وفي دولة جنوب إفريقيا، حيث توجد أكثر من 600 شركة أعمال أميركية، وحيث فتح أخيرًا كل من هيئة الاستثمارات الخاصة في الخارج، وبنك التصدير والاستيراد، ووكالة التجارة والتنمية، مكتبًا للمساعدة في زيادة الصفقات الاستثمارية بين الشركات الأميركية وقطاعي الطاقة والنقل المزدهرين في جنوب إفريقيا، وهذا أيضًا طريق ذو فائدة مزدوجة. فإحدى شركات الطاقة الرئيسية في جنوب أفريقيا تخطط لبناء مصنع بقيمة عدة مليارات من الدولارات في ولاية لويزيانا من شأنه أن يوفر العمل للمزيد من الأميركيين.

ودعوني أخبركم، إن هذا يحدث أيضًا في الكاميرون، والبوسنة، وأماكن أخرى مثيرة للدهشة في العالم. وخلال الوقت الذي أرخت الحرب العالمية الثانية بظلالها السوداء، لو حدث وقلتم لشخص ما إن اليابان وألمانيا ستصبحان اليوم رابع وخامس شركائنا التجاريين، فإن ذلك الشخص سيعتبركم مجانين. فقبل الانفتاح الجريء لنيكسون مع الصين، لم يكن أحد ليتصور بأنها ستكون ثاني أكبر شريك تجاري لنا، ولكن هذا ما حصل تمامًا.

لقد كان أحد عشر شريكًا من أكبر شركائنا التجاريين الخمسة عشر من بين المستفيدين من المساعدات الخارجية الأميركية؛ وذلك لأن هدفنا كان عدم إبقاء أي دولة معتمدة علينا إلى الأبد. إن هدفنا بالضبط هو خلق هذه الأسواق، وفتح هذه الفرص، والتأسيس لسيادة القانون. يتمثل هدفنا باستخدام المساعدات والتنمية لمساعدة الدول على تحقيق إمكاناتها الخاصة، وتطوير قدراتها في الحكم ولتصبح من شركائنا الاقتصاديين.

لا تزال إحدى أكثر الحقائق التي لا تصدق لأميركا تقوم على أننا بلد ليس له أعداء دائمون.

والآن، لنأخذ فيتنام كمثال. لن أنسى أبدًا وقوفي إلى جانب جون ماكين في القاعة الشرقية للبيت الأبيض، وكل واحد منا على أحد جانبي الرئيس كلينتون وهو يعلن عن تطبيع علاقاتنا مع فيتنام، الأمر الذي كان من غير الممكن تصور قيامه، وهو جهد عملنا، جون ماكين وأنا، لما يقرب من عشر سنوات، لتحقيقه.

وخلال العقد الماضي، والفضل في جزء كبير من ذلك يُعزى إلى عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ازدادت صادراتنا إلى فيتنام بنسبة تتجاوز 700 بالمئة.

يشير كل واحدة من هذه النسب المئوية إلى وظائف هنا في أميركا. وخلال العقدين الماضيين، تعلّم ودرس ألف طالب وأستاذ جامعي فيتنامي في أميركا من خلال برنامج فولبرايت، وكان من بينهم وزير خارجية فيتنام، الذي تحدثتُ معه منذ أيام وهو، صدقوني، لا زال يكن مشاعر ودية تجاه أميركا بسبب تلك المشاركة.

وهذه القائمة طويلة، فمع ازدياد عدد أفراد الطبقة المتوسطة الناشئة في الهند، أكبر ديمقراطية في العالم، وهي التي تشتري منتجاتنا، فإن ذلك يعني فرص عمل ومداخيل لطبقتنا المتوسطة. ومع هبوط مساعدتنا التقليدية للبرازيل أصبحت تجارتنا هناك تزداد بصورة مطردة. والبرازيل هي إحدى تلك النمور الجديدة التي تنمو بوتيرة مزدوجة الأرقام، وتدعم وظائف إضافية هنا في الوطن، والعديد من الوظائف في صناعة السفر والسياحة.

وعندما قام جيفرسون بتوسيع المكاتب القنصلية لدينا تحديدًا من أجل تعزيز التجارة، لم يكن يتصور أبدًا أهمية هذه المكاتب اليوم. ولم يكن بإمكانه أن يتنبأ بعدد الأميركيين الموجودين في الخارج الذين نساعدهم في إعداد جوازات سفرهم، في الحصول على تأشيرات دخول، وفي مواجهة غيرها من المشاكل التي قد تنشأ، أو بأننا سنساعد أولئك الذين يريدون زيادة أسرهم من خلال التبني، أو الذين يجدون أنفسهم يواجهون مشكلة قانونية أو محنة بعيدًا عن الوطن. أو الدور الذي يلعبه دبلوماسيونا، في تمحيص التهديدات الأمنية المحتملة ونزعها من على شاشات الرادار قبل أن يصل خبرها إلى مسامعكم، وربما وفق أسوأ الطرق. أو بأننا نخلق وظيفة أميركية جديدة مقابل كل 65 زائراً نساعد في استقدامه وإدخاله إلى شواطئنا.

وهكذا، أيها الأصدقاء، علينا المثابرة. لا يمكننا تحمل ذلك النوع من التأخير والتعطيل الذي يلوح في الأفق في واشنطن. فالمفاوضات التجارية الجديدة المثيرة التي أعلن عنها الرئيس أوباما الأسبوع الماضي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سوف تخلق أكبر صفقة تجارية ثنائية في العالم عندما تؤتي ثمارها، هي شراكة عبر الأطلسي سوف تماثل نطاق وطموح محادثاتنا حول الشراكة عبر المحيط الهادئ.

ولكن عملنا لا يزال بعيدًا عن الإنجاز.

هناك سبع من الدول العشر الأسرع نموًا في القارة الأفريقية. والصين تفهم ذلك، وباتت تستثمر بالفعل أكثر مما نستثمره نحن هناك. لقد حصلت أربعة من أكبر خمسة اكتشافات للنفط والغاز الطبيعي قبالة ساحل موزمبيق في العام الماضي لوحده. وغدت الاقتصادات النامية تشكل مراكز أساسية للنمو، وهي مفتوحة أمام الأعمال التجارية، وينبغي على الولايات المتحدة أن تكون على تلك الطاولة.

فإذا كنا نريد قائمة جديدة من الخريجين لمساعدتنا، فإنها تلك البلدان التي كنا نقدم لها يد العون والمساعدة ولكنها باتت الآن تشتري صادراتنا، ولذا لا يمكننا الآن تحمل كلفة التراجع.

وإذا كنا سنغتنم أزمة الميزانية هذه بوصفها تلك الفرصة الكبيرة التي قد تكون عليها، لا يمكننا أن نتردد أو نتوانى عن نقل بشائر هذه القصة إلى الشعب الأميركي، وإلى ممثليكم أعضاء الكونغرس، وإلى العالم.

ولكن اسمحوا لي بأن أؤكد على أن: الوظائف والتجارة ليست القصة بكاملها، كما أنها لا ينبغي أن تكون كذلك. لا يجري قياس العمل الجيد لوزارة الخارجية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، استنادًا إلى قيمة الدولار، بل وأيضًا استنادًا إلى أعمق قيمنا.

إننا نثمّن الأمن والاستقرار في أجزاء أخرى من العالم، إدراكًا منا بأن الدول الفاشلة تشكل أعظم التهديدات الأمنية لنا، وبأن شركاؤنا الجدد يشكلون أثمن ذخر لدينا.

إن الاستثمارات التي نقوم بها تدعم جهودنا في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف أينما ازدهرا. وسنستمر في مساعدة البلدان على ضمان أمنها، واستخدام الدبلوماسية حيثما يمكن، ودعم أولئك الحلفاء الذين يشاركوننا في محاربة الإرهابيين.

ينبغي أن تتذكروا، ولعمري، لن أتمكن من التشديد على ذلك بما فيه كفاية، وأنا أنظر إلى جندي جالس هنا أمامي يضع شارة وسام على صدره، أن تتذكروا بأن نشر الدبلوماسيين اليوم أقل كلفة بكثير من نشر الجيوش غدًا. ينبغي علينا أن نتذكر ذلك. وكما قال عضو مجلس الشيوخ ليندسي غراهام، «إنها بوليصة التأمين التي نشتريها للأمن القومي».

والآن، يبدو أن ذلك أمرًا مكلفًا، يا أصدقائي، أما النتيجة النهائية فهي بسيطة، إنها ليست مكلفة. تبلغ ميزانية وزارة الخارجية لتأمين استقرار النزاعات نحو 60 مليون دولار سنويًا اليوم. وهذا المبلغ كسبه الفيلم السينمائي «المنتقمون» (ذي أفنجرز) في يوم واحد في مايو/ أيار الماضي. والفرق هو أن الناس لدينا الذين يقومون بهذا العمل على أرض الواقع، هم بالفعل أبطال خارقون حقيقيون.

إننا نقدر حقوق الإنسان، ويتعين علينا سرد قصة عمل أميركا الجيد على هذا الصعيد أيضًا. نحن نعرف بأن الطريقة الأكثر فعالية لتعزيز الحقوق الأساسية لجميع الناس، والحقوق والحريات الدينية، لا تصدر من المنابر، كما لا تصدر من طرفي جادة بنسلفانيا. إنها تصدر من الخطوط الأمامية - حيثما يتم نكران الحرية والكرامة الإنسانية الأساسية. وهذا ما أدركه تيم كاين عندما ذهب إلى هندوراس.

الموظفون الشجعان في وزارة الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية- وموظفو الأمن الدبلوماسي الذي يحمون المدنيين ويخدمون في الخارج - يعملون في بعض من أكثر الأماكن خطورة على وجه الأرض، ويفعلون ذلك مدركين بالكامل بأننا نتاشطر شراكات أكثر قوة مع البلدان التي تبادلنا التزامنا تجاه القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

إنهم يحاربون الفساد في نيجيريا. ويدعمون سيادة القانون في بورما. إنهم يدعمون المؤسسات الديمقراطية في قرغيزستان وجورجيا، متذكرين تجربتنا الخاصة بأن جعل الديمقراطية تسير على ما يرام يستغرق وقتًا طويلاً، وأن هذا الأمر نادرًا ما يتحقق على الفور.

وفي نهاية المطاف، فإن كل هذه الجهود التي يبذلونها، وكل تلك الأخطار والمخاطر التي يتحملونها، تجعلنا أكثر أمانًا. ونحن نثمن بالفعل قيمة الديمقراطية، تمامًا كما أظهرتم ذلك هنا في جامعة فيرجينيا من خلال برنامج الدائرة الانتخابية الرئاسية الذي يدرب القادة في الديمقراطيات الناشئة.

وبفضل عقد من الجهود الدبلوماسية المكثفة إلى جانب شركائنا، فإن النزاع الذي أدى إلى مصرع مليوني نسمة، ويفكر الناس للتو بالمحرقة وهلاك 6 ملايين نسمة خلال مسار الحرب العالمية الثانية، حيث فقدنا مليوني إنسان في أطول حرب حصلت في أفريقيا في عصرنا خلال السنوات الأخيرة. وهي التي نتج عنها ولادة جنوب السودان كدولة حرة. إلا أن ضمان مستقبلها والسلام لجميع مواطنيها سوف يتطلب بذل جهود دبلوماسية مستمرة سوية مع شركائنا مثل الاتحاد الإفريقي. وكلما تمكنا من تطوير قدرات الاتحاد الإفريقي أكثر، كلما تناقصت دواعي القلق لدى الولايات المتحدة.

لقد وقفتُ في جنوب السودان. وشاهدتُ تلك التحديات بصورة مباشرة، وهي لا تزال تواجه الدولة الأحدث في العالم وحكومتها. إن هذه التحديات تهدد بعكس اتجاه التقدم والاستقرار الذي تحقق بشق الأنفس. ولهذا السبب نعمل بشكل وثيق مع هذه الدولة لمساعدتها على تزويد مواطنيها بالخدمات الأساسية كالمياه، والصحة، والتعليم، والممارسات الزراعية.

إننا نثمّن الصحة والتغذية، ومبدأ مساعدة الناس لكي يكتسبوا القوة اللازمة لمساعدة أنفسهم. فمن خلال مبادرات تشكل حجر الزاوية فحسب مثل مبادرة الغذاء للمستقبل، نساعد البلدان ليس على زراعة وحصاد أغذية أفضل فحسب، بل وأيضًا نساعدهم على كسر دورة الفقر، وسوء التغذية، والجوع. (يتبع)