العدد 1518 - الأربعاء 01 نوفمبر 2006م الموافق 09 شوال 1427هـ

تحية وتهنئة صادقة من الجنوبية إلى المحرق

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

ألزمني ما وجدته من تفاعل إيجابي واسع، من الكثير من القراء من مناطق ومحافظات المملكة عن مقال «النعيمي على خطى الباكر»، في(«الوسط»، 19/10/2006) يلزمني الإشارة إلى أحد أبرز الردود. وأرجو من الوالد المناضل عبدالرحمن النعيمي العذر على النشر الذي يزعج كثيراً تواضعه وبساطته الأصيلة، ولكنها شهادة حق لابد أن تقال حتى لا يتم استغلال ذلك التواضع وتلك الطيبة من قبل خصوم سياسيين فئويين وطائفيين، هم دخلاء على العمل السياسي الوطني، ولن يهدأ لهم بال إلا باستغلال الفراغ الكبير الذي أحدثه الاعتكاف والزهد السياسي لدى الكثير من رموز النضال السياسي الوطني ومن بينهم النعيمي خلال المراحل السابقة.

هذا الرد الذي تسلمته من القارئ طارق دراج، سطر فيه تهنئة صادقة مضمخة بعطر الجنوبية إلى محافظة المحرق: «هنيئاً للمحرق (الدائرة الرابعة) وعموم أهل البحرين بدخول عبدالرحمن النعيمي للترشح في الحياة النيابية القادمة، وهذه التهنئة الصادقة من المحافظة الجنوبية (الرفاع الشرقي) أكتبها وأسجلها للتاريخ عن رجل عرفته عن قرب لفترة بسيطة من الزمن، فعرفت منه معنى الكرامة، وعايشته في ظروف صعبة لبعض المواطنين، فعرفت معنى الوطن، وتناقشت معه في بعض قضايا الوطن، وعرفت معنى الإنسانية والشرف. هذا الإنسان المتواضع والحريص على الوطن وأبنائه بشتى طوائفهم واتجاهاتهم، رجل العطاء والصدقية، والمدافع المناضل من أجل الكرامة وحقوق الناس. أتذكر فترة اعتقال بعض شرفاء هذا الوطن من التيار الإسلامي عندما كنت مع أبوخالد أشرح له القضية وسرعان ما طلب مني تبني أمرهم. ذلك الموقف الشجاع الذي لن أنساه ما حييت، وأيضاً مبادرته عن السؤال عن عوائل المعتقلين في تلبية ما يحتاجون إليه. نعم، إنه في خطى المناضل عبد الرحمن الباكر».

وأبدى طارق دراج انزعاجه مما يمارس من تجهيل وتعمية وإجحاف إعلامي كبير، بحق الكثير من الرموز الوطنية ورواد العمل السياسي، إذ أصبحوا لا يحظون بالاهتمام والتقدير إلا بعد أن يتوفاهم الله، وهي للأسف عادة عربية باتت أصيلة ومتجذرة!

وأشار دراج إلى الوقفة الرجولية للنعيمي في أزمة اعتقال عدد من أبناء التيار الإسلامي بتهم ثبت لاحقاً بطلانها، وتمت إثر ذلك تبرئتهم والإفراج عنهم.

ولا عجب، فالنعيمي الذي يعرفه الكثيرون، يمد يده ويفتح صدره للجميع، ويجود بكل جهده في سبيل تعزيز البناء الوطني، ونبذ الظلم والجور والاضطهاد أياً كان فاعله، وأياً كانت ضحيته دونما تمييز وانتقاء وانتهازية. ومن دون إصدار بيانات صحافية وبيع تصريحات، واستدعاء للصحافيين والصحفيات، أو استجداء مقابلة من المذيعين والمذيعات، 15 دقيقة على الهواء، وليس من النوع الذي يزاحم بصوره الساحات والميادين مزعجاً المارة كما يحلو للبعض!

إن صورة النعيمي وأفعاله مطبوعة في قلب المواطنين، فكان من المتوقع أن تأتي الإشادات من مختلف أنحاء ومحافظات الوطن، وحتى من «عرين الأسد» و»داعوس الثعلب». وبسبب زهده وتواضعه ظل النعيمي يتلقى طعنات في حروب شعواء تستخدم فيها أقذر الأساليب لتشويه سمعته، من قبل محسوبين على «تيار إسلامي سياسي» بحجة أنه خصم سياسي أولاً، وثانياً هو «شيوعي» و»علماني» و»ملحد» و»كافر» و»عدو الله ورسوله» و»دخيل»!

وحين المواجهة والاصطدام العلني مع المرجفين والمروجين لتلك الاتهامات، ومواجهتهم بالسؤال: من هو الشيوعي؟ من هو العلماني؟ يواجه الفرد ذاك الجهل الأعمى: «لا أعرف، لا أعلم، قالوا لي، وليس لي يد في ما قلته»!

ما لا يعرفه هؤلاء المخاصمون «الأتقياء» عن النعيمي من حقائق هو أن النعيمي نال شرف الحج إلى بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة أربع مرات، وأنه حفظ وختم القرآن الكريم كاملاً، وعمل «مطوّفاً» في مكة المكرمة مع والده، ولكن النعيمي يحتفظ بهذا الأمر كحرية شخصية له وكعقد عبادة بينه وبين ربه. وهو ليس من النوع الذي يستعرض عضلاته القوية و»العبادية» في كل محفل أمام الناس، لينال صوتاً انتخابياً في الدنيا قبل الآخرة!

النعيمي لا يود أن يسحب تجارته مع الله ليستثمرها انتخابياً، أو أن يعمل لأجلها «بنكاً» يمنح الفقراء، من سواد أبناء الوطن، قروضاً اتكالية، يجبي لاحقاً فوائدها أضعافاً مضاعفة من جيوبهم وعرقهم ودمهم في المستويات السياسية والمعيشية، كما شكل دخول عدد من تجار الدين والمتسلقين الانتهازيين على أعتاب التيارات الإسلامية طامة كبرى دفع ثمنها الوطن والمواطن، الذي كاد أن يفقد ثقته في المشروع والعملية الإصلاحية بأكملها!

وفي الوقت الذي يحشر البعض أنفه في كل تخصص واختصاص خضوعاً لحب جارف للظهور والزعامة والمشيخة والوجاهة الاجتماعية «المغرية»، وعلى أمل سداد ديونه وديون أبنائه وأحفاده، وتصليح «مخداته»، فإن النعيمي أعلنها ويعلنها جهاراً ومراراً في مجلسه العامر بـ»قلالي» المفتوح لكل المواطنين من أهل الدائرة وغيرها: «هذا أنا بكل ما أنا عليه، إذا أردتم أن تنتخبوني عضواً في البرلمان لتمثيلكم وتبني الدفاع عن قضاياكم فإني أرحب وأتشرف بذلك، أما إذا أردتم تزكيتي إماماً لمسجد أو خطيباً في جامع فإني أرى أني لا أصلح لذلك أبداً، فهناك غيري من هم أفضل وأجدر مني وأكثر تأهيلاً لأداء هذا الواجب والوظيفة».

يأتي قوله هذا في مواجهة موجة من المغالطات الشائعة وسوء الفهم بالعمل والوظيفة والاختصاص البرلماني بسبب الإفقار المعيشي والسياسي المنظم الذي مورس منذ سنين طوال في حق هذا الشعب الطيب الأصيل. وسيكون بالتالي «وعي الناخبين» وربما حتى «المنتخبين» مشكلة بارزة سيواجهها النعيمي وأمثاله، وهو ما يجعل من معالجتها مسئولية وطنية، والتزاما واجبا، للخروج من زمن الزهد والاعتكاف والتصوف السياسي إلى ساحات وميادين العمل السياسي الوطني في البرلمان. وهذا بالتالي ما يرفع من مستوى المناضل النعيمي، ويسمو به عن عدم الرد والتعليق، على اتهامات بالخرف والتخريف من قبل «الناشط السياسي» وعميد المصابين بالزهري السياسي، ومن قبل التصدّق بالشفقة الأبوية والنضالية الوطنية الحنونة على هجين آخر لتلاقح المال السياسي مع بطن الصحافة

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1518 - الأربعاء 01 نوفمبر 2006م الموافق 09 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً