العدد 1519 - الخميس 02 نوفمبر 2006م الموافق 10 شوال 1427هـ

آفاق السلام بين سورية و «إسرائيل»

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

ما لم يلحظه أحد تقريباً وسط اللغط العالمي بشأن الاختبار النووي في كوريا الشمالية هو أنّ سورية كانت تبعث إشارات سلام إلى «إسرائيل» والولايات المتحدة، ومن غير الحكمة أن يتم تجاهلها، كما فعلت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، في الواقع، حينما فشلت خلال رحلتها الأخيرة إلى المنطقة في زيارة دمشق التي غالبًا ما شكّلت حاجزًا أساسيًا للمبعوثين الأميركيين السابقين في جولات سلام إلى الشرق الأوسط.

الرئيس السوري بشار الأسد صرّح لأحد مراسلي الـ «بي بي سي» بأنّ سورية كانت حاضرة للعودة إلى طاولة السلام مع «إسرائيل»، مشدّدًا على حاجته إلى «حَكَم غير منحاز»، ربما من الاتحاد الأوروبي. ولكنه صرّح بأنه لا يمكن لحكومة بوش أن تلعب هذا الدور لأنّ الولايات المتحدة لا تمتلك «الإرادة أو الرؤية» للسعي نحو السلام في الشرق الأوسط، ولا وجود لحوار أميركي سوري فعلي.

نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي المتمرّس شمعون بيريز ردّ بدعوة الأسد «إلى الحضور إلى القدس والتحدّث»، كما فعل الرئيس المصري أنور السادات سنة 1977. وهكذا، أطلق السادات العملية التي أدّت إلى توقيع معاهدة سلام بين مصر و «إسرائيل» سنة 1979.

وقد تساءل المعلّقون العرب إذا ما كان بيريز، «يحاول بعث الحياة في أحد أوجه عملية السلام العربي الإسرائيلي التي حاول رئيسه (إيهود أولمرت) إخمادها»، أو إذا ما كان يحاول جعل «الأسد يبدو متصلبًا بتقديم عرض له لا يمكن الموافقة عليه». ففي النهاية، قبل السادات دعوة رئيس الوزراء مناحيم بيغين فقط بعد أن عرض السادات نفسه المجيء، بينما لم يعرض الأسد ذلك. وشدّد على «النعم» في إجابته على سؤال الـ «بي بي سي» المباشر بشأن إمكانية أن تعيش كلّ من «إسرائيل» وسورية إلى جانب بعضهما بعضاً، مع الاعتراف بوجود بعضهما بعضاً.

في الواقع، إنّ جميع القادة العرب والمسلمين، سواء تُصنّفهم واشنطن من «المتعصّبين» على غرار الأسد، أو المعتدلين على غرار ملك الأردن عبدالله الثاني، أو الرئيس المصري حسني مبارك، وسواهما، كلهم يُشاطرون الأسد رأيه بأنّ حكومة بوش منحازة فعلاً لـ «إسرائيل»، وأنها لن تقوم بخطوة جدّية من دون موافقتها. ومع كونه أقلّ تحدّياً للغرب من إيران وكوريا الشمالية، فإنّ الأسد مُنقاد بعزلته الدبلوماسية النسبية، يدفعه ذلك ليحذر شعبه والأنظمة العربية الأخرى بأنّه لا يمكن استبعاد الحرب مع عدوّه الرئيسي «إسرائيل».

هذا الجو عزّزته النتائج غير الحاسمة للحرب المدمّرة التي جرت هذا الصيف في لبنان واستمرّت 34 يومًا بين «إسرائيل» وحزب الله، والرأي السائد في الشرق الأوسط أنها كانت حربًا بديلة بين الولايات المتحدة وإيران. وقد صرّح الأسد لصحيفة «الأنباء» الكويتية بأنّ «إسرائيل» قد تشنّ هجومًا في أي وقت بدعم عسكري من الولايات المتحدة.

وكان من المفيد لو عكس إيهود أولمرت تصريحه بأنّ إعادة مرتفعات الجولان السورية، التي سُلبت سنة 1967، أمر «مستحيل»، إذ تشكّل استعادة تلك الأرض الهدف الرئيسي لسورية التي كانت على وشك إنجازه حين توسّط الرئيس كلنتون لمحادثات سلام مباشرة العام 2000 بين سورية و «إسرائيل» ولكنها فشلت في النهاية.

وقد أدرك رؤساء الوزراء الإسرائيليون السابقون، إسحق رابين وبنيامين نتنياهو وإيهود باراك أنّ توقيع اتفاق سلام مع سورية لإعادة الجولان قد يشكّل تقدّمًا استراتيجيًا، ويساعد على نشر السلام على جبهات عربية إسرائيلية أخرى بما فيها التي فجرتها «إسرائيل» خلال 40 سنة من الاحتلال للضفة الغربية.

ويوافق الكثير من المحلّلين الأميركيين وبعض الأوروبيين الرأي الإسرائيلي القائل إنّ إيران، تشكّل عدو «إسرائيل» الأكثر خطورة، وفي هذه الحال، قد تستفيد كل من «إسرائيل» والولايات المتحدة من إنهاء التحالف القائم بين سورية وطهران، وهو أمر لا يمكن إنجازه مع رفض التحادث مع دمشق. وهناك الكثير من الأمور لمناقشتها، من بينها تحويل وقف إطلاق النار اللبناني الإسرائيلي الذي تمّ في أغسطس/ آب الماضي إلى سلام دائم، وإنهاء دعم حزب الله وقادة حماس الإسلاميين بالأسلحة السورية والإيرانية. فحماس التي وصلت إلى الحكم عبر الانتخابات التي جرت في يناير/ كانون الثاني الماضي في غزة والضفة الغربية، محرومة حاليًا من المساعدة الغربية، جزاء لرفضها الاعتراف رسميًا بـ «إسرائيل». وهذا النقص في المساعدات يسبّب معاناة كبيرة للفلسطينيين العاديين.

وعلى غرار كوريا الشمالية التي أصبحت حاليًا الشريك التجاري المسلّح نوويًا والتي زوّدت سورية وإيران بأجهزة صاروخية، تشعر سورية بأنها محاصرة، ما بين «إسرائيل» والقوات الأميركية في العراق، وحكومة لبنانية على خلاف مع دمشق بسبب الاشتباه في التدخّل السوري بمقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في فبراير/ شباط 2005.

إن على حكومة بوش أن تُعيد الالتزام مع سورية بدلاً من نبذها. وفي حال تم ذلك بالشكل المناسب، فإنه قد يدفع بـ «أولمرت» أو خلفه المحتمل نحو الإفلاح في التوصّل إلى سلام مع سورية، وهي فرصة يجب عدم تفويتها.

جون ك. كولي

مراسل صحافي

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1519 - الخميس 02 نوفمبر 2006م الموافق 10 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً