منذ أن حلت المتغيرات السياسية في المنطقة العربية في العام 2011 وشعوب المنطقة مازالت تعيش غربة في أوطانها التي امّا لا تريد أن تصلح أو تطبق أنظمة سياسية عادلة تخلق علاقة ثقة متبادلة بين الحاكم والمحكوم.
فما حدث وما يحدث في الشوارع العربية هو أن ثقافة إبداء الرأي والاستماع للآخر مازالت أمراً نسبياً من قبل الأنظمة السلطوية الأبوية سواء التي تقاوم حتى اليوم كبح شارع التغيير بالقمع والغطرسة وإقصاء الطرف الآخر بأي وسيلة وشكل أو تلك الأنظمة الجديدة التي حلت محل الأنظمة السابقة ولم تطبق النموذج الصحيح والسليم لعلاقة الدولة والمواطن - بمعنى آخر - ثقافة العدالة الاجتماعية والمواطنة غائبة كلياً في المجتمعات العربية.
للأسف فإن مفهوم المواطنة مازال منقوصاً بصورة مهينة لحقوق الإنسان في المنطقة العربية، فالإنسان العربي يصبح إنساناً ذليلاً للفئة المستفيدة من الوضع الأعوج داخل المجتمع، فيستمر الفساد وتتنامى أذرعه في مفاصل الدولة حتى ينتشر الداء بصورة تتعقد فيها خيوط المشكلة مثل مصر التي تعاني من بقايا السياسات الخاطئة والتحدي في بناء دولة ديمقراطية حقيقية. ولهذا فإن المواطن في المجتمع العربي ليس بمواطن صاحب حقوق، فيصبح طموحه وحلمه أسيرين لفئة تتحكم بهما أو يستفيد منهما من يلهث وراء أفراد تسيطر على «ماكينة» الدولة ومفاصلها من أولها إلى آخرها، فلا صوت له ولا مكان عدى أن يكون أداة تستخدم لتحقيق مآرب هذه الفئة التي تعيش على معاناة وآلام الآخرين.
إن حراك التغيير في البلدان العربية يواجه العقلية الحاكمة التي للأسف، بدلاً من أن تستمع لشعوبها وتواكب الإصلاح الذي يصب في صالح جميع الأطراف، نجدها تتحايل على واقعها الذي يزيد يوماً بعد يوم احتقانا. ولهذا فإننا نأمل ألا يصل الحوار البحريني إلى طريق مسدود، لأن ذلك قد يدخل البحرين في مرحلة صعبة أخرى. التغيير الذي نسعى له هو تحقيق الدولة المدنية الحديثة، ولا مانع أن نختلف ونسمع لبعضنا البعض، لأنه أمر طبيعي في نظام تعددي.
إن المشاركة السياسية وتمثيلها للمواطنين في أي دولة تعتبر شرطاً أساسياً لاستمرار أي نظام سياسي يتسم بالاستقرار والشرعية، ويرتبط بهذه المشاركة العديد من العوامل لعل أهمها توافر قنوات ومنافذ للتعبير تتيح للراغبين ممارسة دورهم في الشئون العامة.
ان الشباب في كل زمن قادر على تأكيد استقرار النظام أو إثارة القلق؛ وهناك أمثلة كثيرة في صفحات التاريخ وقد يلجأ للتمرد نتيجة لسلوكيات نجمت عن كيفية تعامل السلطة مع الشارع الذي بدلاً من أن تسمعه تقوم بقمعه بأبشع الوسائل. ويمكن القول إن المشهد يتكرر في كل مرحلة لأن الشباب هم وقود التغيير وهم جزء أساسي للحركات الرافضة، ولذا فإن غياب قدرة النظام السياسي على التكيف مع المتغيرات والمطالب المجتمعية المستجدة واستيعابها، واللجوء إلى فرض المزيد من القيود على المجتمع والتكتلات السياسية والصحافة ووسائل الإعلام، هو أمر يفقد فاعليتها ويحد من دورها كقنوات وسيطة لبناء الثقة والعلاقة بين الحاكم والمحكوم.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3830 - السبت 02 مارس 2013م الموافق 19 ربيع الثاني 1434هـ
نعم الغربة
نعم يا أستاذة ريم نحن نعيش الغربة في الوطن ،لم نشعر لو ليوم واحد بأن الدولة تحترمنا كمواطنين، لنا حقوق ننظر يمينا شمالا نرى الغربة ،وقلوبنا بها حرقة من هذه الغربة.