العدد 1519 - الخميس 02 نوفمبر 2006م الموافق 10 شوال 1427هـ

لندعم قرار المشاركة بعيداً عن المنغصات

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

اتخذت كل من «الوفاق» وثلاث جمعيات سياسية أخرى قرار مقاطعة الانتخابات النيابية السابقة (2002)، ومنذ ذلك اليوم سميت هذه الجمعيات السياسية بالجمعيات المقاطعة، قد وفقوا بتشكيل تحالف أطلق عليه «التحالف الرباعي»، توافقوا فيه على مشتركات كثيرة، وملفات معينة، على رغم وجود تباينات واختلافات في مواقف أخرى، فالعمل السياسي هكذا طبيعته، توافقات واختلافات. الأهم من ذلك كله كيفية استثمار التوافقات المختلفة لمزيد من المكاسب والاستحقاقات واحترام مواقف الحلفاء في حال الاختلاف، «ورب ضارة نافعة»، إذ نستطيع قراءة المشهد بأكمله، فقد قاطعت القوى السياسية الانتخابات ولكنها استفادت كثيراً في مجال التحالفات حتى بدت القوى السياسية كتلة واحدة منسجمة، تتحرك بشكل انسيابي نحو إدارة ملفاتها، ولعل أبرزها ملف الإصلاحات السياسية. وقد نجحت المقاطعة على رغم ما عليها من ملاحظات وانتقادات أضرت بالموقف السياسي تجاه بعض القضايا الحساسة، خصوصاً التي تم تشريعها من قبل المجلس النيابي نتيجة مقاطعتهم له.

ولعل قرار المقاطعة استطاع أن يوحد الجبهات، إذ إنه لو تمت هناك مشاركة في الانتخابات الأولى لحدثت تصدعات وانقسامات لا يمكن درأها، ورب حكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم وقتها لأكبر دليل على ذلك، على رغم رؤيته التي تستند إلى المشاركة لرفع الضرر، وتقديره بأنها أفضل الخيارات المطروحة، وان قرار المشاركة أفضل بكثير من المقاطعة، ولكنه نأى بنفسه أن يكون سبباً لعنوان الانقسامات، لأنه صاحب رؤية بعيدة.

الوضع الحالي تغير كثيراً، فالانتخابات الحالية نجده يأخذ دوراً أبرز، بل يعلنه في خطوة سباقة منذ فترة طويلة، بل سبق قرار الجمعيات السياسية باتخاذ قرارها بالمشاركة في الانتخابات، إذ أعلن في إحدى خطبه ليوم الجمعة موقفه من الانتخابات السابقة وفجر حينها قنبلة دوت في أرجاء البحرين، فكيف يكون قراره مع المشاركة بينما قاطعت «الوفاق» مع إعلانها الالتزام بقراراته؟ وكيف يكون موقفه نحو المشاركة على رغم إرهاصات المرحلة؟

على كل حال، حينما ندافع عن مواقفه، نكون نحن في الموقف المريب، إذ نتهم على الدوام بأننا ندافع ونبرر ولا شيء غير ذلك، ولكن عندما يكون هناك شاهد على الحدث نكون أقرب إلى الحقيقة، فالبعض يعتقد أن «الوفاق» قاطعت بناء على رأي الشيخ، ولكن الموقف اتخذ بشكل ديمقراطي من خلال الجمعية العمومية وإدارة «الوفاق» وغيرها من استشارات في مجملها كان يطغى عليها قرار المقاطعة. هذه المرة الموقف اختلف، فقد أصدر المجلس العلمائي بياناً في التاسع من الشهر الماضي، يدعو فيه الشارع إلى المشاركة القوية في الانتخابات المقبلة، في خطوة قوية وسط إحباطات وتململات واسعة في الشارع، خصوصاً بعد 4 سنوات عجاف من المقاطعة، وبعد خيبة أمل من الإصلاحات السياسية في البحرين. وجاء في البيان: «انه على رغم كل الأزمات والاحتقانات السياسية والأمنية، وعلى رغم كل الاحباطات فإن المجلس الإسلامي العلمائي يرى أن خيار المشاركة في الانتخابات هو الخيار الأقدر على مواجهة هذا الواقع بكل تعقيداته، وهو الخيار الأقدر على مواجهة مخططات الفتنة والإقصاء والمصادرة».

كما أكد البيان أنه أصبح من المؤكد أن الغياب عن العملية السياسية بكل ما تحمله من سلبيات ومعوقات، يضعنا أمام مزيد من الإلغاء والتهميش، وأمام مزيد من القوانين (الجائرة والظالمة والمجحفة)، ومزيد من المخططات المريبة. فانطلاقاً من هذا الفهم، ووفق كل الحسابات الموضوعية، ومن خلال قراءة كل المعطيات والنتائج، فإن المجلس يدعو جميع المؤمنين والمؤمنات إلى المشاركة القوية في الانتخابات البلدية والنيابية القادمة». وأظن أن هذا المصدر يعد من أهم وأقوى المصادر التي يجب الاستناد إليها، بغرض تبديل وتحريك القناعات الحالية المترسبة مع تراكم الاحباطات، لا حباً في المشاركة ولا رغبة في تجريبها بعد أن جربت المقاطعة، وليس لأن قرار المقاطعة أثبت خطأه، ولا لكون الجمعيات السياسية فقدت بوصلتها، أو لكونها متخبطة، بدليل أنها تشارك الانتخابات على رغم أن أسباب مقاطعتها إلى الآن لم تنتف... بل بغرض التقليل من الضرر والضرار، وتقليص مخططات الإقصاء التي بتنا نعايشها يوماً بعد يوم، ونكاد نختنق منها.

الشيخ عيسى قاسم دعا أيضاً في إحدى خطبه السياسية إلى أهمية المشاركة في الانتخابات ودعم قرار المشاركة بحجة أن الوجود الفاعل يدفع الضرر، والابتعاد يخلق الكثير من الأضرار للشعب، وهو في غنى عنها على رغم محدودية الصلاحيات. وأعتقد أن ذلك يعد مصدراً ثانياً يجب عدم التفريط فيه، فالشيخ عيسى قاسم ليس مجرد رمز ديني له مكانته الدينية والعلمية، بل من أكبر الرموز السياسية وله ثقله ومكانته الاجتماعية الكبيرة، كما أنه أحد نواب المجلس السابق، ويعلم الكثير من خبايا الأمور، لذلك ينبغي الأخذ بمشورته وتحويل الآمال السياسية إلى وقائع تاريخية، ولنعمل على الترويج لقرار المشاركة ولنساند مرشحينا، ولنعمل على إنجاحهم، ولنحفز الشارع على الذهاب لصناديق الاقتراع لاختيار الأفضل لتمثيلنا.

من جانب آخر، أكد الشيخ قاسم أهمية الالتزام بأخلاقيات العمليات الانتخابية، والعمل على تشكيل قوائم متماسكة متجانسة للعمل على تحقيق مكاسب أكبر، وأعتقد أن الدورة المقبلة مرحلة حساسة جداً على الأصعدة كافة، ليس على مستوى الجمعيات السياسية التي تشارك لأول مرة بل حتى على مستوى الحكومة التي كانت تخشى مشاركتها، فالشخصيات المشاركة رؤوس كبيرة ومهمة، ويعول عليها الشارع كثيراً. وعلى الناخب أن يختار مرشحه بعناية، ولنحذر من المترشحين الراغبين في تحقيق مصالحهم على حساب مصالح الوطن والمواطن، ولنروج معا لقرار المشاركة كما روج لها المجلس العلمائي، بعيداً عن المنغصات التي لا تنتهي، ولنحترم قرارات الجمعيات السياسية التي قاطعت في الانتخابات السابقة وتشارك لأول مرة، ولنجعله عرساً سياسياً ذا نكهة خاصة له أصداؤه الايجابية بمشاركة الجميع؛ بنزاهة وأخلاقيات انتخابية عالية ولنختر المرشح الأفضل بلا مزايدات أو تدافعات شخصية، فنحن شعب عرف بالأخلاق العالية التي لن نتخلى عنها رغبة في كسب الأصوات، فالتخلي عنها يعني خسارة لا تعوض

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1519 - الخميس 02 نوفمبر 2006م الموافق 10 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً