في الفيلم الوثائقي «السر» ظهر من لُقِّب بـ «الرجل المعجزة» جالساً على كرسي يسرد حكايته المثيرة، وهو رجل تعرض لحادث فتوصل الأطباء إلى أنه سيعيش طوال حياته مشلولاً، خصوصاً أن كل أعضاء جسده قد توقّفت عن العمل ولم يبقَ له إلا عقله. عقله الذي كان متيقناً من أنه كنزٌ لا مثيل له بإمكانه أن يفعل المعجزات متى ما آمن به وبقدراته.
وبالفعل بدأ المريض بالإصرار على أن عليه التخلص بدايةً من جهاز التنفس، كي يبدأ بالتنفس بنفسه من غير مساعدة، وأخذ يحاول ويحاول إلى أن استطاع أن يفعلها، فأدهش الأطباء الذين لم يعرفوا تحليلاً لهذه المعجزة. ثم ما لبث أن تخلص من الأجهزة الأخرى واحداً تلو الآخر، فلم يبقَ إلا الكرسي المتحرك الذي قرّر أن يتخلص منه متوجهاً إلى خارج المستشفى مع عيد الميلاد!
بدا الأمر وكأنه أشبه بالهذيان بالنسبة للأطباء ولمن عرف بوضع المريض الصحي ورغبته في أن يعود إلى المشي، لكنه لم ييأس، وبدأ يطوّع كافة قدرات عقله لتحقيق هذا الحلم الذي كان يعيشه في كل لحظة، إلى أن جاء اليوم الذي حقّق فيه حلمه وخرج من المستشفى ماشياً على قدميه كما تمنّى، فعاد ليرويه واقعاً في هذا الفيلم الوثائقي. وهو نفسه ما حدث لسيدة أقنعت نفسها بشفائها التام من سرطان الثدي بعد فترة من علمها بإصابتها به، لتكتشف بعد ذلك أن الحلم بدا واقعاً وأنها شفيت منه تماماً، وهي إحدى بطلات هذا الفيلم أيضاً.
البطلان سردا قصتيهما في الكتاب الذي يحمل الاسم نفسه «السر»، الصادر في العام 2005، والذي أثار جدلاً كبيراً خصوصاً في الأوساط الدينية، ولكن عندما تجد الشخصيات التي تتكلّم من وراء حاجز الورق، لتحدثك بطريقتها الموضوعية بشكل مباشر عبر الشاشة يبدو الأمر أكثر إثارةً ومتعةً وإقناعاً!
الكثير من القصص المشابهة تمر في حياتنا العامة أيضاً وليست في الأفلام الوثائقية أو السينمائية فقط، فهناك الكثير من الناس ممن يحيطون بنا استطاعوا تحقيق أمنياتهم التي بدت عند بداية التفكير بها ضرباً من الغباء أو السذاجة أو المستحيل، ولكن مع الإصرار عليها غدت واقعاً قائماً، فجلبت لأصحابها الشعور بالفخر والزهو، ولمن حولهم الشعور بالسعادة والتفاؤل.
ولقد استغربت من الهجوم الذي تعرّض له الكتاب والفيلم فيما بعد، خصوصاً أن قوى العقل التي تحدّث عنها الفيلم، والتي تفسر معنى قوة الجذب، هي ذاتها القوة التي تكلّم عنها الدين الإسلامي في الكثير من المواضع، وهي ذاتها تفسير لقوله عز وجل: «وسخّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً»، فعندما تثق بعقلك، وبقدرته على تسخير الكون كي يحقّق ما يفكّر ويؤمن به، فأنت تستخدم القوة التي سخّرها الله لك، وعندما تثق بالله فإنك ستجد ما تتمنى، وهو القائل سبحانه في حديث قدسي: «أنا عند حسن ظن عبدي بي».
لنثق بقدراتنا كي نغيّر أنفسنا، وبتغيّرنا نحيل مجتمعاتنا وأوطاننا عوالم أجمل وأبهى.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3843 - الجمعة 15 مارس 2013م الموافق 03 جمادى الأولى 1434هـ
لا سر في السر
ستاذتي الفاضلة سوسن اخر مقال لك لا زال بفكري و هذا المقال سيظل معي كذلك
عكس عكاس وخلف خلاف
قد لا يختلف إثنان على أن في الأقوال الحكيمة التي منها أن عقل المرأة في جمالها وجمال الرجل في عقله.
هنا الربط بين الرجل والمرأة ليس كونها من المريخ والرجل من زحل، لكنهما متكاملان ومتلاقيان ومتناقضان متفاظلان ومتشاكسان في آن واحد. لكن السؤال في كيف لنا أن نميز بين الرجل والمرأة أو المرأة والرجل؟
ايه ده ايه ده
لا اله الا الله ..ماتكلش لبن ولا بيض...وخد بالك من نفسك واوعى تتهور...
اصرار
ارادة الانسان فوق كل التحديات
شكر
شكرا جزيلا على كتابتك هذا المقال عن الفلم الوثائقي شكرا لكم
ليتنا نفكر بهذه الطزيقة
مقال ممتاز يحمل مشاعر ممتازة وتفاؤل نفتقده في العديد من الاوقات