العدد 3822 - الجمعة 22 فبراير 2013م الموافق 11 ربيع الثاني 1434هـ

ماذا فعلتم بالقَسَم الطبي؟

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

«ينبغي أن يكون المتعلم للطب في جنسه حراً، وفي طبعه جيداً (...)، جيد الفهم، حسن الحديث، صحيح الرأي عند المشورة، عفيفاً شجاعاً غير محبٍ للفضة، مالكاً لنفسه عند الغضب، ولا يكون تاركاً في الغاية، ولا يكون بليداً، وينبغي أن يكون مشاركاً للعليل مشفقاً عليه، حافظاً للأسرار، لأن كثير من المرضى يوقفونا على أمراض بهم ولا يحبون أن يقف عليها غيرهم».

هذا وصف دقيق لمواصفات الطبيب وضعه مع جملة أخرى من المواصفات أول مؤرخ وفيلسوف في الطب وهو أبقراط، الذي وضع القسم الطبي بعد ذلك قبل أن يتم تعديله تعديلاً بسيطاً مع التطور الديني والاجتماعي في كل دولة من دون الإخلال بما جاء به من أخلاقيات وثوابت ينبغي على الطبيب التحلي بها، والتي تتضمن عدم إفشاء أسرار المرضى بما فيها المعلومات عن حالتهم بغير إذن منهم، ومراعاة الطبيب لمن درسه المهنة واعتباره كأبٍ له ومراعاة زملائه في المهنة وتعليمهم ما يحتاجون.

ما حدث لدينا في البحرين للطاقم الطبي وما يُراد له أن يحدث هو عكس هذا تماماً؛ إذ أوضح الدكتور طه الدرازي في كلمته التي ألقاها في جمعية العمل الديمقراطي (وعد) حول وضع الطاقم الطبي والخدمات الصحية في البحرين في يوم الأربعاء الماضي، أن الهيئة الوطنية لتنظيم المهن الصحية قد عمّمَت على جميع مراكز العلاج على اختلافها الخاصة والعامة تعليمات بضرورة إبلاغ الجهات الأمنية حول أي جريح يلجأ لها للعلاج، وإن لم يفعل سيكون عرضة للمساءلة، هذا التعميم قديم، ولكن الدرازي ذكّر به في فعالية جميعة «وعد» لينكأ الجرح مرة أخرى.

تعميم يريد لبعض جوانب القسم الطبي أن تُلْغى؛ إذ تنص بداية القسم الطبي بحسب المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي على: «بسم الله الرحمن الرحيم. أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلاً وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم»، ما يعني أن على الطبيب أن يعالج أي مريض من غير انتظار إذن بهذا ومن غير الحاجة إلى إفشاء معلومات حول وضعه الصحي لأية جهة مادام غير موافق على هذا الإفشاء.

إن ما يحدث الآن لجرحى الأحداث ممن لا يستطيعون الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الصحية العامة خوفاً من التبليغ عنهم وبالتالي اعتقالهم أو مساءلتهم أو إلصاق التهم بهم، يجعلنا اليوم نتساءل: أين مفهوم الحياد الطبي الذي حافظ عليه الأطباء من الذين تضرروا في الأحداث عندما عالجوا الجميع بلا استثاء؟ وماذا يراد للقسم الطبي أن يكون في ظل هذه الضغوط التي تفرضها الجهات الرسمية على الأطباء والمعالجين والجرحى أنفسهم؟ وإلى أين ستصل بنا الخدمات الطبية، عندما يضطر الطبيب إلى معالجة أحدهم في البيوت لإنقاذه من جرحه وإنقاذ نفسه من المساءلة القانونية مع عدم توافر كافة الاحتياجات التي من الممكن أن تسهل العلاج وتسرع في الشفاء؟

نتمنى أن يُتْرَك الأطباء ليقوموا بواجبهم تجاه المرضى، جميع المرضى، من غير إقحامهم في الخلافات السياسية؛ لننعم بخدمات صحية متطورة لا تتأثر بتغير الأحداث أو الانتماءات أو المذاهب أو الأعراق.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3822 - الجمعة 22 فبراير 2013م الموافق 11 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 2:24 ص

      مقال على الجرح وماحدث للجزيري خير مثال

      لان الجرحى يخافون الذهاب للمستشفيات مات الجزيري والسبب الأول هو من اطلق عليه ومن منعه من دخول المستشفى بسبب وجود الشرطة وبسبب القانون الذي ذكرته الكاتبة . عودوا لضمائركم وحرروا المستشفيات وارجعوا الأطباء لأماكن عملهم لننعم بعلاج لا نخاف منه . فأطبائنا اشرف من توقيفهم

    • زائر 15 زائر 10 | 5:24 ص

      حق يراد به باطل

      ثانيا: بحسب طرحك ؛ يجب على الطبيب ان لا يبخل عن مرضى الإيدز و الأمراض المعدية ، و ان لا يبلغ عن من أصيبوا جراء الاغتصاب ، و كذلك الأطفال المصابين جراء العنف المنزلي بل يجب ان يكون الطبيب حافظا للسر و لينتقل الإيدز للمجتمع و لينتصب الأشخاص و ليعنف الأطفال و ليفلت المجرمون المصابون من العقاب

    • زائر 9 | 1:50 ص

      نعم نعم

      يسلم قلم يحمله الحرار مثلك يا أستاذة

    • زائر 8 | 1:47 ص

      لقد الغوا قانون حق العلاج لاي انسان حتى المحكوم بالاعدام

      حتى المحكوم بالاعدام فانه يعالج الا في البحرين فالذهاب للعلاج يعني وقوعك في يد المخابرات وبعدها السجن والتعذيب بدل العلاج

    • زائر 6 | 1:13 ص

      القسم الطبي

      يعيش الناس اليوم وكأنهم في حالة حرب وفي الحروب لا وجود للاعراف والمفاهيم الأخلاقية حيث تتخلى الدولة عن قوانينها وأنظمتها ويبقى الأسلوب الأمني هو سيد الموقف في كل المجالات سواء في مجال الطب او غيره حتى الالتزام الديني تم انتهاكه حيث هدمت المساجد دون مبرر او رادع !! بعد ذلك نريد من الدولة ان تلتزم بقسم ابو قراط

    • زائر 5 | 11:48 م

      الحقد الأعمى

      نقاتلك بغضاً لأبوك فهمتي أُختي.

    • زائر 3 | 10:28 م

      مسئوليه الطبيب

      أرجو أختي الفاضلة أن تكملي مقالك ووتبحثي - كما بحثت عن قسم الطبيب - عن مسئولية الطبيب في حال معالجته للمصابين..ما هي مسئوليته الأخلاقية ؟ ماهو القانون؟ في كل مؤسسة طبية في العالم يتوجب على الطبيب التبليغ عن إصابات معينة كتلك الناجمة عن طلق ناري أو غرق أو انتحار أو اغتصاب..لا يعني ذلك الاقحام في السياسة..ويجب ألا يتعارض مع تأدية الطبيب واجبه..ان كان المصاب قد خالف القانون - بغض النظر عن رأينا في ذلك - فليست مسئولية الطبيب تغيير هذا القانون ..ليتنا لا نظلم مرضانا ولا أطباءنا

    • زائر 12 زائر 3 | 3:12 ص

      هذا حكما منع للعلاج

      بهذا التعميم وبما ثبت قطعا من تعرض الجرحى وحتى من احضر الجرحى للسجن والتعذيب..فانت تقول لايحق للجريح العلاج..وتتباكون على مزاعم عدم علاج مرضى في السلمانية.

    • زائر 1 | 9:21 م

      خالف القسم

      اليوم من يخالف هذا القسم يحصل علي ترقية سريعة

اقرأ ايضاً