من على بعد أميال، كانت رائحة «الشاورما» تفوح وتجذب إليها كل من يمر على ذلك المقر الانتخابي الذي لا يقال عنه أقل من «الفلة»! لم نقاوم الرائحة الغريبة، فتوجهنا إلى المقر حاملين معنا بطوننا، على رغم أن أحد الإخوة قد أسبغ علينا وليمة من الدجاج الحار في أحد مطاعم المنامة، ولكن بلغ الحساب 3 دنانير على رغم أن عددنا كان 4، ولم يبق شيء لم نذقه في ذلك المطعم المعجزة!
يا للهول، فرش إيراني فاخر أحاط بسور المقر الذي يتسع للآلاف، وشياب وأطفال جلسوا على الكراسي خارج الخيمة يأكلون ويتلذذون بالشاورما والدهن يسيل على أياديهم ويلوّن أكمامهم! وزينة وصور بطول طابقين للمرشح، وخيمة لم نر مثلها إلاّ في المسلسلات القديمة التي يتخللها عرس للملك أو الأمير، حتى إن أحد الإخوة وصف المقر بأنه «أحلى من بيتنا»، فرد عليه آخر «أكيد أحلى، والله (الزلّ) اللي في بيتكم كله ما يجيب قيمة وحدة من (الزلّ) الإيراني اللي ندوس عليه على باب الخيمة»!
والأغرب من هذا كله، أن الشاورما كان مجرد مقبلات لجذب الجمهور من بيوتهم، وما في الانتظار كان أدهى من ذلك بكثير، إذ لمحنا حافلة تنزل بعضاً مما لذ وطاب، وكم لمنا صاحبنا الذي دعانا إلى ذلك الدجاج الحار الرخيص!
في الليلة التي تلت تلكم الليلة، كان أحد «الحمّارين» يمر عند باب خضار في إحدى القرى وأوقف الراحلة ودخل المحل وهو في عجلة من أمره، وطلب من البائع تجهيز «خضرة صالونة لحم»، وهو يقول: «يالله خوك بسرعة خلنه نلحق على خيمة المرشح... ترى يقولون مجهز بوفيه مفتوح، يعني بنفتك حتى من أكل الحمار، لأن الروتي والخبز بيفلتونه وهاذي فرصة ما تتفوت...! لكن البارحة انصمينه بمرشح يقولون مجهز بوفيه لكن ما رحنا إلا يوزعون عصير رخيص وأكياس فيها سندويش جبن وكيك، يحلم انصوت ليه هالرزيل»!
وعلى رغم المنغصات التي تكتنف جو الانتخابات، فإن مظهر الناس وهم يجوبون الخيام الانتخابية مظهر رائع، ومشهدهم وهم يتحدثون في كل مكان عن حظوظ هذا المرشح وبرامج ذاك المرشح مشهد أروع... ومن أبرز ما يثار في هذه الفترة، حظوظ النساء اللائي يواجهن المترشحين وخصوصاً من التحالف الرباعي أو من السلك البرلماني القديم ورجال الدين، ففي بعض القرى والمناطق التي يسيطر عليها تيار «الوفاق» أو التحالف الرباعي يرى كثيرون أن المرأة ستواجه صعوبة بالغة في منافسة رجالات الرباعي، إلا أن ما حدث في افتتاح مقار بعضهن الانتخابية مؤشر واضح على أنهن سيخضن الانتخابات بشراسة، وسيقارعن الرجال بكل ما أوتين من قوة. وهناك من يرى أن النساء كن أكثر رصانة في برامجهن الانتخابية وأطروحاتهن، وخصوصاً أن بعض المترشحين أخذ يهذي ويخلط الحابل بالنابل في برامجه، وأدخل تخصصات المجالس البلدية في النيابية، أو المهمات النيابية في البلدية!
ولكن من المؤكد أن من يقول إن العبرة لن تكون في جمال الخيم الانتخابية، ولا في الفرش الغالي قد يكون مخطئاً، فمن شاهد الحضور في بعض الخيم الفاخرة وإقباله الناس الكبير ومشاركتهم في الحوار مع المرشح ستكون له رؤية أخرى
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1523 - الإثنين 06 نوفمبر 2006م الموافق 14 شوال 1427هـ