العدد 1522 - الأحد 05 نوفمبر 2006م الموافق 13 شوال 1427هـ

البحرينية ليست جديدة على المشاركة السياسية

فوزية مطر comments [at] alwasatnews.com

في كل المجتمعات تتصدى النخب المثقفة والمتخصصة - نسائيةً أم رجاليةً - لمهمات المشاركة والقيادة السياسية الفاعلة. وتنشط تلك النخب من خلال مؤسساتها السياسية لتوسيع دائرة انخراط الناس في العملية السياسية على اختلاف مجالاتهم. وحينما تتاح المشاركة السياسية في مجتمعنا، فالنخب النسائية التي تتمتع بالوعي الوطني وبحق المرأة في المشاركة السياسية والتي تملك القدرة على العطاء لا تتأخر عن المشاركة. ومنذ التوافق على الخيار الديمقراطي وبدء الإصلاح نشطت المرأة البحرينية في جميع مجالات المشاركة السياسية فبادرت إلى الترشح للمجالس المنتخبة، وشاركت بنسب كبيرة في العملية الانتخابية. وهي عضو ناشط في مجلس الشورى، وهي وزيرة وسفيرة ووكيلة وزارة، وهي تشغل مناصب إدارية مهمة في قطاعات حكومية ذات علاقة باتخاذ القرار السياسي. والمرأة البحرينية - في إطار فئاتها الواعية - تنشط عضواًَ فاعلاً في مؤسسات العمل السياسي الأهلي كالجمعيات السياسية والاتحادات والنقابات.

ولم يأتِ الحرص على تضمين دستور المملكة الحقوق السياسية للمرأة من فراغ، فالمرأة البحرينية ليست بجديدة على المشاركة السياسية، إذ مرت بتجارب غنية في ذلك. وخلال العقود السابقة على الإصلاح كانت نخب المرأة البحرينية تتحين الفرص للمشاركة السياسية وتطالب بدور لها فيها. وإذا كانت النساء قد شاركن للمرة الأولى في الانتخابات البلدية ناخبات العام 1950 بإرادة من المحتل البريطاني، فإن النخب النسائية البحرينية ومنذ نصف قرن لم تتوانَ عن المشاركة السياسية النشطة في الحركات الوطنية التي خاضها شعب البحرين وقواه السياسية باتجاه المطالبة بالحقوق الوطنية والسياسية لأبناء هذا الوطن.

لم تكن النخب النسائية بعيدةً عن الحركات الجماهيرية التي خاضها شعب البحرين ضد بقاء المستعمر ومن أجل المطالب الوطنية والديمقراطية. ففي الحركة الجماهيرية التي قادتها هيئة الاتحاد الوطني 1954 - 1956، وجدت نخب نسائية في التظاهرات والمسيرات وشاركن بالهتافات وإلقاء الكلمات، أما عموم النساء فقد تعاطفن مع الحركة وشهدن التجمعات والمظاهرات. ثم كان للمرأة حضور كبير ومشاركة واسعة في الانتفاضة الجماهيرية العام 1965. في تلك الانتفاضة تنوعت مشاركة المرأة من حضور التظاهرات والتجمعات إلى الهتاف وإلقاء الكلمات إلى حضور الاجتماعات إلى نقل الأشخاص والرسائل والأدوات إلى توزيع المنشورات إلى إخفاء المطلوبين من المناضلين إلى إسعاف المصابين الخ... وما ميز انتفاضة 1965 أن المشاركة النسائية كانت من الاتساع بحيث تجاوزت النخب النسائية لتشمل فئات المرأة البحرينية كافة. وخلال الانتفاضة وفي السنوات التي تلتها تعرضت بعض النساء لصنوف من الاستدعاء والتحقيق والاعتقال.

وبدخول البحرين عصر الاستقلال الوطني وبدء أول تجربة ديمقراطية على أرضها متمثلة في انتخابات المجلس التأسيسي العام 1973 وانتخابات المجلس الوطني العام 1974، حرمت المرأة من حق المشاركة السياسية في تلك التجربة. وإثر ذلك تحركت المرأة البحرينية للمطالبة بحقها السياسي في الانتخاب والترشح، فنظمت الجمعيات النسائية مجموعة من الفعاليات للمطالبة بهذا الحق كحملات التوعية وحملة جمع توقيعات التضامن من المؤسسات الأهلية والأندية. وتُوّج التحرك برفع عريضة إلى أمير البلاد وأكثر من رسالة إلى أعضاء المجلسين.

وفي مقابل تنامي الدور السياسي للدولة البحرينية المستقلة في السبعينات، تصاعد الحراك السياسي العام ودور القوى الوطنية الديمقراطية التي ناضلت من أجل التطور الديمقراطي للمجتمع والمطالبة بالحقوق ونشطت الحركات العمالية والنسائية والطلابية. وفي جميع أشكال ذلك الحراك شاركت نخب المرأة البحرينية وأصابها ما أصاب الناشطين السياسيين من استدعاء وتحقيق واعتقال.

وخلال حقبتي الثمانينات والتسعينات تواصل حراك المجتمع السياسي بقواه الوطنية الديمقراطية وتميزت تلك المرحلة بظهور الحركة السياسية الإسلامية. في حقبة الثمانينات لم تكن المرأة غائبة عن المشاركة بكل أشكال الحراك والنضال السياسي، وتعرضت مثلها مثل النخب السياسية الرجالية للتحقيق والاعتقال حتى الإبعاد والتسفير. وتصاعد دور المرأة في الحراك السياسي وبدا أكثر وضوحاً وتنوعاً في حقبة التسعينات، من انضمام إلى التنظيمات السياسية، إلى مشاركة في الحركة المطلبية لتفعيل الدستور وعودة الحياة البرلمانية، إلى التوقيع على العرائض المطلبية والاحتجاجية، إلى المشاركة الفاعلة في التظاهرات والتجمعات. وإثر ذلك واجهت النساء الإجراءات المضادة كافة من اعتقال وتعذيب وإبعاد. من جانبها، أقرت الدولة بالدور السياسي للمرأة فضمتها إلى عضوية مجلس الشورى الذي شكلته في النصف الثاني من التسعينات.

اليوم يبدو واضحاً دور المرأة البحرينية في الحراك السياسي المتصاعد منذ بدء الإصلاح مطلع الألفية الثالثة. وإذا كانت المشاركة السياسية للمرأة في عمومها مشاركة نخبوية فذلك أمر طبيعي في ظل ما تعانيه المرأة من قيود مجتمعية وتهميش. وكما أسلفنا، في كل المجتمعات تتصدى النخب المثقفة والمتخصصة - نساءً أم رجالاًَ - إلى مهمات المشاركة والقيادة السياسية الفاعلة وتستقطب لذلك جموع الناس

إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"

العدد 1522 - الأحد 05 نوفمبر 2006م الموافق 13 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً