المتابعون للحوار الذي مازال يراوح مكانه دون تقدم يذكر، والتصعيد الأمني المتزامن معه، والأسلوب المتبع ولعدم وجود مضبطة للجلسات يثبت فيها كل شاردة وواردة في المناقشات... يقولون إنهم بهذا الحال غير المطمئن، وبهذه العناصر المتنافرة نفسياً وسياسياً، والمختلفة كثيراً في الرؤى والأهداف، والمتباينة في تقديرها للمصالح الوطنية، لم يجدوا بصيص أمل في اتجاه الحوار نحو توافقات بين المشاركين فيه على الأجندات التي طرحتها المعارضة.
هذه الأجندات التي ينظر إليها العالم الديمقراطي على أنها تلامس لب وأساسيات الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد والعباد، ودخلت عامها الثالث وأثّرت بشدة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وخلفت الكثير من التداعيات والانتهاكات في أوساط المجتمع، وفاقت كل التصورات والتوقعات. كما أنها تسببت في نكسات نفسية ومعنوية ومادية عميقة في أوساط مختلف الفئات العمرية والمهنية والاجتماعية.
والسبب في عدم التوافق بين المشاركين في الحوار، هو عدم توافقهم في المزاج الوطني أولاً، وعلى أصل وفصل الأزمة السياسية ثانياً، وعلى أطراف الأزمة ثالثاً، وعلى وجود أزمة سياسية في البلاد بين المعارضة والنظام رابعاً... فضلاً عن عدم اعترافهم بالانتهاكات التي مورست بإفراط شديد ضد قطاعات واسعة من المجتمع، ومازالت تريد من خلال آلياتها، تثبيت أن الأزمة التي امتدت أكثر من عامين هي بين الجمعيات السياسية التي تتبنى رؤى طائفية، وليست أزمة سياسية بين معارضة ونظام.
الجمعيات التسع والنواب والشوريون وممثلو الحكومة الذين شاركوا في الحوار إلى الآن، لم يقدّموا رؤى سياسية واضحة لحل الأزمة، وكأن وجود بعضهم أو جلهم في الحوار هو للتعويق أو ليقولوا «لا» لكل ما تطرحه المعارضة. والجمعيات التسع على وجه الخصوص التي تتبنى ايديولوجيات لا تؤمن إطلاقاً بالعملية الديمقراطية الحقيقية، تعلم قبل غيرها حجم قاعدتها الجماهيرية في الساحة السياسية، التي قد لا تساوي مجتمعةً 10 في المئة من حجم جماهير جمعيات معارضة وهذه حقيقة ليست خافية على جميع السياسيين ولا على أبناء الوطن جميعاً، ولا يستطيع أحد تغطيتها بغربال. فإذا كان تفكيرها ينصب في مصالحها الفئوية والذاتية، التي قد تعتبرها مقدّمَةً على المواطنة الحقيقية التي لا تتحقق إلا بالعدل والمساواة والإنصاف في الحقوق والواجبات وفي تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، والتي ترفضها جميعها جملةً وتفصيلاً بالقول والفعل والموقف، لاشكّ في أنها إذا ما أصّرت على نهجها الرافض لكل الأدوات والآليات المهمة التي تساعد على حل الأزمة، فإنها تريد في نهاية المطاف أن تقول على الحوار السلام، وهو ما تريد الوصول إليه كما هو واضح للمتابعين. فنجاح الحوار وتحقيق ما يطمح إليه الشعب، من وجهة نظرها، قد يؤذيها كثيراً، وفي كل جلسات الحوار تبين للناس أن الجمعيات التسع أصبحت في موقف حرج خانق، فلو سلّمت بإجراء حوار جاد بين النظام والمعارضة ينهي الأزمة السياسية في البلاد، فهذا بحد ذاته يحتاج منها إلى تهيئة نفسها وكوادرها لما بعد هذه المرحلة، وهو أمرٌ يصعب عليها تقبله كما هو واضحٌ من تصرفاتها، حتى لو أدى تعنتها إلى خراب البلاد، لأنها تعلم أن القدرة والكفاءة الكافية غير متوافرة لديها للانتقال إلى المرحلة الديمقراطية الحقيقية التي يكون فيها لكل مواطن صوت، ويكون شريكاً في البناء والتنمية واتخاذ القرارات. فلهذا نراها تلجأ للصراخ ورفع الأصوات تارةً، ولتعليق حضورها الجلسات تارةً ثانية، والرفض الدائم لكل الأدوات والآليات المساعدة على حل الأزمة من دون مسوغات قانونية تارة ثالثة.
ويعتقد الكثيرون أن الجمعيات التسع وقعت في ورطة سياسية حقيقية أمام المجتمع المحلي والخارجي، بقبولها الدخول في الحوار، فتجد نفسها غير قادرة على الاعتراف أمام منتسبيها بوجود أزمة سياسية في البلاد بين النظام والمعارضة عمرها أكثر من عامين، وقد عملت جاهدةً طوال تلك المدة مستخدمة مختلف الوسائل الإعلامية الرسمية وشبه الرسمية على ترسيخ فكرة أن «الأزمة طائفية وليست سياسية» في أوساط منتسبيها. وهي لا تجرؤ في كل الأحوال أن تقول للناس الذين صدّقوها في وقت من الأوقات، إن ما حدث لمختلف شرائح المجتمع كان انتهاكاً واسعاً لحقوق الإنسان، وهي التي عملت بصورة مباشرة وغير مباشرة على إيجاد الإجراءات غير القانونية التي أدت إلى حدوث تلك الانتهاكات الكبيرة ضد شريحة واسعة من المجتمع. وهي تعلم أنها لو خطت إلى هذا الاتجاه، يتطلب منها أن تعتذر لآلاف المواطنين الذين تضرّروا بسبب حملاتها الطائفية التأجيجية البغيضة. ولم تكن تتصور أنها ستكون في يوم من الأيام في مثل هذا الموقف المحرج أخلاقياً وإنسانياً ووطنياً، بل كانت تتصور أنها لن تبارح مكانها الطائفي والتأجيجي في يوم من الأيام، الذي اختارته لنفسها بكل تأكيد، وحصدت منه الكثير من المنافع لنفسها.
في الجلسات القادمة سينكشف للجميع بوضوح، هل تمتلك هذه الجمعيات القدرة على التعامل مع الأزمة السياسية بوطنية أم لا؟ فصراعها سيكون شديداً في أورقتها بين ايديولوجياتها التي لا تتناغم مع الديمقراطية الحقيقية التي تكفل لكل موطن الحق في التعبير عن رأيه والعمل في وطنه بكل حرية، وسيواجهها تحدٍ أخلاقي لما تعوّدت عليه من إجراءات الانتقام والإقصاء والتهميش لكلّ من يخالفها في ايديولوجياتها ومواقفها السياسية من أبناء الوطن، من خلال كوادرها المنتشرة في الوزارات والدوائر الحكومية. فإذا ما أرادت أن تسلك سبيلاً صالحاً في البلاد، فعليها أن تفكّر أولاً وأخيراً في الوطن بكل مكوناته الكريمة، بعيداً عن كلّ المؤثرات النفسية والطائفية والعصبية. وإذا ما استطاعت التغلب على نزعاتها الحزبية الضيقة، عندها ستتولد لديها القدرة على التعاطي بنسبة معينة مع الأزمة السياسية والمطالب الوطنية المشروعة... والله نسأل أن يوفّق الجميع لما فيه خير البلاد والعباد.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 3827 - الأربعاء 27 فبراير 2013م الموافق 16 ربيع الثاني 1434هـ
يظنون بقولهم لا ستحلّ المشكلة
ليقول الموالون ونواب السلطة ما يشاؤن وليقفوا اي موقف يطلب منهم
ان الحلّ لا بد قادم وسيجرف من يقف امامه وسيندم من يقف ضد التيار
هذه سنة الحياة ان طالبت قليلا لكنها لا بد ان تتحقق
مقال فوق الممتاز
والحمدلله اليوم انكشف المستور وبانت الامور أمام جميع المواطنين والمقيمين العالم الخارجي بأن الازمه سياسيه وليست طائفيه كما روجى لهاء في جميع وسائل الاعلام المدفوعه الاجرة والمتمصلحين من رجال الدين وغيرهم هذا ولابد وأن تظهر الحقيقه وهذيه قد ظهرة والجميع أصبح مقتنع.
تذكرني بالطبخة التي لم تعمل
سمعنا مرة ارتفاع الاصوات من بيت الجيران فكان خلاف قد نشب بين الابناء على صنف الغذاء مجموعة تصر على مكبوس لحم واخرى تصر على المندي و مرت فترة الغداء دون توافق والاب المعروف ببخله في منتهى النشوة لانه ووفر ثمن وجبة