العدد 1520 - الجمعة 03 نوفمبر 2006م الموافق 11 شوال 1427هـ

مذكرات الباكر من »الممنوعات«

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في السبت الماضي نشرت »الوسط« صفحة كاملة عبارة عن مقتطفات من مذكرات الرمز البحريني التاريخي عبدالرحمن الباكر الذي قاد هيئة الاتحاد الوطني ما بين 1954 حتى 1956 وكانت أول حزب سياسي علني في الخليج العربي يحصل على اعتراف رسمي بوجوده على الساحة.

ولكن، ومع الأسف، في اليوم التالي اتصلت وزارة الإعلام بالصحيفة وقالت إن كتاب عبدالرحمن الباكر الذي يحمل عنوان »من البحرين إلى المنفى« هو من »الممنوعات« وان إعادة نشر نصوص منه ممنوع أيضاً حتى لو تم تنقيح النصوص بما يتلاءم مع قوانين النشر المعمول بها حالياً في البحرين.

أعتقد أن قرار وزارة الإعلام يدخل ضمن سلسلة القرارات الخاطئة التي تنتمي إلى حقبة »أمن الدولة«، كما اعتقد أن منع »الوسط« من نشر مقتطفات من كتاب لقائد تاريخي، وذلك بعد تنقيح المقتطفات خطأ فادح ويعبر عن تخلف ورجعية وخوف غير مبرر من حرية الكلمة التي من دونها لا تكون هناك أية جمالية للحياة.

عندما وصلتني »مكالمة المنع« كنت خارج البحرين، كنت في زيارة إلى إيطاليا لحضور مؤتمر عالمي عن دور الاتصالات والإعلام والمعلومات في تنمية البلدان. وتأسفت كثيراً لوضعنا، وذلك لأنني زرت هناك المتاحف وذهبت إلى مدينة »فلورنس« التي احتفظت بجمالها على مدى قرون، وهي المدينة التي يقطنها نصف مليون إنسان حالياً (وهذا العدد اكبر من عدد مواطني البحرين). في هذه المدينة الجميلة جداً تجد التاريخ الناصع الذي استورد من الشرق الإسلامي... فقبل سبعة قرون كانت هذه المدينة تستورد كتب العالم الإسلامي (ولاسيما كتب ابن رشد وابن سينا وغيرهما من عظماء الإسلام) وتترجمها وتدرسها إلى أبنائها، حتى ان المؤرخين يذكرون أن جميع سكان هذه المدينة كانوا يقرأون ويكتبون حتى الأطفال منهم، وأن الأمية كانت لديهم تقترب من الصفر (وذلك قبل سبعة قرون!). في تلك المدينة التي انطلقت منها نهضة أوروبية نرى آثارها إلى يومنا هذا... ترى احترام العلم والعلماء، والفلاسفة والعظماء، وتفهم كيف أن مثل هذه المدينة تفسح المجال لعبقري تاريخي مثل »ليوناردو دافنشي« للظهور.

أما في بلادنا... فالحسرة والندامة على العلم والمعرفة وعلى رموز تاريخنا الذين لو كانوا في بلاد أخرى لرأيت المتاحف تقام من أجلهم... فلو كان الشيخ ميثم البحراني من مدينة فلورنس لرأيت له مركزاً ومتحفاً كما هو حال رموز هذه المدينة الايطالية... ولو كان عبدالرحمن الباكر في فلورنس لخدمته مدينته وأحيت ذكره حتى لو أنه كان مختلفاً مع الحكومة، فالعبقري دافنشي كانت له خلافاته السياسية أيضاً ولكن ذكره - مع غيره - في كل مكان في داخل وخارج المدينة... أما ابن البحرين فليس له سوى أن يذكر في »قائمة الممنوعات«

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1520 - الجمعة 03 نوفمبر 2006م الموافق 11 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً