«الجماهير»دائما ً بحاجة إلى «بطل»...فإن لم تجده في أرض الواقع، رسمته في سماء الخيال! تصنع له أجنحة خيالية، وتجعله يطير في فضاءات أحلامها تؤلف عنه الحكايات الخرافية... وتسمّي الاولاد بإسمه!
(2)
وكل «بطل» في هذا العالم، هو في النهاية يشبه «جمهوره»... لأن هذا الجمهور هو الذي شكّله من طين أحلامه، ونحته في صخر معاناته! فلا تتوقع - على سبيل المثال - من مجتمع بدوي أن يكون «بطله» كاتبا ً روائيا ً أو عالما ً فيزيائياً... سيّد القبيلة وبطلها هو «الفارس» الذي يعرف كيف يقتل الآخرين ولا يُقتل! ولا يزال «الفارس «في عالمنا العربي هو «البطل «الوحيد الذي تحتفي به الجماهير منذ أيام الجاهلية الاولى... حتى يومنا هذا. فالذاكرة العربية لا تحتفي إلا بالفرسان، وأغلب قصائد المدح منذ أيام «عنترة «حتى يومنا هذا كُتبت بالفرسان... والزعماء الذين يتشبهون بهم!
(3)
وفي عالمنا العربي... أسهل الصناعات، وأكثرها رواجا ً، هـي صناعة «الابطال ».... فأنت لست بحاجة إلى صناعة قنبلة نووية أو اكتشاف دواء جديد أو كتابة رواية رائعة تترجم لكل لغات العالم أو النضال لاصلاح مجتمعك أو بناء مؤسسة مهمة أو تقديم اختراع مذهل أو أبتكار «فكرة» خلاّقة لا... لا... أنت لست بحاجة لكل هذا... فكل ما تحتاجه هو أن تصوّر نفسك عبر الانترنت، وأنت ملثم، وتحمل بيمينك أحد الاسلحة وتهدد بسحق كل الحكومات، وحرق كل الاوطان... ثم تـُرسل الشريط إلى إحدى الفضائيات! هذا إذا كنت مواطناً... أما إذا كنت زعيماً (سواءا كانت زعامتك لدولة أو لعشرة أشخاص!) فكل ما عليك فعله هو أن تخرج لوسائل الاعلام - وذلك بعد أن تفتل شواربك - وتقدم لهم تصريحاً ناريا ً تتناقله وكالات الانباء، و... دع الباقي لـ «الجماهير» المُتعطشة للبطولة، فهي ستُكمل المشهد بدلا ًعنك!
(4)
كانت «الجماهير» - ومازالت - وستظل تستمتع بصناعة «الابطال» المزيفين! وعندما يرتفع الوعي والمعرفة بين هذه «الجماهير»، وتحصل على حقوقها كاملة، سيقل عدد «الابطال» ... وسيبقى المجتمـع هو «البطل» الوحيد
إقرأ أيضا لـ "محمد الرطيان"العدد 1520 - الجمعة 03 نوفمبر 2006م الموافق 11 شوال 1427هـ