تعيش البحرين حاليا حراكا سياسيا كبيرا ومتنوعا لا يمكن لأي مراقب أن يتجاهله، إن لم يكن بداية لدخول مرحلة أخرى جديدة هي أكثر نضجا وأكثر جرأة من تداعيات الفترة الأخيرة المثيرة للجدل.

ان تجربة البحرينيين الثانية مع الانتخابات المقبلة لا يبدو أنها ستكون على شاكلة التجربة الأولى خصوصاً ان اللغة السياسية قد تطورت وحملت في جعبتها أدوات تثري الحملات الانتخابية التي تميزت في هذه التجربة بالتحالفات، وأيضاً بتنظيم أجندة الأولويات في أوساط المعارضة بمختلف تياراتها من خلال أهمية المشاركة في الوصول إلى قبة البرلمان وذلك من أجل تحقيق مطالب الناس الأساسية من عمل وتعليم ومسكن دون تمييز، إلى القضايا الأخرى التي تدخل في صميم الصورة المستقبلية لأجيال البحرين التي حاولت الحكومة مرارا التهرب منها، إما بوضع الحلول المؤقتة أو إدخال العراقيل بحجة هذا القانون أو ذاك، إضافة إلى سوء وتدني وشراء بعض نفوس النواب السابقين من أجل مصادرة مصالح الناس دون ضمير أو حساب، والأمثلة على ذلك كثيرة.

هذا الحراك تلمسه وتشهده اليوم من خلال التجول والحضور في افتتاح بعض الخيام المنتشرة في الدوائر الانتخابية، فالخط يتسم بالطرح الجريء في قضايا تمس هواجس الشارع الحقيقية، بعيدا عن لغة الوعود التي لا تفصح إلا عن نوايا ما بين قوسين.

هناك رموز وطنية لا يمكن لنا أن نزايد على مواقفها الوطنية أو على سيرتها النضالية على مر الزمن، فلا يمكن للبعض أن يذهب في قول ما يريد أو يشكك في نوايا هؤلاء الوطنية المعروفة لدى الجميع. وبدلاً من ذلك... لماذا لا يتحدث البعض عن أسماء المرتشين والطائفيين التي وردت أسماؤهم وشهدت أفعالهم في أكثر من مناسبة عن تصرفات بعيدة عن المبادئ التي ينادون بها، على رغم ان بعضهم يتشبث بها لتزيين صورته الانتخابية؟!

هناك من المترشحين المعروفين بمواقفهم الوطنية الكثيرة، وهم لم يحتاجوا لتغيير قناعهم الداخلي أو الخارجي بل خرجوا إلى دوائرهم بالتلقائية نفسها و الوطنية نفسها التي بصورة أخرى تعبر عن شكل من أشكال صوت الشارع، وهو الأمر الذي قد لا يعجب من تعود على النسق القديم، لأن نواب المطالب الشعبية عندما يصلون إلى البرلمان سيطلقون العنان لاستحقاقات مازالت على قائمة الانتظار على رغم أهميتها