العدد 1517 - الثلثاء 31 أكتوبر 2006م الموافق 08 شوال 1427هـ

ريادة بحرينية تخترق سينما الأطفال الخليجية

حباب وكلاب الساحر

سينما الدانة - منصورة عبدالأمير 

31 أكتوبر 2006

دائماً هي البحرين كذلك، سباقة ورائدة على جميع الأصعدة، الثقافية الفنية خصوصاً، فمنذ القرن الماضي كانت هي أول من احتضن كثيراً من الإنتاجات والإبداعات الفنية خليجياً، سواء المسرحية منها أو الدرامية أو حتى السينمائية. اليوم تثبت البحرين ريادتها تلك مرةً أخرى، إذ تحمل شرف تقديمها أولى المحاولات السينمائية الموجهة إلى الطفل خليجياً، وذلك عبر فيلم «حباب وكلاب الساحر» الذي بدأت دار سينما الدانة عرضه في غرة عيد الفطر المبارك.

الفيلم الذي كتبه السيناريو الخاص به وأخرجه الكاتب البحريني المعروف حمد الشهابي، جاء مغامرة جريئة، محسوبة نعم، لكنها - على أية حال - تحدٍ كبير قبلت مؤسسة المسرح الأهلي للإنتاج الفني والتوزيع دخوله على الأقل لكونها أول تجربة سينمائية خليجية موجهة إلى الأطفال. عدا ذلك كانت المؤسسة على علم بكل ما يحيط بهذا الانتاج من صعوبات وعراقيل تقنية أو اخراجية أو غير ذلك، لكن المؤسسة اعتمدت على تاريخها الطويل والناجح في تقديم أعمال راقية تمكنت من خلالها من مخاطبة الأطفال ودخول عالمهم. هذه الانتاجات التي بدأت بعد 3 سنوات من تأسيسها العام 1979، وتحديداً العام 1982 إذ قدمت أول مسرحياتها الغنائية على خشبة المسرح الأهلي وهي من تأليف الشاعر علي الشرقاوي، بينما قام حمد الشهابي بكتابة نصها المسرحي.

كذلك وجدت المؤسسة في الشهابي ضالتها المنشودة، وهو الكاتب ذو الباع الطويل في كتابة السيناريو عموماً، إذ ألَّف الكثير من الأعمال الدرامية المحلية والخليجية من أهمها «تالي العمر»، «بوهباش»، «عجايب زمان»، و «مواطن طيب». وهو - أي الشهابي - كذلك الكاتب المتمرس في الكتابة للأطفال والذي حققت مسرحياته نجاحات باهرة لتمكنها من مخاطبة الأطفال ودخول عالمهم.

وطوال 13 عاماً، استمرت المؤسسة في توجيه عطائها إلى الأطفال عبر أعمالها الهادفة التي تحمل في مضامينها كثيراً من الدروس والعبر التي تغرس أجمل وأرقى المعاني والقيم في نفوسهم، وآخر أعمالها الغنائية الجميلة جاء في صيف العام الماضي حين قدمت مسرحية «ترن ترن» وهي كذلك من تأليف الشهابي.

هذا العام أرادت المؤسسة أن تعود إلى جمهورها لكن بعمل مختلف لا في مضامينه وأهدافه فحسب بل في نوعه وأسلوب طرحه. أرادت المؤسسة أن تطرق باب الانتاج السينمائي وتقتحم هذه الصناعة التي أضحت اليوم ذات تأثيرات كبرى لا يمكن تجاهلها.

اعتمدت عملا قام عبدالقادر عقيل بترجمته الى العربية، ليقوم الشهابي بتحويله الى فيلم سينمائي روائي موجه إلى الأطفال، ويعد كما ذكرنا أول عمل روائي سينمائي خليجيا، مرة أخرى ليأخذ البحرين الى موقع الريادة، وهو كما يصف الشهابي «السهل الممتنع». وبحسب الشهابي فإنه كان يمكن تحويل القصة الى عمل درامي أو مسرحي ضخم، لكنه أراد اقتحام عالم السينما وأخذ البحرين الى مصاف الدول التي خاضت هذه التجربة.

وفكرة العمل الدرامي لم تطرق بال الشهابي، على رغم ما قد يبدو لمشاهد العمل، من إمكان تحويلها إلى عمل درامي تلفزيوني يمكن أن تعرضه جميع المحطات الخليجية قد يكون كفيلا باستعادة تلفزيون البحرين أمجاده السابقة في مجال الأعمال الموجهة إلى الأطفال.

لكن الشهابي وجد في العمل الدرامي مغامرة، ليست فنية تقنية أو على مستوى الاخراج والكتابة كما هي مغامرة العمل السينمائي، بل مغامرة تسويقية، إذ قد لا يتمكن من توزيع عمله وعرضه في بعض المحطات الخليجية مثل السعودية وعمان.

أما تحويل القصة إلى عمل مسرحي فكان أمرا سيتم بمنتهى السهولة، وكان يمكن للشهابي - كما يؤكد - عمل ديكور مسرحي ضخم يصل الى 30 متراً، يضمن جزءاً كبيراً من نجاح العمل، لكنه أراد أن يقدم عملاً سينمائياً يضع من خلاله بذرة صناعة سينمائية بحرينية، وهو ليس متخوفاً من خوض هذه التجربة التي يصفها كثيرون بالمغامرة، بل إنه على علم بكل مخاطرها وصعوباتها، إذ يقول: «وأعلم تماماً أن العمل السينمائي يحتاج الى صبر طويل ويستغرق فترة طويلة».

فعلاً استغرق العمل على فيلم الشهابي الذي لا تصل مدته إلى الساعتين (ساعة و45 دقيقة) سنة كاملة، وتم تصويره في مواقع مختلفة في البحرين، إذ منه ما صُوِّر في ضاحية اللوزي وقلعة أحمد الفاتح في الرفاع، كما تم تصوير باقي المشاهد في عمان، مدينة صلالة وضلكوت تحديداً.

وكما يذكر الشهابي في حديثه إلى الصحافيين «كان إنتاج الفيلم متعباً لكن اصرار جميع أفراد طاقم العمل على اتمامه ذلل جميع الصعوبات، وسهل إنتاج الفيلم».

يتناول فيلم «حباب وكلاب الساحر» العائلي مغامرة مشوقة ومثيرة، يعيشها الأطفال مع «حباب» الفتى الطيب، المحب للخير الذي يسافر طلبا للعلم بحسب رغبة والده، وهو على رغم معارضة والده لما عاد به اليه فإنه يتمكن من أن يحقق منفعة كبرى من ذلك العلم. وأكثر ما يميز العمل اضافةً الى الدروس القيمة التي يقدمها إلى الأطفال، هو العودة الجميلة للفنان محمد ياسين (بابا ياسين) الذي جاء في دور الراوي لحوادث الفيلم. هذا الفنان المبدع الذي يمكن الجزم بتعلق كثيرين من أطفال الخليج به وهو صاحب الخبرة الطويلة التي تمتد ثلاثين عاما في مجال تقديم أعمال الأطفال.

كذلك ضم نخبة من أبرز الممثلين المسرحيين الذين يتألقون جميعا بأداء رائع جميل على رغم كون العمل أولى تجاربهم السينمائية. وهم يبررون ذلك بقرب الأداء السينمائي من المسرحي على عكس ذلك المقدم في دراما.

يبرز من بين هؤلاء حسين العلوي في دور المهرج جوجو، الذي استطاع بخفة ظله ورشاقة حركاته لفت انتباه مشاهدي الفيلم، كما ظلت الصالة تمتلئ بضحكات الصغار والكبار كلما ظهر على الشاشة. «جوجو» أو العلوي قدم عدداً من الأغنيات الجميلة التي أضفت على الفيلم جواً مرحاً وممتعاً يبهج المشاهدين الصغار. كذلك تتألق غادة الفيحاني في دور امرأة عجوز تقطن الغابة يلتقيها «حباب» في بداية مشواره لتقدم إليه نصيحة مهمة.

كذلك تميز الفيلم بتحقيقه مفهوم العمل الخليجي المشترك، على رغم كونه ريادة بحرينية، فـ «حباب» هو الممثل السعودي أحمد الحسن، كما يشترك في العمل عدد من الممثلين العمانيين.

لاتزال سينما الدانة تعرض «حباب وكلاب الساحر» ولايزال الاقبال على مشاهدته كبيرا من الجمهورين البحريني والخليجي، كما يفترض أن يتم عرضه قريبا بدور العرض العمانية، تحديدا في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل بينما يفترض عرضه في دولة قطر في عيد الأضحى المبارك. ولاتزال مؤسسة المسرح الأهلي تنتظر نجاح عملها هذا لتفكر في تقديم انتاج آخر يؤكد الشهابي انتهاءه من كتابة السيناريو الخاص به، وهو الذي خاض لحد الآن تجربتي كتابة سينمائيتين تعد هذه ثانيهما بينما جاءت الأولى العام 1994 في فيلم الرعب «بيت الجن»

العدد 1517 - الثلثاء 31 أكتوبر 2006م الموافق 08 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً