العدد 3824 - الأحد 24 فبراير 2013م الموافق 13 ربيع الثاني 1434هـ

قانون العمل الجديد... أسوأ قانون تشهده البحرين (7)

علي محسن الورقاء comments [at] alwasatnews.com

محامٍ بحريني

في تعليقنا على نصوص قانون العمل الجديد الصادر بالمرسوم بقانون رقم (36) للعام 2012 وقفنا في الحلقات الماضية على بعض نصوصه، ورأينا كيف أنها مجحفة وغير منصفة بحق العمال قاطبة.

وفي هذه الحلقة؛ سنقف على نصوص أخرى من القانون في الجانب المتعلق بالأجور وحساب حقوق العامل؛ لنثبت من خلالها مجدداً صحة مآخذنا على هذا القانون وعلى القائمين على إعداد مسودته، وذلك فيما يأتي:

أولاً - جاء في نص المادة رقم (45) من القانون المذكور ما يأتي: «لا يجوز الحجز على الأجر المستحق للعامل أو النزول عن أي جزء منه، أو أن يستقطع منه وفاء لدين إلاّ في حدود 25 في المئة من هذا الأجر، ويجوز رفع هذه النسبة إلى 50 في المئة في حالة دين النفقة».

«وعند تزاحم الدين يقدم دين النفقة، ثم ما يكون مطلوباً لصاحب العمل بسبب ما أتلفه العامل من أدوات أو مهمات، أو ما صُرف إليه بغير وجه حق، أو ما وقع عليه من جزاءات مالية».

من النص السابق نستنتج أن قانون العمل الجديد أجاز حجز أو اقتطاع نسبة 50 في المئة من أجر العامل، بخلاف ما كان عليه قانون العمل القديم الذي منع بمقتضى المادة رقم (75) حجز أكثر من 25 في المئة من أجره، وكذلك قانون الخدمة المدنية الذي لم يجز بمقتضى المادة (77) تجاوز مقدار المحجوز عليه شهريّاً ربع المبالغ المستحقة للموظف. ما يعني ذلك أن قانون العمل الجديد زاد نسبة الحجز أو الاقتطاع بضعف ما نصّ عليه كل من قانون العمل القديم وقانون الخدمة المدنية، وهذه نسبة جد كبيرة وغير منطقية لم يقرّرها أي تشريع شرقي أو غربي، وكأن الذي شرَّع هذا القانون غير وارد في ذهنه مراعاة العمال الذين يمثلون الجانب الأكبر في المجتمع والذين يعتمدون في معيشتهم على ما يحصلون عليه من أجر. بل ربما لم يُدرك هذا المشرِّع أن وظيفة قانون العمل الأساسية هي حماية العمال، سواءً من حيث تحسين معيشتهم أو تحريم ما يؤدي إلى فرض أعباءٍ أو التزاماتٍ تؤثّر على حياتهم المعيشية. هذا في الوقت الذي تتفق فيه المواثيق الدولية المتصلة بالعمل على وجوب أن يكون العمال محلَّ تقدير الدولة والمجتمع.

ويزيدنا قناعةً بأن من شَرَّع هذا القانون لم يعر اهتمامه إلاّ لأرباب العمل عندما نجده يهتم بالديون المستحقة على العامل لصالح صاحب العمل دون غيرها، بدليل أنه في موضوع الحجز والاقتطاع محل البحث نظر فقط إلى «ما هو مطلوب لصاحب العمل بسبب ما أتلفه العامل من أدوات أو مهمات، أو ما صُرف إليه بغير وجه حق، أو ما وقع عليه من جزاءات مالية»، بحسب ما جاء في الفقرة الثانية من المادة سابقة الذكر، ونسي أن هناك ديوناً أخرى قد تترتب على العامل تستوجب الالتفات إليها ووضعها ضمن قائمة ديونه لتدخل ضمن باقي الديون في حدود نسبة الاقتطاع المقررة قانوناً على غرار ما نص قانون العمل للعام 1976 في المادة رقم (75) حيث تنص: «وعند التزاحم يبدأ بخصم دين النفقة في حدود الثمن والباقي للديون الأخرى، وهكذا بالمثل في قانون الخدمة المدنية في المادة رقم (77).

ثانياً - تنص المادة رقم (47) من قانون العمل الجديد للعام 2012 «تحسب حقوق العامل على أساس الأجر الأساسي الأخير للعامل مضافاً إليه العلاوة الاجتماعية إن وجدت».

«فإذا كان العامل ممن يعملون بالقطعة أو الإنتاج أو يتقاضى أجراً ثابتاً مضافاً إليه عمولة أو نسبة مئوية اعتد في حساب الحقوق بمتوسط أجر العامل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة».

هذه المادة تقابلها المادة رقم (67) من قانون العمل القديم للعام 1976 التي جاء فيها «يُراعى في حساب حقوق العمال الأجر الأساسي الأخير للعامل مضافاً إليه علاوة غلاء المعيشة وعلاوة أعباء العائلة وذلك في المنشآت التي تضع لعمالها جدولاً للأجور يمنحون بمقتضاه علاوةً دوريةً، وفي غير هذه الحالات يتخذ مجموع الأجر الأخير الذي يُصرف للعامل بصفةٍ دوريةٍ ومنتظمةٍ أساساً لحساب الحقوق».

«فإذا كان العمال يتقاضون أجورهم بالقطعة أو بالإنتاج يكون التقدير على أساس متوسط ما تناوله العامل من أيام العمل الفعلية في الثلاثة شهور الأخيرة».

وبمقارنة النصين نلحظ ما يأتي:

أن قانون العمل الجديد اعتد في حساب حقوق العمال على أساس الأجر الأساسي مضافاً إليه العلاوة الاجتماعية فقط، بخلاف ما كان عليه قانون العمل القديم الذي نص بموجب المادة رقم (67) سابقة الذكر على اعتبار مجموع ما يتقاضاه العامل بصفة دورية ومنتظمة أساساً لحساب حقوقه.

فلو افترضنا أن عاملاً يعمل في مؤسسةٍ لا تضع لعمالها جدولاً يمنحون بمقتضاه علاوة دورية، وأن أجره الأساسي 500 دينار مضافاً إليه علاوة اجتماعية مقدارها 50 ديناراً، وعلاوة سكن مقدارها 100 دينار، وعلاوة تأمين صحي ثابتة مقدارها 200 دينار، وأردنا أن نحسب مستحقه عن بدل الإجازة السنوية مثلاً (المقرّرة قانونيّاً بأجر شهر واحد) فإنه بمقتضى قانون العمل الجديد سيحصل على بدل نقدي مقداره 550 ديناراً (الذي يمثل أجره الأساسي مضافاً إليه العلاوة الاجتماعية فقط)، بينما لو طبقنا بشأنه قانون العمل القديم؛ فإنه سيحصل على بدل نقدي مقداره 850 ديناراً (الذي يمثل أجره الأساسي مضافاً إليه جميع العلاوات المشار إليها)، أي بفارقٍ أقل بـ 300 دينار.

وبهذه النتيجة نخرج بمحصلةٍ أن قانون العمل الجديد أسوأ من سابقه بالنسبة إلى العمال.

بالعودة من جديد إلى نص الفقرة الثانية من المادة رقم (47) من قانون العمل الجديد للعام 2012 وإلى نص الفقرة الثانية من المادة رقم (67) من قانون العمل القديم للعام 1976 سابقتي الذكر بشأن احتساب متوسط أجور العمال الذين يعملون بالقطعة أو بالإنتاج أو يتقاضون أجوراً ثابتةً مضافاً إليها عمولة أو نسبة مئوية. وبمقارنة هذين النصين نلحظ أن قانون العمل الجديد احتسب متوسط أجر هؤلاء العمال على أساس ما يتناوله العامل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بينما قانون العمل القديم احتسب متوسط أجورهم على أساس ما يتناوله العامل خلال الأيام الفعلية في الثلاثة شهور الأخيرة. وهذا الفارق البسيط بينهما يراه البعض أمراً هيّناً بينما هو فارق كبير يصيب العامل بالضرر. ولإيضاح ذلك نسوق المثال الآتي:

عامل يعمل بالعمولة بنسبة معينة من مجموع مبيعاته، وبلغ مجموع ما يستحقه من عمولة عن الشهور الثلاثة الأخيرة 1200 دينار، وكان قد عمل عملاً فعليّاً خلال هذه الشهور مدة ثمانين يوماً فقط (بعد خصم أيام الجمع والعطل الرسمية المقرّرة قانوناً).

فإنه عندما نحسب متوسط أجره اليومي طبقاً لقانون العمل القديم نقسم ما حصل عليه خلال الثلاثة شهور الأخيرة على عدد أيام العمل الفعلية فقط (وهي 80 يوماً) طبقاً لما جاء في النص السابق، لأن هذا العامل لا يعمل على أساس الوحدة الزمنية إنما يعمل على أساس الوحدة الإنتاجية، فيكون بذلك متوسط أجره اليومي هو (1200 دينار ÷ 80 يوماً = 15 ديناراً) وهذا هو عين العدالة والحق، طالما أن الأيام التي لم يعمل فيها خلال الشهور الثلاثة هي في إطار الإجازات والعطل الرسمية.

في حين لو أننا طبقنا قانون العمل الجديد لاحتساب متوسط أجره اليومي لاستوجب أولاً استخراج متوسط أجره الشهري فيكون (1200 دينار ÷ 3 شهور = 400 دينار) فيصبح بالتالي متوسط أجره اليومي هو 400 ÷ 30 = 13.333 ديناراً.

وبناء عليه يكون متوسط أجره اليومي طبقاً لقانون العمل القديم 15 ديناراً، ومتوسط أجره اليومي طبقاً لقانون العمل الجديد 13.333 ديناراً.

وهذا الفارق الكبير بين الحسابين يعد خسارةً تصيب العامل دون وجه حق بسبب التشريع الخاطئ.

ولنا لقاءات أخرى في الحلقات المقبلة لنكتشف من خلالها المزيد من الإجحاف وعدم الإنصاف الواقعين على العمال من جانب قانون العمل الجديد، فضلاً عن اعوجاج نصوص هذا القانون شكلاً وتنظيماً وصياغةً، ولنثبت مجدداً أن هذا القانون هو أسوأ قانون عصري تشهده البحرين.

إقرأ أيضا لـ "علي محسن الورقاء"

العدد 3824 - الأحد 24 فبراير 2013م الموافق 13 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:36 ص

      بل قل اسوأ قانون يشهده العالم

      البحرين غير
      يعني لازم التفوق في الامور السيئة لكي تشتهر البحرين بما يندى له الجبين

    • زائر 1 | 12:47 ص

      شكر

      الشكر والجزيل لك أستاذ علي على هذا التأصيل القانوني الرائع ، ونحن في حاجة إلى تعميم الثقافة القانونية والحقوقية في الوسط العمالي

اقرأ ايضاً