العدد 1517 - الثلثاء 31 أكتوبر 2006م الموافق 08 شوال 1427هـ

إثخان «جسد السُنة السياسي» بالعسكرة!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

لا يمكن الوصول إلى مجتمع مدني، وحراك سياسي فعال في المجتمع البحريني في ظل عسكرة نصف المجتمع، أي إلحاق نصف المجتمع بالقطاع العسكري.

تمثل العسكرة، التي جرت لمعظم أبناء أهل السنة والجماعة، قاصمة ظهر، ومقوضا أساسيا لبناء الشخصية البحرينية «السنية»، إضافة إلى الضربات الأمنية المتلاحقة التي شملت الكثير من أبناء السنة المنضوين تحت لواء التنظيمات السياسية الوطنية (يسارية، قومية، بعثية... إلخ).

للعسكرة آثار متعددة، ألقت بظلالها على الوعي السياسي لدى أبناء أهل السنة والجماعة، وعزوفهم القسري عن المشاركة في قضايا الشأن العام. ناهيك عن استخدامهم (العسكر) كـ «جماعة وظيفية» تؤدي أدوار السمع والطاعة للأوامر والنواهي العسكرية، وعزز من ذلك إشاعة بعض التيارات الإسلامية السنية فكرة «ولي الأمر»، في دولة مدنية يشير دستورها إلى المواطنين وليس الرعايا.

ومن المناسب تكرار الحديث عن «عسكرة أهل السنة والجماعة» لكي تدور رحى الكلام، وتتفتق الأذهان للخروج من هذا المأزق الذي وضعتنا السلطة السياسية أمامه. وفي هذا الجانب سأتناول آثار العسكرة ـ مرة أخرى ـ من خلال إعادة طرح آثارها، ولعل في الإعادة إفادة:

أولاً: انقطاع «العسكري» عن التحصيل العلمي العام والمفيد فيما بعد انعتاقه عن القطاع العسكري. والشواهد كثيرة على ذلك أدناها حال المتقاعدين العسكريين، وقريباً من حالهم حال الذين تركوا الخدمة العسكرية.

ثانياً: الأثر الاجتماعي، فالعسكري محروم من الحديث عن هموم الشأن العام، وغير مسموح له بطرح أفكاره ورؤاه، ويتجلى ذلك بوضوح في المناسبات الاجتماعية والسياسية.

ثالثاً: الأثر الفكري، فالثقافة العامة محصورة في كتب محددة، وغير مسموح للعسكري بالاطلاع بصورة معمقة على نتاجات العالم المتقدم والحديث بشأنها. وأعني: الإنتاج الثقافي والأفكار والنظريات السياسية والاجتماعية التي تتطور بصورة مذهلة في عالم اليوم.

رابعاً: التهميش الاقتصادي للعسكر. الانحسار عن المساهمة الفعلية في المناشط التجارية المختلفة في البلاد، أدى بطبيعة الحال إلى الاعتماد الكلي على الرواتب فقط، إذ إن الأنظمة والتعليمات العسكرية تمنع من ممارسة أية أنشطة تجارية. وبالتالي من الصعوبة بمكان تطوير الدخول المتدنية أساساً وعموماً للمدنيين فضلاً عن العسكريين. ولذلك نجد غالبية العسكر يمارسون مهن بيع وشراء السيارات والهواتف النقالة... إلخ، وهي مهن لا تدر سوى القليل جداً، الذي لا يكفي لسد الرمق!

خامساً: العسكري والخضوع التراتبي. ينسحب نظام العسكر في الطاعة والانقياد على الفرد في المجتمع، وبالتالي فهو في حاجة دائمة إلى قائد اجتماعي بعد أن عاش ردحاً من الزمن تحت إمرة قيادة عسكرية. وتم استغلال هذه النفسية في الكثير من المواقف الاجتماعية والسياسية، ويتضح ذلك جلياً إبان الانتخابات، والمنعطفات التي مرت بالبلاد.

قد يقول قائل: إن العسكر يجب أن يحيّدوا. وهذه النقطة تحديداً نتفق عليها، ولكن بشرط شمول العسكرة جميع أبناء الوطن، أما والحال كحالنا في البحرين، فإننا في حاجة إلى حماية «العسكر» من عدة جوانب لعل أبرزها عدم التأثير على إرادتهم، وبالتالي تعديل القوانين بما يتناسب والظرف الموضوعي، ومن ثم السماح للعسكر بالمشاركة في الانتخابات، مشروطة تلك المشاركة، بالسماح لهم بممارسة جميع حقوقهم المدنية كمواطنين فاعلين في الشأن العام، ومتفاعلين مع قضايا المجتمع.

لن نصل إلى وعي سياسي وحراك اجتماعي صحي في ظل هذا التغييب القسري لنصف المجتمع، وإثخان جسد السنة السياسي بمثل هذه العسكرة، التي ضررها أكبر من نفعها على أبناء أهل السنة والجماعة ومستقبلهم في البلاد ومستقبل المجتمع السياسي في البحرين عموماً

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1517 - الثلثاء 31 أكتوبر 2006م الموافق 08 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً