الآن، يمكن للشعب العربي أن يطمئن إلى مستقبله المشرق الجميل، بعد أن دخل النظام العربي الديمقراطي في مرحلة «تصدير الديمقراطية» العربية إلى العالم الخارجي!
طبعاً، هذه المرحلة لم يكن للعالم العربي أن يدخلها إلاّ بعد أن تشبّع بقيم الديمقراطية وأرسى دعائمها ووضع بلداننا بين أعرق الديمقراطيات في العالم. فلكل بلدٍ عربيٍّ والحمد لله، إلاّ ما ندر، مجلسٌ منتخبٌ يضاهي «الكونغرس» الأميركي، ومجلسٌ معينٌ يقابل مجلس «اللوردات» البريطاني... أليست الدول الرشيدة هي التي تشارك الدول الأخرى في عقولها وتجاربها؟
وبما أن لكل دولةٍ تجربتها الديمقراطية «الخاصة» التي تعتز بها، فإن لدينا «جمهورية ديمقراطية» أعلنت قبل أسابيع التجديد لفخامة الرئيس للمرة الثالثة، مع أن ذلك مخالفٌ لدستور الجمهورية... ولكن، هل يمكن أن يوجد بلدٌ يمكن أن يفرّط في كفاءةِ رئيسٍ له خبرة عشرين سنة في الحكم؟ وهل يمكن أن يوجد بديلٌ أصلاً للرئيس في تلك الجمهورية التي يزداد تعدادها على 30 مليوناً؟
جمهورية عربية ديمقراطية أخرى، أعلن رئيسها عن رغبته في التنحي قبل أشهر، وأنه لن يكون «سائق تاكسي» لأعضاء الحزب الحاكم، ولكن في اليوم الأخير من إقفال باب الترشح أعلن عودته إلى خوض «المعركة»، لعدم وجود شخصٍ واحدٍ مؤهلٍ لكرسي الرئاسة غيره من بين 20 مليوناً، وخصوصاً أنه الحامي الوحيد للبلد من المترشحين الأشرار الذين يريدون سرقة المال العام والتلاعب بثروات البلد!
في جمهوريةٍ عربيةٍ ديمقراطيةٍ ثالثة، أُعلِن قبل أسبوع عن إدخال تعديلٍ على إحدى مواد الدستور، تمهّد الطريق لتوريث الحكم لابن رئيس الجمهورية، وعلى رغم كلّ أصوات الأحزاب والقوى السياسية التي ارتفعت لمعارضة هذا الخرق الفاضح للدستور، فإن قطار الديمقراطية العربية المباركة يجب ألاّ يتوقف، ومن لا يعجبه فليشرب من ماء البحر الأحمر... ومن ماء البحر الأبيض (كمان)!
آخر الأنباء التي أوردتها الـ «بي بي سي» أمس، أن أحد الرؤساء العرب وهو في طريقه إلى التفاوض مع الروس لشراء مفاعل نووي، استبق الزيارة بتوجيه دعوةٍ قلبيةٍ صادقةٍ إلى الرئيس فلاديميروفيتش بوتين (خريج كلية الحقوق بجامعة لينينغراد)، إلى العمل على تغيير الدستور الروسي، لتمهيد الطريق للحصول على دورةٍ رئاسيةٍ ثالثةٍ خلال العام 2008.
وكان الرئيس العربي عبّر خلال تصريحاته لصحيفة روسية عن أمنياته بأن يستمر بوتين في الحكم، و«ألا ينصت لمن ينصحونه بخلاف ذلك» من الأشرار والحاسدين والحاقدين والطامعين في الاستيلاء على ثروات روسيا! وهو ما أثار جدلاً واسعاً في روسيا؛ لأن الدستور يحول دون حصول الرئيس على أكثر من فترتين رئاسيتين.
إذاً... الأنظمة العربية الغارقة في بحار الديمقراطية، بعد أن فاضت بركاتها على شعوبها، ونجحت قياداتها التاريخية في الانتقال بمجتمعاتها من مستنقع العالم الثالث، إلى مصاف الدول الديمقراطية المتقدمة، دخلت مرحلة تصدير «الديمقراطية» إلى بقية دول العالم الأخرى!
هذه هي الخطوة العربية الأولى على طريق «تصدير الديمقراطية» للعالم، ونقل تجاربنا الباهرة إلى الشعوب الأخرى. البداية كانت مع روسيا، وعقبال ما يصل القطار العربي الديمقراطي إلى دول الشمال الاسكندنافي، نزولاً إلى بريطانيا العظمى
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1519 - الخميس 02 نوفمبر 2006م الموافق 10 شوال 1427هـ