تواجه سريلانكا موجة جديدة من الوحشية تتعرض فيها الأقلية المسلمة للعنف والاضطهاد على أيدي البوذيين المتشددين في أغلب الأحيان. وتعرض مسلمو سريلانكا للعشرات من الهجمات في الأسابيع الأخيرة، كما انتشرت تهديدات بالقتل على نطاق واسع فيما يبدو أنه جزء من حملة متزايدة لتدمير المجتمعات المسلمة أو إبعادها إلى المنفى.
كما تم على نطاق واسع تهديدات بالقتل عنها في ما يبدو أنه جزء من حملة متزايدة لتدمير المجتمعات مسلم أو طردهم إلى المنفى.
وقد اتُهم مسئولون سريلانكيون بتشجيع العداء تجاه المسلمين بشكل علني، و تهدد مثل هذه الادعاءات بتقويض الجهود الهشة الرامية إلى تعزيز الانسجام العرقي في جزيرة ماتزال تعاني من نهاية الحرب الأهلية الدامية بين القوات الحكومية والمتمردين التاميل العام 2009.
و بما أن اهتمام العالم ما يزال منصباً على الفظائع الموثقة جيداً التي ارتكبها الجانبان أثناء الحرب فإن محنة مسلمي الجزيرة المهمشين مهددة بتجاهل المجتمع العالمي لها.
و قد تسارعت وتيرة جهود اضطهاد المسلمين في الأسابيع الأخيرة، وتزامنت مع ظهور بودو بالا سينا - أو قوة البوذيينالأشداء- وهى جماعة ضغط يتزايد تشددها وتقوم بدعم البوذية والمصالح الثقافية للأغلبية السنهالية في البلاد.
تضم الجماعة بين صفوفها العديد من الرهبان البوذيين، وقد قامت الشهر الماضي بحشد آلاف المؤيدين في العاصمة السريلانكية كولومبو للمطالبة بإلغاء الذبح الحلال وفقاً للشريعة الإسلامية.
وطالبوا أيضاً بتدابير لزيادة الهيمنة السنهالية في سريلانكا، وتشمل هذه التدابير وضع إنهاء تحديد النسل حتى تزيد أعداد السكان السنهاليين، والمطالبة بنفي بعض أنصار الإسلام.
و كذلك صار التخويف من جوانب أخرى من الحياة اليومية الإسلامية شائعاً بصورة مقلقة في سريلانكا، كما أدان المتطرفون الذين يسعون لتأجيج الكراهية الطائفية إطلاق الرجال اللحى و ارتداء النساءالحجاب و الأذان للصلاة.
و تصر جماعة بودو بالا سينا على أنها لا تشارك في أي تخويف أو عنف موجه ضد المسلمين، و تلقي باللوم على جماعات مكررة.
ومع ذلك فإن اضطهاد المسلمين من خلال شن هجمات على المساجد والتهديد بالقتل والمقاطعة التجارية والاستيلاء على الأملاك آخذ في الارتفاع، و ثمة أيضاً بعض الادعاءات بأنه قد تم تعقيم بعض النساء قسراً.
وقد حث رئيس سريلانكا ماهيندا راجاباكسا البوذيين على تعزيز الانسجام الديني، ولكن في بعض الحالات اتُهم مسئولون كبار في الحكومة بدعم سياسات رامية إلى تقييد أنشطة المسلمين و حتى بالمشاركة في العمل المباشر.
ويقول المسلمون أن بعض عناصر وسائل الإعلام الرئيسية في سريلانكا يسعون لإضفاء الشرعية على القيود المفروضة على الحريات الدينية من خلال تصوير البلاد كأمة البوذية تواجه خطر الأسلمة العدوانية، و يخشون أن مثل هذه الآراء تحظى بدعم على أعلى مستوى.
وقد أمرت الحكومة في شهر أبريل الماضي بإزالة مسجد في دامبولا -و هى بلدة مزارات دينية بوذية شمالي العاصمة كولومبو - بعد ادعاءات متنازع عليها بأن المسجد - و عمره 60 عاماً - قد بنى على أرض تابعة لمعبد بوذي.
وأصدر رئيس الوزراء دي مو جاياراتني الأمر بعد حادث تزعم فيه رهبان بوذيون حشداً من الغوغاء و حاولوا اقتحام المسجد أثناء صلاة الجمعة، و اخترق المحتجون حواجز الشرطة وأحدثوا أضراراً بالمبنى وأتلفوا المصاحف و كتباً دينية.*
أجج الحادث التوترات العرقية والدينية التي كانت مرتفعة بالفعل في أعقاب الحرب الأهلية، وأثار ذلك المخاوف من أنه بعد سنوات من إذكاء التطرف البوذي لتحقيق مكاسب سياسية خلال الحرب الأخيرة والانتخابات التالية فإن الحكومة قد خلقت قوة غاشمة لايمكن توقع أفعالها وصارت الحكومة غير قادرة أو غير راغبة في السيطرة عليها.
يشكل السنهاليون ثلاث أرباع سكان سريلانكا البالغين واحد وعشرين مليون نسمة، ويتميزون عادة بالتسامح نحو المسلمين، و بعد طرد 72000 مسلم طرداً قسرياً من الاراضي الشمالية التي يسيطر عليها التاميل في العام 1990نشد القادة السنهاليون دعم المسلمين في المعركة.
ولكن ثمة الآن مخاوف من أن الهجوم على مسجد دامبولا قد يكون حافزاً لمزيد من العنف الطائفي على نطاق واسع في سريلانكا مثلما أدى تدمير مسجد في مدينة أيوديا الهندية العام 1992 إلى موجات متتالية من العنف القاتل.
العدد 3839 - الإثنين 11 مارس 2013م الموافق 28 ربيع الثاني 1434هـ