نظمت المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار المدني ندوة في نادي الخريجين مساء الأحد (24 فبراير / شباط 2013) لرئيس منظمة كونكاردس الدولية السيد بيتر ديكسون، وكلمة «كونكاردس» اللاتينية تعني «التوافق».
وقد مضى عشر سنوات على ديكسون كرئيس متفرع للمنظمة التي تسعى للمصالحة والسلام المستدام في مناطق النزاعات الأهلية في العالم.
كما أنه مشرف على أطروحات الدكتوراه في جامعة كامبردج، وهو طيارٌ سابقٌ في سلاح الجو الملكي البريطاني. ولقد قادته مهمته إلى مناطق عديدة من العالم مثل السودان وجنوب السودان وكينيا وأوغندا وساحل العاج وايرلندا الشمالية، وأخيراً... البحرين.
رئيس المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار الوطني سهيل القصيبي، شدّد في كلمته على أن الأزمة في البحرين بدأت سياسية ثم اكتسبت طابعاً طائفياً، وناشد شعب البحرين «كفى حملات الكراهية والتخوين والطائفية. فنحن أبناء شعب واحد. كنا مفخرة في الخليج العربي بتسامحنا وسمونا».
وأكد ثقته بعودة البحرين إلى ماضيها كواحةٍ للحرية والتسامح والتعايش بين مختلف مكوناتها من مواطنين ومقيمين.
قدّم المحاضر ديكسون عرض «بوربونيت» لمنظمته وفلسفتها وآلياتها ونشاطاتها، وأكد منذ البداية أنه ليس خبيراً في الأزمة البحرينية ولذا لن يتحدث عنها.
كما أكد أنه ليس بالضرورة كل ما يعرضه مفيد للتعاطي مع أزمة البحرين، ولكن بعضه مفيدٌ بالتأكيد، كما أنه من المفيد التعاطي مع المفاهيم والآليات التي تتبناها المنظمة، دون التسليم بها كلياً.
وشدد على أن فلسفة منظمته تقوم على ضمان الأمن والسلام المستدام في مناطق النزاعات وما بين أطرافها من خلال الحوار.
وطرح ديكسون عدة مفاهيم، أهمها أن عوامل النزاع معقدة ومتداخلة، وأنه لا يمكن تقديم حل واحد بمعزل عن الآخر، وذكر ما يقارب عشرين عاملاً.
ويمكن القول إن بعضها مثل احتكار الثروة واحتكار السلطة وغياب العدالة والتهميش، وعدم تمثيل الناس في الحكم، كلها تنطبق على البحرين. ومن هنا شدّد على أن الحوار يجب أن يمثل الناس المعنيين بالحل، أي قوى النزاع وضحاياه المستهدفين بالحل، ورأى أن الحل يجب أن يقوم على ضمان الأمن والسلام المستدام والعدالة للجميع.
كما لاحظ أن النزاعات الداخلية تترك ندوباً وآثاراً عميقة في الذاكرة الجمعية لا تندمل بسهولة، حتى بعد التوصل إلى حل.
كما أكد أن المصالحة تتطلب إرادة قوية وتصميماً ومثابرةً من الأطراف المتنازعة.
وذكر المحاضر أن منظمته تستعين بمراكز البحوث المتخصصة لتقدّم لها دراسات ومعطيات حول القضية أو البلد المراد معالجة أزمته. كما ذكر أن أسلوب المنظمة يقوم على تنظيم حوارات غير رسمية للقيادات المجتمعية الوسطى، لأنها تستطيع بالتالي أن تؤثر على قمة هرم الدولة، أي القيادة السياسية، وقاعدته أي الجماهير أو المجتمع.
من بين البلدان التي عملت فيها المنظمة رواندا وكينيا والسودان (دارفور)، ونزاع السودان وجنوب السودان حول المناطق الحدودية، وساحل العاج وأوغندا والبلقان وايرلندا الشمالية. وفي جميع بلدان إفريقيا استفادت المنظمة مما يعرف بالعدالة التقليدية و»الحوار تحت الشجرة»، إضافةً إلى عناصر أخرى تختص بكل بلد.
وبشكل عام فإن أسلوب المنظمة هو جمع ثلاثين عنصراً في كل اجتماع يمثلون الفرقاء المتنازعين، حيث يتباين إطار النزاع وعناصره، لكنهم يتعاطون مع النزاع بشكل شمولي لجميع عناصره، لكي يؤدى الحوار إلى تأمين الأمن والسلام والعدالة للجميع.
ودور المنظمة هو تسهيل وإدارة الحوار بكل حيادية، واستخدام نفوذها لدى الدولة المعنية والدول الغربية للإسهام في المصالحة ومشاريع التنمية التي تتبع التسوية.
وفي النهاية أكد المحاضر أن منظمته مستعدة للإسهام في تسهيل الحوار في البحرين وتقديم خبراتها وتجربتها في هذا الخصوص.
بعد ذلك فتح باب النقاش وتوجيه الأسئلة للمحاضر، وكان من بينها: ما هو دور الدولة في البلد المعني، وهل يترتب على المصالحة مجرد تطييب خواطر أم إصلاحات عميقة وتغيير في السياسات؟ وأجاب المحاضر بأن الدولة معنية بالأساس بالحوار، ويجب أن تكون في مرحلة ما طرفاً فيه وداعماً له من البداية، وأن المصالحة تتبعها إصلاحات عميقة وتغيير في السياسات، ما يخلق البيئة ومتطلبات الأمن والسلام والعدالة المستدامة.
وحين سئل عن مؤشرات نجاح الحوار والمصالحة، ومن هي الأطراف المعينة بالحوار والمصالحة، أجاب: من تجربة المنظمة مع نزاع قبائل البيجة في شرق السودان مع الخرطوم، فقد نظمنا مؤتمراً في نيروبي ضم ممثلي الدولة السودانية والقبائل والمنظمات الأهلية والسكان، أما مؤشرات النجاح فتمثل في الانتقال من حالة الحرب أو النزاع إلى حالة السلام، ومن الخوف إلى الأمن، وإقامة ترتيبات للسلطة يتمثل فيها الجميع بعدالة، وينعم بفوائدها الجميع.
وباعتباره بريطانياً، تناول تجربة ايرلندا الشمالية، حيث امتدت تداعيات الصراع الدامي إلى الأراضي البريطانية، حيث تعود جذوره إلى قرون من الصراع الديني.
وذكر أن نجاح المفاوضات بين طرفي النزاع، أي ممثلي البروتستانت والكاثوليك، أو ما بين الملكيين الجمهوريين، تمثل في أن الحكومة البريطانية ممثلة برئيس الوزراء طوني بلير ونظيره في ايرلندا، رميا بثقلهما لإنجاح المفاوضات، مدعومين بالولايات المتحدة وأوروبا.
واستند الاتفاق إلى تقاسم السلطة وإعادة هيكلة الأجهزة الحكومية لتكون شاملة للكاثوليك المبعدين عنها، واستبعاد القوة ونزع سلاح الجميع، مع سلطات واسعة لحكومة وبرلمان ايرلندا الشمالية، ومشاريع تنموية مدعومة من قبل الدولة وحلفائها. والأهم المصارحة والمصالح وقبول الآخر والعيش المشترك في وطن يتسع للجميع.
الملاحظ أن العديد من المنظمات المعنية بحل الأزمات أو النزاعات تتوافد إلى البحرين بتشجيع من حكوماتها، كما أن بريطانيا استضافت وفدين من المعارضة ومن المؤيدين للوضع القائم لعرض تجربتها في حل النزاع في ايرلندا الشمالية، كما دعت جنوب إفريقيا وفدين من المعارضة والموالاة للاطلاع على تجربتها أيضاً.
ومن الواضح أن حلفاء البحرين يرون أن من مسئوليتهم وواجبهم مساعدة البحرينيين في الحوار الجاري، والعجب أن دول مجلس التعاون الأقرب لنا لا تبدي حراكاً في هذا المجال.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 3826 - الثلثاء 26 فبراير 2013م الموافق 15 ربيع الثاني 1434هـ
مصالحة وطنية وين فيه؟ بالبحرين ما اظن
لأن مشكلة في البحرين ينظر الى شعب البحرين بنظرة العداء معهم لذلك لن يحصل اي شيء ايجابي وهذه النظرة قائمة
لم ينظروا لنا في يوم من الايام اننا شعب لنا حقوق ومطالبة محقّة وطالما هذه القناعة لديهم فلن يقوموا بأي شيئ من شأنه اصلاح الوضع
دول مجلس التعاون يحسبون كل صيحة عليهم فكيف يساعدون
دول مجلس التعاون لديهم نفس المشكلة وهي (احتكار الثروة واحتكار السلطة وغياب العدالة والتهميش، وعدم تمثيل الناس في الحكم)
ودول بهذا النمط من المؤكد انها تخشى اي اصلاح يعطي للشعوب حقوقها المسلوبة.
وايضا السلطة غير جادّة وليس لديها اي نية لاعطاء الشعب ولا حتى القليل من حقوقه لذلك مكانك سر ولن يحصل اي شيء ولكن الشعوب هي من ينتصر في نهاية المطاف لأن لديها استعداد لتقديم الدماء من اجل نيل حقوقها وكرامتها