قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان، إن الصدق والابتعاد عن الكذب، شرط من شروط تقدم المجتمع المسلم وازدهاره، مؤكداً على أنه واجب على كل موظف وصاحب حرفة أن يتحلى بالصدق في القول والعمل.
وأوضح القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (15 مارس/ آذار 2013) أن «كثرة الكذب وقلة الصدق، آفة إذا استشرت في أي مجتمع من المجتمعات، قوضت أركان سلامته، وهدمت أساس استقراره، وبدلت اطمئنان أفراده قلقاً، وسعادتهم شقاءً، لأن الحياة في مجتمع يمارس أفراده الكذب، حياة نكدة تعيسة، بسبب انعدام الثقة بين أفراده، ولنا أن نتصور إنساناً يعيش في مجتمع مليء بالكذبة، فكيف تكون حاله؟ كل خبر يسمعه لا يطمئن إلى صدق مخبره فيه، حتى يتأكد بنفسه، وكل سؤال يسأله لا يرتاح إلى صدق مجيبه حتى يختبره، لا يطمئن في التعامل مع أهله وجيرانه، ولا في بيعه وشرائه، ولا في مكتبه وعمله، لأنه لا يثق بصدق الناس في إخبارهم وتعاملهم، فهل يمكن للمسلم في مثل هذا الجو القاتم أن يحيا حياة مثمرة، فضلاً عن أن تكون حياة سعيدة هانئة؟».
ورأى أن «تقدم المجتمع المسلم، ورفاهيته وسلامته واطمئنان أفراده، كل ذلك مرهون بشيوع الصدق بين أفراده، وانتشار الثقة بينهم، واضمحلال الكذب إلى أقصى حد ممكن، في تعاملاتهم وعباداتهم وبيوتهم وإعلامهم ومدارسهم، وفي شئون حياتهم كلها».
وأشار في خطبته إلى أن «العلماء الذين ورثوا الأنبياء في رسالتهم، وفي تبليغ الدين الذي جعله الله أمانة في أعناقهم، يجب أن يكونوا القدوة الصالحة في تحريهم للصدق، في أقوالهم وأفعالهم، وأن يعملوا بما يحملونه من العلم وينقلونه من الدين... وتلك ـ أيها الإخوة ـ من أبزر مظاهر الصدق في العالم. والتاجر الذي يعرض السلعة، يؤمل فيها الربح المبارك، يجب عليه أن يتحرى الصدق في قوله وعمله، فلا يروج سلعته بالكذب، والأيمان الفاجرة، فإن ذلك يمحق الله به الكسب، ويذهب به بركة الربح».
وأضاف «المحترف بأية حرفة، والصانع في أي مجال للصناعة، يجب أن يتحرى الصدق في قوله وعمله، فلا يزعم زعماً لا يصدقه الواقع، وتكذبه الحقيقة... والموظف المؤتمن على مصالح الأمة، مهما ارتفعت وكبرت وظيفته، واتسع نفوذه، وتشعبت مسئولياته، يجب عليه أن يتحرى الصدق، فيما يرفعه إلى ولاة الأمر عن الرعية من تقارير وأحكام، فلا يقرر غير الواقع، ولا يلبس أو يحابي أو يجامل أناساً على حساب الآخرين، وإلا كان خائناً غاشاً للناس، مدلساً فيماً يرفعه لولاة الأمر من مصالح العباد وشئونهم، تعظم مسئوليته أمام الله، ويؤاخذ على ظلمه للعباد وتقريره خلاف الواقع».
وواصل «وكذلك من يحترف الصحافة والكتابة، أو يتصدى لإشاعة الأخبار بأية وسيلة من الوسائل الإعلامية المعاصرة،السمعية والمرئية والمقروءة، يجب عليه أن يتحرى الصدق ويتق الله فيما ينقله ويرويه من أخبار، فلا ينقل كذباً، ولا ينشر باطلاً، فإن الكذب حين يذاع، والباطل حين ينشر، يعظم بين الناس خطره، ويتفاقم ضرره، لذلك كله يضاعف الله عقابه».
وذكر أن «الصدق، بالإضافة إلى أنه أثر للصلاح، وعامل للفلاح، فهو ضياء للساري في خضم هذه الحياة الصاخبة، يهديه للتي هي أقوم، حتى يكتب من الصدّيقين، ومن زمرة البررة الصالحين».
وقال: «أيها المسلمون: إنكم ترون بأعينكم، كيف تأخر بنا الشوط، وسلب منا المجد، مع كثرتنا العددية على سطح الكرة الأرضية، وما ذاك إلا بسبب تفريطنا في تعاليم ديننا، وقلة صدقنا، وفشوا جهلنا. فما أجدرنا أن يكون الصدق رائداً لنا في جميع أعمالنا وأقوالنا! وليس ذلك على همة المسلم المخلص ببعيد. فالصدقُ ثقافةُ مجتمع، ومسئولية كل فرد».
وأفاد القطان بأنه «إلى جانب الفضائل والمحامد التي يغرسها الإسلام في النفوس، كوسيلة للصلاح والإصلاح، إلى جانبها نقائص ورذائل حاربها الإسلام، لأنها مزلة للأقدام وعوامل للهبوط النفسي والخلقي، وفي طليعتها الكذب، فهو من أقبح النقائص، وأردى الرذائل...، كما أن الكذب جبن وخسة وجرأة على الله عز وجل، يستحق الكاذب من أجلها اللعنة والطرد».
وأكد أن «الكذاب لن ينجح ولن يفلح في حياته، ولن يهتدي إلى الحق والخير أبداً، فسينكشف للناس عن جبن وخسة تجعل الخيبة ملازمة له في شأنه كله...، فما أجدر من اعتاد الكذب، بأن يُنبذ من المجتمع ويُهجر، ويُقاطع فلا يُعامل، ولا يُصاحب ولا يُجاور!.
وبيّن أن «درجات الكذب تتفاوت في دنيا الناس بقدر ما يحدثه من خطر وضرر، فأعظم الكذب إثماً القول على الله بغير علم، والجرأة على التحريم والتحليل دون نص واضح، يلي ذلك الكذب السافر، الذي يتردد صداه، والذي يقرره أربابه، وكأنه حقيقة لا تقبل الشك، فيبلغ الدنيا، وتبلبل به أفكار المجموع، وقد يكون سبباً في إثارة فتن عمياء، أو تأريث نار العداء».
وأوضح إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي أن «في أعقاب الزمن المعاصر، لنا من أمثال ذلك أشكالاً وألواناً، تمثلها نفوس ضعيفة، وأرواح خبيثة شريرة، وأقلام مأجورة، حين يقلب أهلها الحق باطلاً، والحسنات إلى سيئات، وحين يختلقون الأكاذيب المضللة التي تسير تبعاً للأهواء والأغراض والمصالح، ولا يعنيها تقرير الواقع، عارياً عن الزيف، والإدلاء بشهادة الحق، إقراراً للعدل، واستجابة لأمر الله».
وأردف قائلاً: «يلي الكذب السافر، كذب مشاع بين المجموع، فمن مقلّ منه ومن مكثر، يشمل جميع الطبقات في مختلف مجالاتهم، لا يتورع عنه إلا من عصمه الله وهداه».
العدد 3843 - الجمعة 15 مارس 2013م الموافق 03 جمادى الأولى 1434هـ
شكرا
وأوضح إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي أن «في أعقاب الزمن المعاصر، لنا من أمثال ذلك أشكالاً وألواناً، تمثلها نفوس ضعيفة,صدقت في هذا ياشيخ'هذه النفوس الضعيفة التي إبتلينا بها وهم من جلبوا من الخارج.
من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم
يا سماحة الشيخ ألم تسمع ما يحصل من أطهاد لطائفة بأكملها ومن أراقت الدماء في البحرين ، النفاق عن ما يحصل لا يجدي وصدق الحديث يتطلب قول الحق أليس نحن بمسلمين ؟
شكرا لكم فضيلة الشيخ
لو ان مثل هذه الخطابات كانت سائدة ورائجة لكل من يعنيه امن واستقرار الوطن والمواطنين من علماء وسياسيين ومثقفين واعلاميين وصحفيين وكتاب لكانت البحرين اليوم واحة امان وسلام لكن ولو ان الخطاب جاء متأخرا خيرا من لا ياتي مطلقا . فشكرا لكم فضيلة الشيخ
القطان: الصدق شرط لتقدم المجتمع وواجب على كل موظف وصاحب حرفة