العدد 3839 - الإثنين 11 مارس 2013م الموافق 28 ربيع الثاني 1434هـ

مناهضو الأسلحة النووية ينتقلون من النرويج إلى البحرين

حملة تحرير العالم من الأسلحة الذرية:

بعد أسبوع كامل من الأنشطة المكثفة في عاصمة النرويج، أوسلو، انتقل المناهضون الرئيسيون للأسلحة النووية إلى العاصمة البحرينية، المنامة، هذا الأسبوع في خطوة إضافية على طريق جهودهم للقضاء على هذه الأسلحة.

وشدد ممثلوهم لدى الإعلان عن معرض للصور الفوتوغرافية ضد الأسلحة النووية على أن «الأسلحة النووية هي أكثر أدوات الحرب اللاإنسانية والمدمرة، وهي في ذروة هرم العنف في هذا العالم المترابط أكثر فأكثر».

كما قال المنظمون إن تهديد الأسلحة الذرية ليس أمراً من الماضي، بل ويمثل أزمة كبرى اليوم.

وتنظم هذا المعرض منظمة «سوكا غاكاي» غير الحكومية الدولية ومقرها طوكيو، بدعم من «الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية»، ورعاية وزارتي الخارجية البحرانية واليابانية، وشراكة وكالة إنتر بريس سيرفس. وعنوان المعرض هو «نحو عالم خالٍ من الأسلحة النووية».

وأفاد هيروتوغو تيرازاكي، المدير التنفيذي لشئون السلام في منظمة «سوكا غاكاي»، وكالة إنتر بريس سيرفس، أن «هذه أول مرة يقام فيها هذا المعرض في دولة عربية... ويأتي ذلك في وقت تكتسب فيه جهود التحرك خطوة أخرى زخماً كبيراً نحو تحقيق تطلع الإنسان للعيش في عالم خالٍ من الأسلحة النووية».

وأضاف تيرازاكي أن «مجرد وجود هذه الأسلحة اللاإنسانية يعني خطراً كبيراً». ويشغل تيرازاكي أيضاً منصب نائب رئيس هذه المنظمة البوذية الناشطة في خدمة تعزيز السلام والأمن الدوليين، وتمتاز بعضوية 12 مليون شخص في مختلف أرجاء الأرض.

ولدى سؤاله عن الحجة التي تلجأ إليها القوى النووية التي تمتلك هذه الأسلحة بأنها هي الضمانة الرئيسية للسلامة والأمن - فيما يسمى بـ «نظرية الردع»، أجاب تيرازاكي، «يجب أن يتجاوز العالم الآن هذه الخرافة».

فالأمن يبدأ بالاحتياجات البشرية الأساسية: المأوى، والهواء الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه، والمواد الغذائية. ويحتاج الناس إلى العمل، والاعتناء بصحتهم، ولحمايتهم من العنف، وفقاً لمعرض منظمة «سوكا غاكاي».

وسألت وكالة إنتر بريس سيرفس تيرازاكي: لماذا التركيز على الأسلحة النووية... ولماذا تختلف عن الأنواع الأخرى من الأسلحة الفتاكة؟

فأجاب، «تختلف الأسلحة النووية عن الأنواع الأخرى (أو «التقليدية») في جانبين رئيسيين. الأول هو قوتها التدميرية الساحقة. فالقنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما عام 1945 تسببت في انفجار يعادل نحو 13 كيلوطن من مادة تي إن تي... ونتيجة لذلك لقي 140,000 حتفهم في نهاية ذلك العام».

وأضاف، «ومنذ ذلك الحين تم تطوير الأسلحة النووية بقوة تفوق 50 ميغاطن، أي عدة آلاف المرات أقوى من القنبلة التي أسقطت على هيروشيما».

وفي حين يمكن للأسلحة التقليدية أن تميز بين الأهداف العسكرية والمدنية إلى حد ما، إلا أن الأسلحة النووية تقتل دون تمييز بسبب قوتها التدميرية الهائلة، التي تدمر جميع أشكال الحياة على نطاق واسع، وفقاً لتيرازاكي.

ويقول تيرازاكي، «الجانب الثاني المهم هو النشاط الإشعاعي الذي تخلفه الأسلحة النووية وراءها. فبعد إطفاء الحرائق الناجمة عن الانفجار وعودة الصمت، يظل تأثير النشاط الإشعاعي لعدة أشهر ويمكن أن يسبب سرطان الدم أو أنواع أخرى من المرض، كما يؤثر على الناس الذين يدخلون المنطقة بعد التفجير. وعلاوة على ذلك، غالباً ما يتم توريث الأمراض للأجيال التالية».

هذا وقد استضاف مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج والداعم لهدف المعرض وشعاره، مؤتمراً صحافياً في الحادي عشر من هذا الشهر لتقديم معرض منظمة «سوكا غاكاي» بعنوان «من ثقافة العنف إلى ثقافة السلام» الذي يعقد في المنامة من 12 مارس حتى 23 مارس.

ويذكر أن المعرض، قبل أن ينتقل إلى البحرين، أقيم في 230 مدينة ضمن 29 دولة، وترجم إلى ثماني لغات، والآن باللغة العربية للمرة الأولى. ومن أهدافه الرئيسية في البحرين المساهمة في النقاش حول الشرق الأوسط كمنطقة خالية من الأسلحة النووية.

وصرح وزير الدولة البحريني للشئون الخارجية، غانم البوعينين في المؤتمر الصحافي للإعلان عن المعرض، أنه «يعبر أصدق تعبير عن روح الإسلام الصافية، فلإسلام من منطق اسمه هو دين السلام وهو دعوة للمحبة الشاملة والاسلام الدائم».

وأضاف، «ولكن للأسف جرى تشويه صورة الإسلام ومبادئه السامية لأغراض لا داعي لذكرها».

وعن غاية «نحو عالم خالٍ من الأسلحة النووية»، أشار الوزير إلى أن «أكبر مشكلة تهدد الأمن والسلام العالميين هي مشكلة سباق التسلح وبخاصة التسلح النووي سواء على المستوى العالمي أو على المستوى الإقليمي».

وأخص البوعينين بالذكر التفجير النووي الثالث من قبل دولة كوريا الديمقراطية في الشهر الماضي «ما يؤذن بسباق تسلح نووي إقليمي».

وأشار الوزير أيضاً إلى البرنامج النووي الإيراني «الذي أكدت إيران أنه للأغراض السلمية، ولكن ومع ذلك فإن له تأثيرات بعيدة المدى على منطقة الخليج العربي بالنسبة للبيئة والحياة الفطرية والبحرية، أو بالنسبة للإشعاع والتلوث فضلاً عن المخاطر الأمنية الجمة لو تحول البرنامج إلى برنامج نووي عسكري».

وبدوره، أكد السفير الياباني في المنامة، شيغيكي سومي، الذي دعم بقوة تنظيم معرض منظمة «سوكا غاكاي»، في المؤتمر الصحافي، أن المفهوم التقليدي للأمن الذي يستند على القوة العسكرية قد أصبح «لا معنى له».

وقال سومي إن هذا المفهوم قد تغير إلى «الأمن البشري». وأكد من جديد على التزام اليابان بإلغاء الأسلحة النووية. ومن المعروف أن اليابان هي الدولة الوحيدة التي عانت من العواقب الكارثية على الإنسان للقصف النووي الأميركي خلال الحرب العالمية الثانية.

ومن جانبه، أكد ناصر حسين بردستاني - الناشط الإقليمي للحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية، في البحرين، والذي لعب دوراً رئيسياً في تنظيم المعرض المناهض للأسلحة النووية - على الحاجة للمضي قدماً على طريق «الدبلوماسية الإنسانية» لتحقيق هدف تحرير الكوكب من الأسلحة النووية.

وذكر بردستاني بأنه تم حظر الأسلحة البيولوجية في عام 1975، والأسلحة الكيميائية في عام 1997؛ والألغام الأرضية في عام 1999، والقنابل العنقودية في عام 2010. «وقد حان الوقت الآن لإلغاء الأسلحة النووية».

هذا وقد شاركت منظمة «سوكا غاكاي» الأسبوع الماضي في حدثين مهمين مناهضين للأسلحة النووية في أوسلو، أولهما كان منتدى المجتمع المدني الذي نظمته «الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية» (مارس 2-3) بمشاركة أكثر من 500 من النشطاء والخبراء والعلماء والأطباء، وذلك بدعم من الحكومة النرويجية.

وأعقب ذلك المنتدى مؤتمر مشترك بين الحكومات (مارس 4-5) نظمته النرويج وشارك فيه ممثلو 127 دولة، والأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والصليب الأحمر والهلال الأحمر، بالإضافة إلى المجتمع المدني.

ومما كان لافتاً للانتباه هو التغيب الكامل للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي عن مؤتمر أوسلو الحكومي، علماً بأن هذه الدول هي أكبر القوى النووية، بالإضافة لأربعة دول أخرى تمتلك أسلحة نووية (الهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية)، وتحوز كلها ما مجموعه 19,000 رأس نووي.

ووفقاً لمعهد إستوكهولم الدولي لبحوث السلام، ففي بداية عام 2012 كانت ثماني دول تمتلك ما يقرب من 4,400 من الأسلحة النووية المتأهبة للإطلاق، ويحفظ نحو 2,000 من هذه الأسلحة في حالة تأهب تشغيلي عالية».

ويضيف المعهد، «إذا تم عد كل الرؤوس الحربية النووية - أي الرؤوس التي يمكن تشغيلها، والبدائل، وتلك الموجودة في التخزين النشط وغير النشط، والرؤوس الحربية السليمة المقرر تفكيكها - فإن الولايات المتحدة، وروسيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والصين، والهند، وباكستان، وإسرائيل تمتلك كلها نحو 19,000 سلاح نووي».

هذا ولقد أطلق رئيس منظمة «سوكا غاكاي»، الزعيم البوذي البارز دايساكو ايكيدا، اقتراحاً عالمياً للسلام يتكون من ثلاث مراحل رئيسية، ويهدف للسير نحو تحقيق غاية عالم خالٍ من الأسلحة النووية كنقطة انطلاق لجهد أكبر لنزع السلاح العالمي بحلول عام 2030.

وفي اقتراحه للسلام لعام 2013، حث ايكيدا المنظمات غير الحكومية والحكومات التطلعية بإنشاء فريق عمل يبدأ قبل نهاية العام في عملية صياغة اتفاقية لحظر الأسلحة النووية، وهي التي تبتلع أيضاً 105 مليارات دولار عاماً بعد عام.

في هذا الإطار، أفادت «الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية» بأن أكثر من 300 من البنوك وصناديق التقاعد وشركات التأمين ومديري الأصول في 30 بلداً تجري استثمارات كبيرة في قطاع الأسلحة النووية.

وتوفر دراسة الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية المعنونة «لا تراهن على القنبلة»، تفاصيل للمعاملات المالية لـ 20 شركة تشارك بكثافة في تصنيع وصيانة وتحديث القوى النووية الأميركية والبريطانية والفرنسية والهندية.

العدد 3839 - الإثنين 11 مارس 2013م الموافق 28 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً