تلعب تقنية المعلومات والاتصالات ICT دوراً في تغيير شكل العمل الديمقراطي والسياسي وإشراك المجتمع. وبما أن مبادرات الديمقراطية الإلكترونية تشمل مفهوم الحملات الانتخابية الإلكترونيةe-Campaign، والذي نال حيزاً كبيراً من أدبيات إدارة المعلومات والاتصالات، ارتأيت من المناسب أن أغطي ولو بشكل إجمالي أهم جوانب هذا المفهوم، خصوصاً وأن البلاد تشهد فترة انتخابات ساخنة أتوقع أن يكون لتوظيف تقنية المعلومات والاتصالات ICT التوظيف الأمثل من قبل بعض المرشحين دوراً مهماً في تحديد نتائج الانتخابات، مع التأكيد على أننا نتحدث عن حملات انتخابية إلكترونية يتم فيها توظيف تقنية المعلومات والاتصالات في دعم العملية الانتخابية للمرشح من خلال أتمتة مختلف الوحدات الوظيفية للهيكل التنظيمي للحملة الإنتخابية، ولا نتحدث عما نتوقع أن نشاهده مرة أخرى من مواقع انترنت لبعض المرشحين باتت تعرف بالملصقات الإلكترونية Online Brochures ضمن أدبيات تقنية المعلومات والاتصالات.
إدارة الحملة الإلكترونية
إن قرار اعتماد الحملة الإلكترونية e-Campaign يتطلب تغييرات جذرية للحملات الانتخابية بصورتها السائدة. الجانب الأول يتعلق بالهيكل التنظيمي للحملة، إذ أن الهيكل التنظيمي للحملات الانتخابية المنظمة يحتوي عادة على مسئول مالي ومسئول إعلامي ومنسق أعمال المتطوعين بالإضافة إلى رئيس الحملة. وكأي عمليه أتمتة في أي مؤسسة لابد من أن يتم تغيير هذا الهيكل التنظيمي، بما يتلاءم مع متطلبات الأتمتة، بحيث يضم مسئولاً عن نظم المعلومات.
الجانب الآخر المهم الذي لابد من النظر إليه بعين الاعتبار هو تخصيص موازنة كافيه لهذا المشروع، وحيث أنه لا يمكننا التحدث عن مقدار محدد نظراً لاختلاف موازنات الحملات الانتخابية من مرشح لآخر، فإنني اقترح بأن يخصص ما نسبته 5% تقريباً من الموازنة الإجمالية للحملة الانتخابية، وهي النسبة التي وجدتها الأكثر تداولاً لدى مجموعة من الباحثين في هذا الجانب، علماً بأن الحملات الانتخابية على المستوى الدولي تدر أرباحاً على المرشحين؛ فهي من مصادر دعم الموازنة وليس من مصادر الصرف، وذلك لاعتماد نظم جمع التبرعات الإلكترونيةe-Fundraising . تجدر الإشارة إلى أنه خلال الحملة الانتخابية الرئاسية قبل الأخيرة للرئيس الأميركي جورج بوش تم جمع ما مقداره ستة ملايين دولار عن طريق نظم e-Fundraising بينما تكلفت موازنة تقنية المعلومات في الحملة الانتخابية ما مقداره مليون دولار فقط وفقاً لتقرير ويزلي ولسون»Wilson, Wesley-2001».
أهمية الحملات الإلكترونية
تحدث الكثير من الباحثين عن الأثر الكبير لنظم تقنية المعلومات في نتائج العمليات الانتخابية أمثال ستيفن كليف وريلاي وريلاي Riley and Riley الذين كتبا «بأن هناك اعتقاداً بان جيل الانترنت يتوقع من ممثليه أن يتواصلوا معه باستخدام الوسائط التي يستخدمها هذا الجيل». وأود هنا أن أؤكد بأن أهم ما يميز جمهور الحملات الانتخابية الإلكترونية هو كونهم نشطاء سياسياً، مع الإشارة إلى اهتمام وسائل الإعلام الأخرى بمواقع الحملات الانتخابية الإلكترونية، وهنا لابد من التأكيد على أن يورد المرشح بشكل رسمي بأن هذا الموقع يمثله، والمعلومات الموجودة به تمثل وجهة نظره الشخصية. إضافة لما تقدم فإن تقنية المعلومات تقدم كثيراً من الخدمات التي لا تقدمها الوسائل الأخرى، ما يمكنها من الوصول إلى جمهور كبير من المستخدمين بسهولة كبيرة وبكلفة قليلة.
وأخيراً فلابد من الإشارة إلى خصوصية مملكة البحرين على مستوى المنطقة، من حيث ارتفاع نسبة مستخدمي الإنترنت وانخفاض نسبة الأمية، ووجود بنية معلوماتية تحتية متقدمة.
التخطيط للحملة الإلكترونية
كأي عملية أتمتة لأية مؤسسة، فإن هذه الأتمتة تتطلب بداية تخطيط وتحليل لبيئة العمل المطلوب أتمتتها وتحديد الأولويات، وفي هذا الإطار لابد من النظر للعملية الانتخابية الإلكترونية من جانبين: الجانب السياسي والتقني.
فيما يتعلق بالجانب السياسي فإن أي حملة انتخابية تتعلق بالعناصر الآتية: موقف المرشح من القضايا السياسية المختلفة؛ الصورة التي يود المرشح أن يعكسها عن نفسه؛ إستراتجية الحملة الانتخابية وكيفية توظيف المتطوعين واعتماد الوسائل المختلفة في خدمة العنصرين السابقين.
وتوفر الحملة الانتخابية الإلكترونية الكثير من الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها في دعم العناصر الثلاثة المذكورة والضرورية للنجاح في عالم الانتخابات، فأدوات من قبيل وسائل التواصل الإلكتروني التي تسمح بالنقاش بشأن مختلف القضايا التي تهم الناخب، وقوائم البريد الإلكتروني e-Mail Lists تلعب دوراً كبيراً في إيصال رسالة المرشح للناخبين. وهنا لابد من التركيز على أهمية قوائم البريد الإلكتروني، كونه وسيلة مجانية وسهلة الاستخدام. على أن التحدي هنا هو في جمع أكبر قدر ممكن من عناوين البريد الإلكتروني، الأمر الذي يفترض على المرشح والمتطوعين القيام به. وهنا نشير لمبادرة e-Train التي أطلقها المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية السابقة، التي تم من خلالها جمع أعداد هائلة من عناوين البريد الإلكتروني عن طريق الطلب من متسلمي الرسائل إرسالها لأصدقائهم، والذين بدورهم يمكنهم كتابة بريدهم الإلكتروني ليضاف ضمن القائمة، وكذلك إعادة إرسال هذه الرسائل لأشخاص آخرين وهكذا.
كذلك من المحتويات المهمة لبوابة الحملة الانتخابية الإلكترونية للمرشح وجود خريطة تفاعلية تبين حدود دائرة المرشح، وتمكن المستخدم من معرفة ما إذا كان عنوانه ضمن الدائرة الانتخابية للمرشح.
هذا على مستوى المرشحين، أما فيما يتعلق بالجمعيات السياسية فحبذا الاستفادة من تجارب الأحزاب السياسية في الدول المتقدمة في هذا المجال، وتطبيق مفهوم الحملات الانتخابية الإلكترونية، إذ تتوافر مراكز المعلومات لهذه الأحزاب عادة على قواعد للمعلومات بالناخبين المسجلين، بالإضافة إلى معلومات عن نسبة اقتراع المناطق المختلفة عادة، والطبيعة الاقتصادية والاجتماعية للمناطق، ما يمكن إرسال رسائل إلكترونية تركز على جوانب اهتمام أهل المنطقة.
وفي جميع الأحوال، وخصوصاً للمرشحين المستقلين، يمكن اعتماد حلول إلكترونية صغيرة على أن توفر الخدمات الأساسية التي أشير لمجملها سابقاً، كما أن إمكان إرسال الرسائل النصية عن طريق الهاتف النقال يمكن اعتبارها إضافة نوعية مؤثرة.
الإعداد للحملة الإلكترونية
يجب الإعداد للحملة الانتخابية الإلكترونية مبكراً، فهناك أمور كثيرة يجب القيام بها في هذا الجانب كشراء عنوان URL لبوابة الحملة الانتخابية الإلكترونية، ونشره على الإنترنت بالشكل الذي يمكن محركات البحث من إعطائه أولوية، كما لابد من عمل إستراتيجية تضمن دخول أكبر عدد من المستخدمين للموقع. وهنا لابد من التأكيد على اختيار عنوان سهل الحفظ ، والإعلان عنه في جميع المطبوعات الخاصة بالمرشح وعن طريق وسائل الإعلام، كما يجب عدم إغفال أهمية الإعلان عن الموقع لدى المواقع الإلكترونية الشهيرة على الانترنت لدى البحرينيين. ولست بصدد الدخول معمقاً في الجانب التقني، غير أنه لابد من الإشارة إلى أهمية اختيار شركة مناسبة لتنفيذ المشروع، مع التأكيد على أهمية توفير الشركة المكلفة لدعم فني من قبل أشخاص مؤهلين، وكذلك أهمية وجود نظام لإدارة المحتوى، ما يجعل من عملية تحديث المعلومات بالموقع عملية سهلة وسريعة.
كما سنظل نتذكر الانتخابات الحالية بما رافق بدايتها من نقاشات عن التصويت الإلكتروني، فإنني أتوقع أن هذه الانتخابات ستتميز بارتباطها بمفهوم الحملات الانتخابية الإلكترونية e-Campaign. ولا يفوت التأكيد عن أن التطورات في هذا الجانب لن تتوقف، فمع ظهور التلفزيون الرقمي الذي بدأ في الانتشار، والذي يجمع البرامج التلفزيونية وبرامج الكمبيوتر والإنترنت، تتأكد أهمية مواكبة المتغيرات التكنولوجية للاستفادة مما توفره من فرص كامنة.
ولمن يرى أن طرح هذا الموضوع قد جاء متأخراً بعض الشيء، إذ كان من الأولى طرحه قبل بدء فترة الحملات الانتخابية وخلال فترة الإعداد الأولى، أقول بأنني أشاركك الرأي، إلا أنه لايزال هناك متسع من الوقت للمترشحين والمترشحات للانتخابات لاعتماد مبادرات الحملة الانتخابية الإلكترونية
إقرأ أيضا لـ "جلال سلمان"العدد 1523 - الإثنين 06 نوفمبر 2006م الموافق 14 شوال 1427هـ