العدد 1519 - الخميس 02 نوفمبر 2006م الموافق 10 شوال 1427هـ

العلاقات الدولية للاتحاد الأوروبي (1 - 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

استقبلت البحرين خلال هذا الأسبوع وفدين أوروبيين، الأول كان برئاسة وزيرة التجارة الدولية والشئون الأوروبية إبما بنينو، والآخر برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة بدوقية لوكسمبورغ جونوت كريكي. كما تم خلال الفترة ذاتها توقيع مذكرة تفاهم بين غرفة تجارة وصناعة البحرين واتحاد الغرف التجارية الإيطالية. ويبدو أن هذا النشاط يندرج في سياق مساعي الاتحاد الأوروبي في توسيع نطاق علاقاته التجارية والاقتصادية الدولية.

وتترافق هذه الخطوة التي يخطوها الاتحاد الأوروبي، ككتلة إقليمية، أو بلدانه كل على حدة، مع تزايد تأثير الاتحاد الأوروبي في الشئون العالمية، بشكل متواصل. وتساهم عملية التلاحم، وإطلاق اليورو والتطوير المتواصل لسياستي الخارجية والأمن المشتركة، في منح الاتحاد الأوروبي مكانة دبلوماسية وسياسية تلائم ما يتمتع به من قوة اقتصادية وتجارية لا يساورها أي شك.

الاتحاد الأوروبي في عالم متغير

وهناك عدة أهداف استراتيجية للسياسة الخارجية التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي. أولها: السعي إلى تحقيق الاستقرار في أوروبا من خلال تعزيز نفوذها في العالم. وتؤكد الحروب التي وقعت حديثاً في البوسنة وكوسوفو، والقتال الدامي الجاري في الشيشان، أهمية تحقيق السلام والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في كل أنحاء أوروبا. ويمكن لتوسيع الاتحاد أن يساعد على إنجاز هذه الأهداف، من خلال إنشاء سوق داخلية لأكثر من 500 مليون مستهلك ومن خلال إنهاء حالة الانشقاق الطويلة في أوروبا.

وبصفته الشريك التجاري الأكبر في العالم، يصر الاتحاد الأوروبي على ضمان منافسته الاقتصادية على المستوى الدولي، أيضاً، بحيث يدفع التجارة العالمية قدماً، من خلال تحرير قواعد التجارة العالمية. وهو ينطلق في ذلك من رؤيته بأن هذه العملية ستحقق المنفعة للدول النامية، بشكل خاص.

لقد تم، حتى عهد قريب، الاعتماد على ثلاث مكونات رئيسية للنشاطات الخارجية للاتحاد الأوروبي وهي: السياسة التجارية، المساعدة على التنمية والتطوير، والبعد السياسي. وقد وفرت هذه المركبات آليات ملموسة ساعدت الاتحاد الأوروبي في إدارة سياسة خارجية موثوق بها في الميادين التجارية والاقتصادية والدبلوماسية. ويسعى الاتحاد الأوروبي، الآن، إلى تعزيز هذه الإمكانات، إذا ما اقتضت الضرورة، من خلال المقدرة على استخدام القوة حين تتعرض مصالحه الحيوية للخطر. إضافة إلى ذلك، يطمح الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز قدراته على الرد، بشكل أكثر نجاعة، على ما قد تواجهه من أزمات. ولا يعني هذا، بحال من الأحوال، خوض الحروب أو تشكيل جيش أوروبي. بل يعني تعزيز التعاون الوثيق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بهدف تنفيذ مهماته الإنسانية ومهمات حفظ السلام. وفي الوقت ذاته، يصبح الاتحاد الأوروبي متدخلاً أكثر في المسائل الأمنية، من خلال تحمله مسئوليات كبيرة في ضمان السلام والاستقرار في أجزاء العالم الواقعة على مقربة من المناطق الخاضعة لتأثيره.

إن السياسة الخارجية ليست مسألة تجارة وأمن وعلاقات دبلوماسية، فحسب، بل إن هناك مجموعة كبيرة من القضايا الأخرى، التي يؤثر الكثير منها على مناحي الحياة اليومية لمواطني أوروبا، وتساعد على تكييف نظرة الاتحاد إلى العالم الواسع. وتتراوح هذه القضايا بين ضرورة محاربة انتشار الإيدز والمجاعة والسيطرة على موجات الهجرة، وبين الحملات الهادفة لمكافحة المخدرات والإرهاب. ويستدعي ذلك كله تعاوناً دولياً وثيقاً، لأنه يمكن حل مشكلات العالم في عصرنا هذا، فقط، من خلال العمل المشترك.

تأسيس الاتحاد

إن الاتحاد الأوروبي هو نتيجة لعملية تعاون واندماج بدأت في العام 1951 ما بين ست دول. وبعد نحو 50 عاما وخمس موجات من الإضافات هناك الآن 25 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. وقد بدأ استخدام مصطلح “الاتحاد الأوروبي” في 1 نوفمبر/ تشرين الأول 1993 حين دخلت معاهدة ماسترخت حيز التنفيذ. وقد عمل الاتحاد الأوروبي على توحيد ثلاث دعائم للتعاون الأوروبي تحت “سقف واحد”. هذه الدعائم هي:

- الدعامة الأولى: المجتمع الأوروبي (بما في ذلك السوق الأوروبية المشتركة واليورو).

- الدعامة الثانية: السياسة الخارجية والأمنية المشتركة.

- الدعامة الثالثة: التعاون في مجال العدل والشئون الداخلية.

إن المنطق الذي قام عليه البناء الأوروبي والذي ترجمته معاهدة ماسترخت، يعطي الأولوية إلى الناحية الاقتصادية. وهكذا سبق اعتماد الليبرالية والوحدة النقدية أية إجراءات للتوحيد السياسي والعسكري والتي يبدو أن الدول الخمس عشرة الأعضاء لا تستعجلها حالياً. ولم تتخذ أية قرارات تهدف إلى إعطاء زخم للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة وإلى إضفاء “هوية” أوروبية على السياسة الدفاعية إلا في العام 1999 التي شهدت أزمة كوسوفو، وهي الحرب الأولى التي تورطت فيها جميع الدول الأوروبية الرئيسية منذ العام 1945.

ومنذ نشأته في الخمسينات شكل الاتحاد الأوروبي حالة تثير الكثير من النقاش والجدل في صفوف الكثير من المؤسسات السياسية. وغالبا ما شكلت الحالة الاتحادية نموذجاً تقاس عليه نجاح أو فشل أية مبادرة نحو بناء تجمع سياسي تساهم فيه مجموعة من الدول. ونحن في الخليج العربي نحاول الاستفادة من الحالة الأوروبية. واليوم وبعد مرور ما يربو على عامين على توسعة الاتحاد الأوروبي، هناك أمر يفرض نفسه على مائدة النقاشات حاليا، وهو مراجعة تقويمية لموقف الاتحاد الاقتصادي، بعد أن أصبح مكونا من 25 دولة؛ الأمر الذي يعني الكثير، وخصوصاً في إطار التوسيع المستمر لضم دول جديدة إليه.

ومعلوم أن الاتحاد الأوروبي يُعد حاليا أكبر شراكة سياسية واقتصادية في العالم؛ حيث يشكل نحو 38 في المئة من حجم التجارة العالمية، ويتمتع بإمكانات التنقل الحر للبضائع والخدمات والأفراد بين دوله.

ويمكن القول إن عملية توسيع الاتحاد الأوروبي، التي تمّت في الأول من مايو في العام 2004، وضمت كلا من: قبرص وجمهورية التشيك وأستونيا وهنغاريا ولاتفيا وليتوانيا ومالطا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا، هي عملية رابحة في مجملها، فهو يزيد وزنه ثقلا في المنظمات الدولية، ولاسيما الاقتصادية منها؛ لكونه أصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم، فهو يدعم موقفه التفاوضي الأوروبي في المفاوضات التجارية العالمية.

غير أن انضمام عشر دول جديدة إليه لم يحل دون تباطؤ اقتصاد الاتحاد في العام 2004، حيث أظهرت أحدث الإحصاءات، التي صدرت عن نمو اقتصاد دول الاتحاد، والتي أعلنتها وكالة الإحصاءات بالاتحاد الأوروبي “يوروستات”، تباطؤا - على نحو غير متوقع - في الربع الأخير من العام 2004 لدول منطقة اليورو.

شروط عضوية الاتحاد الأوروبي

قبل أن يأمل أي بلد في إمكان الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لابد له أن يبين موافقته على معايير العضوية الأساسية الثلاثة التي تم إقرارها في قمة كوبنهاغن في يونيو / حزيران 1993 والتي جاءت على النحو الآتي:

- وجود مؤسسات مدنية مستقرة قادرة على ضمان الديمقراطية، وسيادة حكم القانون واحترام حقوق الإنسان واحترام وحماية حقوق الأقليات.

- وجود اقتصاد سوق فعّال وقادر على تحمل عبء المنافسة مع قوى السوق ضمن إطار الاتحاد.

- القدرة على تحمل التزامات العضوية بما يتضمن التمسك بأهداف الاتحاد النقدية والاقتصادية والسياسية.

وللاتحاد عدد من البرامج الهادفة إلى مساعدة الدول المرشحة التي تستعد للعضوية. وهي الطريقة الأمثل والأطول أمداً وتهدف لتوجيه التعاون المالي والتقني بهدف مساعدة المرشحين.

يقوم هذا البرنامج بإعطاء المنح بدلا من القروض، ويمكن تقسيمه إلى قسمين رئيسيين. القسم الأول، مبلغ إجمالي يصل إلى 3 في المئة من الموازنة، بهدف المساعدة على بناء مؤسسة تقام لأغراض مساعدة الإدارات الوطنية والمحلية بالإضافة للهيئات التنظيمية والإشرافية، والتي يكون الغرض منها التماشي مع أهداف وإجراءات الاتحاد الأوروبي.

القسم الثاني، يصل إلى 70 في المئة من الموازنة ويهدف إلى مساعدة الدول المرشحة بالارتقاء بصناعاتهم والبنى التحتية في بلادهم بحيث تتوافق مع المعايير والمواصفات الخاصة بالاتحاد الأوروبي وذلك من خلال التكفل بأعباء الموازنة المطلوبة. ويتم توجيه الدعم عادة إلى القطاعات التي تكون فيها معايير ومواصفات الاتحاد الأوروبي صعبة الارضاء: البيئة، النقل، الإنشاءات الصناعية، المعيار النوعي في الإنتاج، وشروط العمل.

أما برامج المساعدات الأخرى فتستهدف القطاعات الزراعية بشكل خاص والتنمية الريفية وقطاع النقل والمشروعات البيئية. وهناك أيضا برامج تهدف لمكافحة الفساد والجريمة المنظمة ولمعالجة شئون اللاجئين وطالبي اللجوء. هذا بالإضافة إلى حلقات دراسية متنوعة وورشات عمل للمسئولين في البلدان المرشحة تركز على موضوعات متنوعة كالرقابة المالية والترخيص والجمارك. وبينما يأخذ الاتحاد الأوروبي مركز الصدارة في مساعدة البلدان المرشحة التي تستعد للعضوية، إلا أنه ليس لوحده. حيث تعير الهيئات الدولية الأخرى دعمها وخبراتها: كالبنك الدولي، المصرف الأوروبي لإعادة البناء والتطوير، المجلس الأوروبي ومجلس حلف الشمال.

وكشفت الأرقام أن النمو الاقتصادي في هذه المنطقة هبط إلى 0.2 في المئة في الربع الأخير من العام 2004، وهو أبطأ معدل نمو تشهده في عام ونصف العام. وعلى رغم أن هذه البيانات التي تشير إليها التقارير بشأن النمو في منطقة اليورو، فقد كشف تقرير للمفوضية الاقتصادية الأوروبية، أن الدول التي انضمت حديثاً إلى الاتحاد ستعزّز من النمو الاقتصادي الأوروبي خلال العام 2005. وقالت: إن دول وسط أوروبا الثماني الجديدة، التي انضمت إلى الاتحاد العام الماضي، ستشهد نمواً اقتصادياً يبلغ 4.6 في المئة. وعلى العكس من ذلك، فإن الدول الاثنتي عشرة المنضمة إلى منطقة “اليورو”، ستشهد أداء اقتصادياً “باهتاً”؛ حيث يبلغ النمو بها 1.8 في المئة فقط.

وقالت المفوّضية لدى نشرها المسح الاقتصادي لعام 2005: إن دول وسط أوروبا ـ مثل جمهورية التشيك وسلوفينيا ـ ستعد حجر الزاوية في النمو الاقتصادي للقارة. موضحة أن دولا أصغر مثل: قبرص وأيرلندا ومالطا، ستكون أيضا من ضمن أفضل الاقتصادات في القارة هذا العام

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1519 - الخميس 02 نوفمبر 2006م الموافق 10 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً