لأننا نعيش في عالم مليء بالتعقيدات، صار تفكيرنا معقداً. نبحث عن الصعب حتى في أكثر الأشياء بساطةً، من غير وعيٍ بما نفعل.
نبحث عن الصعب المعقّد الذي يحرمنا متعة السعادة الناتجة عن حصولنا على حلول سهلة سريعة لما يعترض طريقنا من مصاعب ومشاكل.
وإشكالية تعقيد المشاكل دون وعي، لا تواجه الأفراد بصيغتهم الفردية وحسب؛ بل إنها تواجه أرقى المؤسسات الصناعية والعلمية أيضاً؛ فقديماً عندما بدأت وكالة «ناسا» الفضائية في الإعداد لرحلاتها للفضاء الخارجي واجهتهم مشكلة عدم استطاعة رواد الفضاء الكتابة بواسطة الأقلام بسبب انعدام الجاذبية التي تساعد في نزول الحبر على الورق، فقاموا بأبحاث استمرت عشر سنوات للحصول على قلم حبر يتجاوز هذه المشكلة، ومشكلة الكتابة على السطوح الملساء في ظروف تتجاوز درجة حرارتها 300 درجة مئوية، بينما فكّر الروس باستخدام أقلام الرصاص ببساطة عندما واجهتهم ذات المشكلة ليكون بديلاً لأقلام الحبر، من غير الحاجة للتأخر في توفير البديل أو صرف مبالغ طائلة على الأبحاث والتجارب التي قد توصلهم للحل.
في الحياة العامة التي نعيش، تعددت الفرص، وتعددت الحاجات وتعقّدت؛ وبالتالي فإن الأمور كثيراً ما تبدو لنا أصعب مما نتخيل، وأعقد بكثير مما هي عليه على أرض الواقع حين ننظر إليها بعين المرتاب الذي يتوقع أنها لن تغدو على ما يرام، ولن تمرّ بسهولة، مع وجود كل هذا التنوع من حولنا، وكل هذا التطور في أنماط الحياة وتوافر التكنولوجيا والتقنية، في حين إننا قد نراها بسيطة سهلة، لو أننا مررنا بذات المشكلة في سنّ مبكرة، أو في وضع كانت فيه الحياة أبسط والخيارات أقل، وهو ما يفسّر أحياناًً قيام أحد الأطفال من حولنا بحل مشكلة كانت عصية على الحل لدينا؛ ذلك لأنه يفكر تلقائياً في الحل، فيما نركّز نحن أحياناً في المشكلة دون الالتفات إلى الحلول المتوافرة لها، فتكبر القضايا وتتعقد حين نحمّلها ما لا تحتمل وما لا يوجد بها، لو أننا بحثنا في الحل لا في أبعاد المشكلة ومآلاتها ومستقبلها، والخيارات المتوافرة لكل حل وكل بديل.
في اليابان حدث خللٌ في التعليب في أحد مصانع الصابون؛ فاضطرت إدارة المصنع لصناعة جهاز يعمل بالأشعة لمعرفة العلب الفارغة وتوظيف عامل يبعدها عن خط التسليم، وحين واجه أحد المصانع الصغيرة المشكلة ذاتها قاموا بوضع مروحة إلكترونية ضبطت مسبقاً بما يتناسب ووزن العلبة الفارغة لتسقط من تلقاء نفسها من خط التسليم من دون الحاجة إلى تعقيد المشكلة والحل.
وهنا يكمن الفرق بين البارع في إيجاد الحلول والبارع في خلق مشاكل من أبسط عثرةٍ تواجهه، بين من يفكّر فيما ليس موجوداً ومن يفكّر في الخيارات التي تتوافر أمام عينيه أولاً، بين من يفكّر داخل الصندوق ومن يفكّر خارجه وحوله وبعيداً عنه.
البساطة في كثير من الأحيان نعمة تقينا الكثير من التعب، وتهبنا الكثير من النجاحات، ولنا في رسول الله (ص) خير أسوةٍ، فكان حين يُخيّر بين أمرين يختار أيسرهما.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3841 - الأربعاء 13 مارس 2013م الموافق 01 جمادى الأولى 1434هـ
مقال رائع
البساطة مطلوبة في جميع إمور حياتنا لمواجهة تعقيدات الحياة.
بالبساطة نشعر بالراحة والسعادة في حياتنا.
ومن يسلك غير ذلك يدفع ثمن من أمواله وسعادته وصحته
المجاملة سوق من اسواق النفاق؟
صحيح ان الجمال في البساطة... و تمنيت على المعلقين ان ينهجوا سبيل البساطة في التعليق ويتركوا المجاملة...لان المقال عادي جدا وليس به اضافة فكرية ...وفسر الماء بعد الجهد بالماء...والمقال اخبار بمعلوم
ويش فيك منقهر ؟
استغرب من الناس اللي يحجرون علي اراء الناس المقال جميل جدا واتت الوحيد اللي مو عاجبنك يعني العيب في ذوقك
النقد صحيح وبناء...
لم يعجبني كلام ويش فيك منقهر..كل شخص له الحق في ابداء رايه وغير ملزم بالتصفيق...واعتقد ان المقال عادي
موضوع راقي
تسلم الانامل ....
الحياة بكل تعقيداتها تنحصر في تامل ساعة ولكننا لا نرتضيها الا بعبادة الف سنة ... هكذا هو الانسان المادي .
أحبك في الله
مقال جميل :) يعطيك العافية إختي سوسن ووفقك الباري ويسر لك كل سبل الخير.. أحبك في الله
مقال عميق
شكرا سوسنة الماء على هذه المقالات التي تنمي قدراتنا
اقترح ان تقومين بدورات في هذه الجوانب
البساطة نعمة
نعم البساطة نعمة و الحلول كثر
مقال رائع
اعجبني مقالك
بارك الله فيك