الانسحابات من السباق الانتخابي لها أثر غير حسن في بعض الأحيان لأن العملية السياسية تصبح من دون «خيار»... فالانتخابات صممت أساساً لمعرفة آراء الناس، وإذا كان الناس يودون شخصاً ما يمثلهم دون غيره فيجب أن يكون ذلك من خلال صناديق الاقتراع. البعض يطرح أن انسحاب أحد الأشخص أفضل من خسارته الساحقة، ولكن هذا المنطق يستبطن استعلاء من جانب واعتداداً بالنفس قد يثبت مرة ويخيب أخرى... وحتى فيما لو ثبت، فإن الفوز من خلال صناديق الاقتراع أفضل من الفوز بـ «التزكية». كما أن الناس طالبوا كثيراً بالحصول على حق الانتخاب، وإذا قتلنا التنافس وفسحنا المجال للتزكية (أو ما يشبه التزكية)، فلماذا إذاً نطالب بمجلس منتخب؟ لماذا لا نطالب بمجلسين معينين، أحدهما تعينه الحكومة، والآخر تعينه المعارضة أو هيئة أخرى؟
لا معنى للتدافع الحثيث نحو قتل التنافس الانتخابي، ذلك لأن التنافس سيقوي من لديه تأييد من الناخبين ولن يضعفه. بل العكس هو الصحيح، إذ إن الفائزين بالتزكية ستلقى عليهم تبعات ونتائج المسيرة لاحقاً.
ليس من المناسب أبداً أن يشاع أن فئة بأكملها، أو طائفة بأكملها، ممنوعة من الاختيار، وأن هناك أسماء محددة يجب أن تمرر بما يشبه التزكية. وإنني إنما أطرح هذا الرأي من أجل الصالح العام، ومن أجل المحافظة على سمعة العملية السياسية، ومن أجل عدم حرمان الناس من لذة الذهاب إلى صناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم. فليحاكم الفائز لاحقاً على أدائه من قبل من انتخبوه، ولتتم إعادة انتخابه في المستقبل إذا أحسن، أو إسقاطه إذا لم يحسن.
ولذلك، فإن المشاركة في الانتخابات جانب مهم، ولكن ينبغي أن تكون هناك فرصة للادلاء بالرأي، ولا ينبغي أن تكون هناك توجهات نحو إنجاح هذا الاسم أو ذاك بالتزكية. إن الجميع على ثقة بأن الناس سيختارون الأصلح، وهناك معرفة محلية بكل شخص، ولا يمكن الاستهانة بهذه المعرفة «فأهل مكة أدرى بشعابها»، والكتل الانتخابية قد يعاد تشكيلها داخل البرلمان، ومن يفز ويدخل البرلمان سيكون مطلق اليد (إذا شاء) داخل البرلمان، وسيتخذ قراراته بنفسه... وليست هناك ضمانة على أنه إذا دخل هذا الفرد في قائمة أن يبقى عليها بعد فوزه، أو إذا دخل الفرد مستقلاً أن يبقى خارج التكتل عندما يفوز ويدخل البرلمان... دعوا السياسة تتنفس، ودعوا التنافس يشتد
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1523 - الإثنين 06 نوفمبر 2006م الموافق 14 شوال 1427هـ