز كثيراً على ذلك في ظل «اقتراحية» هذه السلطة وذاك المجلس. وطالما ظل مطلب التعديلات الدستورية الضرورية لدى البعض ترفاً نظرياً وجدلاً عقيماً لا بأس به بعد وابل من الاقتراحات المجهضة والتشريعات المهيضة!

وللأسف مع احترامنا للواقعية السياسية الانتهازية للكثير من نواب المجلس السابق، وخصوصاً جماعة «الإسلام السياسي»، والتي تقتضي منهم رفع الفزاعة الطائفية ولبس الجوخ الفئوي، إلا أننا كنا في مقدمة من يدين تقديم تلك «الخدمات الزبائنية» في إطار غالبه فئوي وأقله طائفي من جماعة وظيفية باتت أقرب إلى أن تنضوي تحت مظلة الشركات العائلية عوضاً عن «التيار الإسلامي» في صبغته السياسية المبتذلة على رغم حداثتها وطوارئيتها في الساحة المحلية!

فليس مطلوباً من هذه الجماعات الدخيلة على دنيا الحراك السياسي المدني، بمعناه المفهومي قبل العملي، أن تعد لنا خطة تفصيلية لمعالجة أزمة التوزيع غير العادل للثروة الوطنية في البحرين، وإنما حتى لا تتعقد المطالب فإن هذه الجماعات يتوجب عليها كحد أدنى أن تعد خطة واقعية ومتكاملة للعدالة في توزيع ثرواتها المتحصلة شخصياً من تحت منصة البرلمان على جمهور الناخبين، بدلاً من احتكارها في «شرشنة» تجارية لا تطاق!

وحتى لا نبتعد كثيراً عن مقولة الظهراني الأثيرة، فإنه ليس مطلوباً من «لورد» برلماني سابق وأمير «ممطوط» عهدياً لإحدى الجماعات الوظيفية في البرلمان السابق أن يتوقف عن وصف أحد وكلائه الشرعيين إبان تدشين مقره الانتخابي بـ «الصارم البتار» و»المدافع عن حقوق المحرومين والمظلومين» وإلى ما يشاء من أوصاف! ولكن لابد من أن ينهي الجزء الآخر من المعادلة، فالاستجواب يقتضي لاحقاً «حب الخشوم»!

كما أن «تفنجر العيون» والصراخ والعويل والتأتأة والوعيد وحتى العواء على المنصة، لابد من أن تتلوها لاحقاً «مسجات SMS» اعتذارية للغاية توجه لكبار المسئولين الحكوميين، على أمل أن توفق في طلب الصفح والمغفرة عن «استجواب» و«سؤال» و«اقتراح اليوم» باعتبار الحاجة إليهم لتسلم قوائم التوظيف الفئوي والمصلحي، وتمريرها بهناءة في مؤسسات الدولة وبيروقراطيتها العتيدة كعهدنا بها!

ولابد من أن تتضمن تلك الـ«مسجات» أو»المسجز» تبريرات منطقية ومقبولة سياسياً نوعاً ما، تخفف من ثقل ارتكاب خطيئة الاستجواب وجناية السؤال في البرلمان، لكونها أتت «لزوم الإعلام»، و»هرباً من ترصدات وتربصات إعلام الطائفيين الموالين للخارج» و»تطميناً خفيفاً» لأبناء الدائرة!

لذلك فمن غير المستغرب أن يتحول الصارم البتار إلى صارم «مهذار» وفارساً للـ «مسجات» ووكيلاً للاعتذار وناشراً للأعذار على حبال الغسيل البرلماني!

وحتى ننصف «سعادة النائب» و»فضيلة الشيخ» و»الصارم البتار»، فلابد من عرض موجز عن 20 في المئة من «إنجازاته البرلمانية» بعد نخلها وتنقيتها من الشوائب الطائفية والفئوية، و نبدأ بجهوده الحثيثة في قيادة الحملات و»الفزعات» الأهلية للإصلاحات الأخلاقية ومعالجة الانحراف السلوكي للشباب حتى يغدو «المنحرف» ناخباً في خدمة خيمة النائب! أي يكون مواطناً حقيقياً، وإنساناً مؤمناً صالحاً ينتمي إلى الجماعة الوحيدة الفالحة، وبالتالي ضمن العشرة المبشرين بـالـ «غوزي» و«السفرة»!

ولكن لابد من الإشارة أولاً إلى الثغور الكبرى في تلك الجهود المظاهراتية والوعظية، فصاحبنا يريد إصلاح القيم والأخلاق المجتمعية، وفي الوقت ذاته تدميرهما معاً بسلوكه الأخلاقي والقيمي، وأرجو من الإخوة إفادتي في حال ما كنت مخطئاً باعتبار «الرشاوى» و»الإشاعات الغبية اللي تفشل» وتوجيه السباب والشتائم إلى المخاصمين تخريباً لأبسط الأخلاقيات، وإلا فلابد من حسم الأمر مع الكرسي «القبرلماني» أياً كان الثمن، فإما إصلاح الأخلاق وإما تخريبها لأجله!

أما عن العمل التنظيمي لصاحبنا فهو لا يخرج عن إطار إنشاء عشرات اللجان الأهلية في يوم وتدميرها والبناء على أنقاضها في اليوم الآخر، أو الأفضل تركها سائبة سائمة تشغل الطريق العام، لتكون عبئاً على من تورط بها من كوادر جفف دمها بلا ثمن!

سبحان من يوفق في المواءمة والملاقحة بين رقة ورهافة الحديث والوصف للتقوى والإيثار في طرف، وبشاعة ودناءة الاستغلال والتكبيل في طرف لحظة أخرى!

وفي حال تحققت الأهداف العامة وانحلت القضايا الكبرى من وراء إنشاء هذه اللجان قبل أن يتشكل الهيكل التنظيمي لها، فإن «الصارم المهذار» والولد البار الداخل بقوة إلى عالم الأعلام/ الإعلام والنشر سرعان ما ينسب تلك الإنجازات المتحققة إعجازياً إلى نفسه نظراً إلى كونه والرسول الكريم (ص) في عباءة واحدة، حسبما تشير إليه لافتاته الانتخابية الرخيصة المتاجرة بالدين قبل الدنيا، بوعود محترقة وأحلام كسيحة وإفلاس برلماني منقطع النظير كأصحابه الآخرين!

وفي حال حالف «الصارم البتار» الفوز في الانتخابات المقبلة، فإنني أتمنى له من صميم قلبي أن يخرج من صف نواب الإثارة و»الإلهاء» المحسومين سلفاً، والذين من المؤمل أن تتكرر وجوههم ذاتها في برلمان 2006، وهم ممن يتلقون توجيهات كهربائية فوقية من مجموعات وقوى مؤسساتية متنفذة على أمل العمل على إلهاء وتعمية أنظار الزملاء البرلمانيين الآخرين عن تناول القضايا الوطنية الرئيسية، ولو كان من باب إكمال الاقتراح تلو الاقتراح!

كما يجب عليه أن يفرق جيداً بين من يفجر «سلندراً» ليعلن عن قضية، ومن يفجر «سلندراًً» آخر في البرلمان ليبعد الأنظار والرأي العام عن هذه القضية ضمن عروضه «السيركية» الدعائية!

وأن يستطيع في الأخير نائب الإثارة لا الإنارة أن يجمع بين اثنتين لا ثالث لهما، وهما «عيون تقدح شرراً» وشعار ملموس هو «ثلجة لكل مواطن»

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1525 - الأربعاء 08 نوفمبر 2006م الموافق 16 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً