العدد 1518 - الأربعاء 01 نوفمبر 2006م الموافق 09 شوال 1427هـ

حكايات... في زمن الانتخابات!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

رحم الله أبا وهب البهلول! فقد رآه هارون الرشيد في طريقه إلى الحج فطلب من مرافقيه أن يدعوه من دون أن يروّعوه، فجاءه يركض على قصبته، فطلب منه هارون أن يعظه، فأجابه البهلول: «وبم أعظك؟ هذه قصورُهُم وهذه قبورُهُم». فقال: أحسنت... فزدني. فقال: «يا أمير المؤمنين، من رزقه الله مالاً وجمالاً فعفّ في جماله وواسى في ماله كُتب في ديوان الأبرار». فظنّ هارون أنه يطلب شيئاً، فقال: أمَرْنا بأن نقضي دينك. فقال: «لايُقضى دينٌ بدين، اردد الحق على أهله واقضِ دينَ نفسِك». فقال هارون: فإنّا أمرنا بأن يُجرى عليك. فضحك البهلول ساخراً وقال: «يا أمير المؤمنين... أترى اللهَ يعطيكَ وينساني؟»، ثم ركب قصبته وأخذ يجري بها في أزقة الكوفة.

هذه قبورهم... وهذه قصورهم، فكيف هي خيامهم هذه الأيام؟

في إحدى الخيام، يتم توزيع بطاقات «سمسم»! وفي بعضها يعطى مبلغ 20 ديناراً، ويتم مضاعفتها إذا كان وراء الرجل عصبةٌ من العيال (حتى في شراء الأصوات تمييز)!

مترشّحٌ آخر يوزّع (جواني عيش)! ولأن هناك اكتفاءً ذاتياً في «العيش» على الأقل، كان أكثر روّاد الخيام يرفضون هذه «الجِرَاية»، فظلت مكدّسة في خيمته. بعض مستشاريه اقترح عليه ادخال مواد استهلاكية أخرى مثل (كوارتين) العصير والبسكويت أو حتى الحفاظات، لأنها ستلقى قبولاً أكبر لدى الجماهير!

ورطة «العيش» تكرّرت مع مترشح «إسلامي» آخر، تحوّل في الشهرين الماضيين إلى موزّع «جواني» ليلي! فقد دأب على حمل أكياس الرز على ظهره إلى بيوت الفقراء، حتى انتهى إلى بيتِ عجوزٍ في (فريجه)، فقالت له: «يا وُلْدِي، ويش آسوّي بالعيش، الحمد لله الحالة مستورة، بس عندك الهندي جارنا يمكن يأخذه من عندك»! ولأن الآسيوي صاحب برادة يمكن أن يستفيد من الأرز ببيعه، فسأله أولاً ليستوثق من أمره: هل عندك جواز عشان الانتخابات؟

خيمةٌ أخرى شهدت توزيع «شماغات حمراء» (غتر)، يقال إن صاحبها عبر الجسر إلى الدمام قبل أيام واشترى بضاعته بالجملة لأنها أوفر للميزانية! ولأننا لسنا في موسم «تحاريم»، فإن المآتم الرجالية معطّلة هذه الأيام، فستبقى في مأمن من الاستغلال والحمد لله! ومع ذلك هناك المآتم النسائية التي تداوم طوال العام، فلم تسلم من العطايا والهبات! إذ قام أحدهم بتوزيع أفضل أنواع التتن (الخِشْكَة)، ليضمن أصوات نساء المنطقة. هذا غير صفقةٍ تعهّد بها مترشحٌ آخر بتكييف أحد المآتم تكييفاً شاملاً «على حب الحسين» (ع).

هذا بعض ما تفتقت عنه عقول بعض المترشحين الجدد، أما النواب القدامى الطامعين باللصوق في الكرسي حتى آخر النَفَس، فلم يجد أحدهم ما يغري به ناخبيه غير وعدهم بأنه سيطرح قانون «من أين لك هذا؟»، بينما كان هو وكتلته الإسلامية الأصيلة، من أشد المعارضين لأية محاسبة للمتلاعبين بالمال العام طوال أربع سنوات، فـ «الحساب لله وحده يوم القيامة»، و«عفا اللهُ عمّا سلف»!

مترشحٌ (عتيقٌ) آخر محبوبٌ بين الجماهير، فوجئ بعجلٍ أمام خيمته المحروقة، واكتشف أن عشّاقه أحضروا العجل لدفع الحسد وللوقاية من الحريق! ويقال إنه حفاظاً على «وحدة الجماعة» لم يحتج على هذه «البدعة»، ورآى أن المصلحة في استخدام «التقية» معهم، ولم يرد أن يكسر في خدودهم وردة بمصارحتهم أن ما فعلوه شركٌ بالله!

هذه قبورهم إذاً يا بهلول... وهذه خيامهم العامرة بالتتن وبطاقات السمسم وأكياس الأرز! ألاعيبُ رجاليةٌ لم ينجُ منها حتى الآن غير المترشّحات... ثبّتهن الله على القول الثابت في الحياة الدنيا، شهادةٌ نقدّمها بحق الجنس الناعم الحنون ... لئلا نُتهم بعدم بالإنصاف

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1518 - الأربعاء 01 نوفمبر 2006م الموافق 09 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً