مع اقتراب ساعة الحقيقة، يتجلى المشهد الانتخابي بصورة أكثر وضوحا في مختلف الدوائر، ويبدو أن كراسي المجلس النيابي، وحتى البلدي ستكون محصورة أكثر بين فئتين تتخللهما فئات لا تشكل ضغطا واضحا على الحظوظ وهما؛ علماء الدين الذين تنتشر صورهم في كل مكان والساسة من المستقلين والمنخرطين تحت لواء الجمعيات. ويرى كثيرون أن رجال الدين من الطائفتين يمتلكون حظوظاً وافرة للفوز، في مجتمع يولي اهتماماً بالغاً للعلماء. إلا أن الوضع تشوبه بعض المنغصات لاسيما أن هناك أصواتاً تطالب العلماء بالنأي عن كراسي القرار السياسي والاكتفاء بالنصح عن بعد، ولكن هذه الأصوات لم تسترع اهتمام علماء الدين الذين حظوا بدفعات معنوية كبيرة خصوصاً في الجانب الشيعي، إذ أعلنت الشخصيات القيادية الدينية دعمها الكامل للترشح للانتخابات ونادت بالمشاركة بكثافة.
وعلى رغم أهمية احتواء المجلس النيابي والمجالس البلدية على أصحاب التخصصات المهمة، كالمالية والقانون والعلاقات الدولية والشئون المحلية، فإن وجود المتدينين سيكون له أثره إذا ما كانوا أهلا للمسئولية، فالدين لا ينفصل عن السياسة، وكلما كان المتديّن يلمّ بالسياسةومخرجاتها كانت مشاركته أكثر فاعلية، أما أولئك الذين لا يعلمون عن السياسة إلا اليسير وهمهم الأكبر الوصول إلى المجلس فالأجدر بهم أن يبقوا على ما هم عليه. والشيء بالشيء يذكر، إذ وضع أحد الشيوخ لافتة انتخابية وكتب عليها ان من ضمن إنجازاته تنظيم مجموعة من الندوات والمحاضرات الدينية! نحن لا نقول ان تنظيم المحاضرات الدينية أمر غير ضروري، وما أحوجنا اليوم إلى من يحيي لدينا الوازع الديني، ولكن العمل تحت قبة البرلمان لن يقوم على محاضرات دينية ولا على توزيع الهبات والصدقات والمكيفات والمؤن الفجائية،وخصوصاً أن المجلس المقبل سيكون محطة مهمة من محطات تاريخنا المعاصر إذا ما تهيأت السبل ومهدت الدرب.
قد يقول البعض اننا نقسو على المتدينين وندع الساحة مفتوحة للأفندية ومن يتغنى بدوره السياسي والتضحيات وغيرها من الأمور التي لم تظهر إلاّ حين حمى وطيس الانتخابات... ولابد أن نؤكد أننا لا نقصد بأي مما قلنا الساسة والمتدينين المعروفين بنضالهم وكفاحهم الذي لا يشكك فيه أحد، ولكن حين يأتي مترشح يهدد بمقاضاة المسئولين أو نقل المطار وما شابه من ترهات لم تكن لتوصل مترشحاً إلى القيادة حتى في أبسط البلدان وأقلها وعياً. حتى أن بعض المترشحين حوّلوا خيامهم إلى مطاعم توزع «التكة والكباب» كل يوم وليلة، وفي نهاية العشاء يلقي كلمة ارتجالية عن بطولاته السياسية التي لا يعرف أحد عنها شيئا! ويقال - والعهدة على الراوي- انه يشوي ويوزع لحم النعام! فدعونا لا نسقط حظوظ بقية المترشحين من خارج سلك السياسة والدين، ودعونا لا نستغرب كثيراً لو سمعنا وعداً من أحدهم بشراء اللاعب المعتزل زين الدين زيدان وضمه إلى فريق الدائرة!
شر البلية ما يضحك، فيقال ان بعض البحرينيين لا يعرفون حتى كيفية التفكير بالتجارة، فإذا ما تم افتتاح دكان «سمبوسة» تبعه عشرات الدكاكين و بالبضاعة نفسها على الشارع نفسه، والحال لم يتغير كثيراً بالنسبة لصور المترشحين وبرامجهم حين تعرض الصور على الشارع نفسه. والطامة الكبرى في البرامج التي سرق بعضها من انتخابات الكويت، حتى أن بعضها نسخة طبق الأصل لم يتغير فيها إلا اسم مملكة البحرين وصورة المرشح وحذف مسمى «الحركة البرتقالية» من المطوية... فيا مرحباً بحملات «السمبوسة»
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1521 - السبت 04 نوفمبر 2006م الموافق 12 شوال 1427هـ