العمل التطوعي في أنديتنا المحلية لعب دورا مؤثرا في الحياة الاجتماعية خلال فترة زمنية طويلة، امتدت من ثلاثينات القرن الماضي وحتى بداية الألفية الثالثة، وكان المجتمع البحريني في امس الحاجة إليه، حينها كانت الأندية تعج بالأنشطة والبرامج الثقافية والاجتماعية والتعليمية والفنية، كما كان أعضاء الأندية شعلة من النشاط، يقبلون على ممارسة الأنشطة بروح عالية وعزيمة قوية، من أجل خدمة المجتمع، وبرغبة واضحة في أن يكون لعضو النادي دور كبير في هذا النشاط.

تلك الصور الجميلة بدأت تختفي تدريجيا، بعد أن تغيرت سياسة المؤسسة العامة للشباب والرياضة بداية القرن الجاري، حينما أصبحت تنظر الى الأندية على انها كيان رياضي فحسب، وان هناك هدفا واضحا وصريحا، هو أن الرياضة لم تعد هواية كما كانت عليه في السابق، بل أصبحت صناعة لها ثمنها الباهظ، كما لها علم جديد اصبح ابرز ما على الساحة الرياضية ألا وهو التسويق الرياضي، وصولا إلى عالم الاحتراف ورعاية الشركات التجارية الأندية مثل ما سبقنا إليه دول العالم.

ذلك المفهوم الجديد الذي حاولت فيه المؤسسة العامة للشباب والرياضة أن تخلع عن الرياضة ثوب الهواية، الذي كانت تلبسه عشرات السنين، وتستبدله بأنظمة وقوانين تجعل من ممارستها حرفة مهنية يعيش عليها الفرد في المجتمع، سبّب عدم وضوح في الصورة وضبابية عند الحكومة؛ أدى في الأخير إلى عدم قبول لتلك الاستراتيجية الجديدة وسبب فشلها.

لذلك –في اعتقادي– أن تلك المرحلة سببت ضياع الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية، كما أدى إلى اهتزاز صورة الرياضة البحرينية، وجعلها تدخل في عالم جديد، بعد أن قام المجلس الأعلى للشباب والرياضة بفصل جهاز الشباب عن الرياضة؛ بهدف الارتقاء بالقطاعين. الا انه وبسبب عدم وجود استراتيجية واضحة تعرف الرياضة على أنها كيان متكامل تبدأ قاعدته من الأندية، التي نعرفها في هذا المقال على انها هي الاساس الذي يقوم عليه صرح الرياضة البحرينية، قبل ان يصل للاتحادات الرياضية التي تعمل على خلق كيان وطني للمنتخبات الأهلية تمثل البحرين في البطولات الخارجية والدورات الآسيوية والاولمبية، ضاعت الرياضة في الاندية كما ضاعت الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية من قبل!