ربما يلزم أن نفهم معنى (الاستجابة الحكيمة) ونطبقها في حياتنا اليومية، ولا سيما في التعامل مع المشكلات الزوجية التي قد تنشأ في كل بيت، فالأسباب كثيرة متعددة، كاختلاف السلوك والمفاهيم والتربية ومستوى الثقافة والتعليم، ولربما دخل المزاج كواحد من الأسباب... فالمشكلة قد تبدأ صغيرة، من دون حاجة إلى أن يصاحبها التشنج والعصبية من كلا الطرفين، لكنها تكبر وتسبب الخصومة.
معظم الخلافات التي تنشأ بين الزوجين يمكن إنهاؤها في حينها، هذا بالنسبة إلى الأزواج الذين يمتلكون مهارات تمكنهما من وأد الخلاف، وقد أجريت دراسة على بعض الأسر السعيدة، وبعض الأسر التي وقع فيها الطلاق، فتبين أن المشكلات التي وقعت في كلتا المجموعتين متشابهة، إلا أن الفرق هنا كان بسبب اكتساب الأسر السعيدة مهارات تمكنهم من حل خلافاتهم سريعاً قبل أن تتطور مشكلاتهم إلى الأسوأ لا سمح الله، ولعل من أبرز تلك المهارات ما يطلق عليه «الإستجابة الحكيمة»، ويعرفها بعض المستشارين الأسريين بالابتسامة الحكيمة.
في الغالب؛ وعندما يتعرض الأزواج والزوجات لاستثارة سلبية من الطرف الآخر، من خلال خطأ، أو هفوة، لا يتحكمون في عواطفهم، فينفعلون سريعاً، ثم يعلو صوتهم، حتى يتطور الأمر، ويبيتون تلك الليلة في خصومة، ولذلك تبرز أهمية الاستجابة الحكيمة في مواجهة تصرفات الطرف الآخر، والاستجابة الحكيمة تعني عدم المسارعة في الرد على الطرف الآخر حتى تهدأ النفس، وتقل نبضات القلب الناتجة عن التصرف والكلام الصادر من الطرف الآخر، لكن كيف لنا أن نفعل ذلك؟.
القرآن الكريم فيه حلول لكل المشكلات قطعاً، وهنا، نتذكر قوله جل وعلا في محكم كتابه الكريم «وإِمَّا يَنْزَغَنَّك مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ» (الأعراف: 200)، فالاستعاذة من الشيطان الرجيم أول ما ينبغي قوله بدلاً من الرد على الطرف الآخر أو الصراخ في وجهة، ولنا من السيرة النبوية والأحاديث الشريفة ما يوضح الفكرة، ومنها أن النبي (ص) مرَّ على رجلين يتسابان، فأحدهما احمر وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي (ص): «إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد»، وقد روي عنه (ص) أنه قال: «من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من أي الحور شاء». وباختصار، هذه المهارة توجب على كل زوجين إن تعرض أحدهما لأية استثارة سلبية من الطرف الآخر تزعجه؛ أن يدرب نفسه على السكوت بعض الوقت عن أي رد سلبي، الى أن تهدأ نفسه، ثم نتحول بعد ذلك الى المهارة الثانية وهي مهارة: «تحمل المسئولية». يملك مهارة تحمل المسئولية كل من لديه القدرة على إدارة الخلاف بالصبر والحوار الهادئ، والمصارحة اللطيفة، ويدخل فيها الاعتذار عن الخطأ حتى لو لم تكن مخطئاً، كما يدخل فيها تقاسم الخطأ بين الطرفين، وأيضاً دعوة الطرف الآخر إلى مكان آخر في البيت للجلوس والاتفاق على حوار هادئ ينتهي برضى الطرفين، وأيضاً يمكن دعوة الطرف الآخر لتأجيل الحوار إلى وقت آخر ريثما تهدأ الأنفس، كما يمكن الطلب من الطرف الآخر أن يقبل بأي من الأقرباء أوالأصدقاء بأن يحكم بينهما.
هناك العديد من المهارات التي تنفع في اجتياز الخلافات الزوجية والأسرية، ومنها حسن الظن، الصراحة، تقدير الأمور بقدرها، عدم ربط المشكلات ببعضها بعضاً، الحفاظ على أسرار البيت، تغليب حالة الأريحية والانشراح، الحوار الدائم والتشاور، الاستفادة من أوقات الفراغ في تعميق العلاقة الزوجية، الاعتناء بما يسمى بالثقافة الزوجية وتعزيز العلاقة بين كل أفراد الأسرة.
العدد 3827 - الأربعاء 27 فبراير 2013م الموافق 16 ربيع الثاني 1434هـ