قطبت جبينها بازدراء وهي تتطلع نحو شقيقتها (سميرة)... يا لك من فاشلة لعوب سأخبرُ والدينا وشقيقينا عن سخافتك وعدم احترامك لذاتك.
تلاعبت (سميرة) بجسدها الرشيق وهي تتطلع في المرآة... رمقتها بنظرة تكبر وعلو ثم أجابتها:
أنتِ لستِ إلا غيوراً حقوداً... أخبريهم، فأمرك وأمرهم لا يهمني.
أحست (سماح) بذلك الإحساس... إحساس يكاد يقتلها ببطء... يحرق فؤادها فتهوى حسرة فوق سريرها تحتضن رجليها بانكسار.
تطلعت نحو المرآة بحزن عميق... حزن قد استوطن فؤادها منذ أن أينعت ودخلت في فترت المراهقة.
كادت أن تمزق بشرتها السوداء بيديها العاريتين... أحكمت قبضتيها بغضب... ثم راحت تلطم جسدها السمين بقوة عظيمة... كم تكره نفسها... كم تمقت جسدها... وكم تتمنى لو أن لا ترى قسمات وجهها الأسود السمين... عينيها الجاحظتين وأنفها الأطمس وبشرتها السوداء... ثم أغلقت باب الدار بهدوء قاتل وذهبت في سبات عميق من البكاء المتواصل.
سميرة وسماح في المدرسة
اليوم هو أول أيام الامتحانات في السنة الدراسية النهائي...
أغلقت (المدرّسة) باب الصف وبدأت ترمق كل طالبة بنظرة التحذير... ومن ثم استعانت بفراشة المدرسة (أم جاسم)، للتنقيب في أدراج الطالبات والبحث في ملابسهم لأي أثر قد يستعينون فيه للغش في الامتحان.
طبقت الدنيا على سميرة ودت في هذه اللحظة لو تكون شقيقتها (سماح) تجلس لجانبها لتساعدها كعادتها على حل دروسها.
فيما جلست (سماح) بجسدها السمين على مقعد المدرسة... كان بالكاد يسعها للجلوس، وكانت تتزحزح يمنة ويسرى فوق المقعد.
همسات الطالبات تطرق إذنيها وهي لا تخلو كالعادة من السخرية على جسدها السمين.
انقضى يوم الامتحان أخيراً وعمت الفوضى جميع أرجاء الصف بعد أن بدأن بمناقشة أوراق الامتحان والندامة والتسرع الذي أحاط كل طالبة وكأنه قيد فرضته كل طالبة على نفسها.
انسحبت سماح بكل هدوء وهي تحمل حقيبتها السوداء فوق كتفها... وبدت وهي تمشي في ممر المدرسة كدمية سمينه قصيرة... رأسها منخفض نحو الأرض كعادتها وهي تمشي في طريق مستقيم... وصلت إلى صف شقيقتها سميرة ومن ثم طرقت الباب بهدوء إلى أن فتحته المراقبة الأستاذة هند ابتسمت لها بود ورحبت بوجودها ثم سألتها: كيف كنتِ في الامتحان؟
ابتسمت سماح بخجل وعيناها تطرقان الأرض ثم إجابتها: كان الامتحان سهلاً يا معلمة.
رفعت المدرسة صوتها وصاحت بشقيقتها سميرة: انهضي سميرة شقيقتك في انتظارك.
هرولت سماح خلفها وقد لحظت الطالبات اللاتي رمقوها بنظرة استهجان... همست في أذن شقيقتها وهي تسرع في خطواتها: توقفي عن المشي سريعاً أرجوك.
توقفت سميرة وحولت نظراتها الساخطة نحو شقيقتها ثم رفعت أصبعها تلوح في وجه شقيقتها بغضب، وهي تقول: إياك أن تأتي إلى صفي مرة أخرى... هل تأتين لأبدو أمام أستاذة هند الطالبة الغبية لتنهال عليك بكلام المدح والتبجيل وتوبخني كل مرة وتطالبني أن أكون مثلك، لا أريد إن أكون مثلك أبداً.
توقفت سميرة فجأة وكان الارتباك واضحاً على محيا وجهها وهي تخاطب شقيقتها:
- حسناً... عودي أنت إلى المنزل سأوافيك قريباً.
رفعت سماح طرفها بحدة، ثم عادت تبحث بنظراتها في أرجاء المكان.
سألت سميرة بغضب: هل هو هنا؟
تضايقت سميرة من تطفل شقيقتها الكبرى فأجابتها كعادتها بغضب: وما شأنك أنت... فقط اذهبي للمنزل.
توسلت لها سماح... رجتها للعودة، لكن سميرة حكمت وقالت غاضبة: أنتِ مجرد سوداء سمينة بغيضة وغيورة طبعاً، فمن هذا الذي سيتعلق بفتاة غبية.
وما كان السواد إلا أن تغيب في قلب سماح... فقد قطّعت نياط قلبها أقرب الناس منها.
هرولت سميرة نحو ذلك الشاب بكل بساطة صعدت قربه في سيارته السوداء وسرعان ما تغيبا عن ناظري سماح.
اختفت السيارة بعيداً، تغيبت في لحظات بين ضباب الحياة...غيبت سميرة لذة الحياة... وأعمى بصيرتها غرور الذات.
عادت سماح وحدها إلى منزليهما، استقبلها والدها وهو مشغول البال كعادته على زوجته الذي لا تستطيع ولو لثانية المكوث في منزلها.
زعق في وجه سماح بغضب وعصبيه: ألا تستطع والدتك البقاء في المنزل مثل باقي النساء؟ تستقبل زوجها وتتعلم من الباقي كيف تحافظ على زوجها واحتياجاته.
وما هي إلا لحظات عادت فيها سميرة مهشمة الروح والشرف، عادت تسحب من خلفها بقايا فتاة كانت تساير الدنيا بضحكتها الرفيعة وبجسدها الذي تفتخر به أمام أصدقائها وشقيقتها التي أصبح الآن أرخص وأتفه ما عندها... جسد يمقته الناس ولا يتمنى الاقتراب حتى من ظله.
وقفت إزاء سميرة بخجل... بخوف... وانكسار... رفعت رأسها سماح... شاهدت شقيقتها المحطمة تقف مبلولة الشعر أمامها... تمزقت ملابسها وتمزقت روحها معهم.
كانت آثار العنف بادية بوضوح شديد على وجه سميرة، وكأن كلباً مسعوراً حاول تقطيع وجهها بأنيابه الحيوانية الحادة.
لطمت سماح على صدرها وسرعان ما نهضت بخفة وذهبت سريعاً وأغلقت الباب بالمفتاح.
تسمرت لحظات تشاهد شقيقتها الواقفة دون حراك... تناولت كراستها الثقيلة وبدأت تضرب شقيقتها بهسترية مجنونة.
شعرت بجمال شقيقتها الآن... بجاذبيتها ورقتها... شعرت كم هي أجمل منها... في الروح والشرف في النزاهة ورجاحة عقلها... كان جمالها في نظرها الآن تافهاً وغبياً وحقيراً.
عرفت سميرة وسماح قدرهما في هذه الحياة... وعرفتا أن الله لم يخلق أية خلقة ناقصة أبداً، إنما النقص يكون دائماً في عقولنا لا أبداننا.
حواء الأزداني
قوس قزح
سرقت نفسي ليوم واحد وخبأتها بعيداً عن كل الاتصالات... جددت أفكاري وعلاقاتي... اختلف صباحي... تفقدت أصص الورد... اكتشفت ألواناً جديدة في دولاب الملابس... ركضت ثم استلقيت أمام موج فاتن... تنفست بعمق، قبل أن ادخل الفقاعة مجدداً، علقت صورة في فراغ طال انتظاره.
مغامرة
تجردت من حليها وحقيبتها اليدوية واخفت الفلوس في الحذاء... دخلت المشفى للعلاج... فتشها الجند ولم يجدوا ما يستحق المصادرة... همس أحدهم في أذنها «المرض معك أم من عندنا».
قبل الطبع
احتج الأفغان على قتل الأميركي لهم... عبر الإعلام الأميركي عن أسفه أن ما شاهدوه لقطة هوليوودية اندمج فيها الممثل وخرج عن نص الحياة.
تكسر
رحل!
لم تسأل لماذا؟
مازال البيت يردد صدى شظايا الأجوبة!
انتحار
ضاقت به الدنيا بما رحبت... أراد تسريع مدة انتهاء صلاحيته، ففشل. عاقبوه، بأن طلبوا منه تعهداً بسحب استقالته من الحياة.
يوسف فضل
نحن مواطنون متقاعدون ممن أفنى زهرة شبابه في خدمة هذا الوطن الغالي نطالب بحق من حقوقنا الشرعية وهو تخفيض نسبة بسيطة من الأقساط الشهرية الخاصة باستبدال الراتب التقاعدي... نحن لا نطالب بإسقاط الديون ولا نطالب بالمستحيل.
فالجميع يعلم أننا عندما اقترضنا ذلك المبلغ كانت الحياة المعيشية تختلف اختلافاً كبيراً عن الحياة المعيشية اليوم، فنحن نواجه هذا الغلاء الفاحش المستمر من دون توقف في جميع احتياجاتنا الحياتية من دون رقيب أو حسيب، فقد أصبحت الحياة صعبة والأطفال أصبحوا كباراً ويحتاجون إلى مواصلة دراساتهم العليا في الجامعات التي أصبحت اليوم من الضروريات لكي نحصل على جيل متفتِّح يخدم الوطن بإخلاص وبمعرفة جيدة بعد تخرجهم في الجامعات. لقد انتظرنا طويلاً الزيادات المرتقبة في معاشات المتقاعدين لكن لا حياة لمن تنادي.
لقد انتشر خبر في هذه الأيام عن إسقاط ديون جميع المواطنين؛ لكن في بلد خليجي آخر ليس البحرين، بل امتيازات كثيرة حصل عليها ذلك المواطن الذي يعيش في تلك البلاد، وإن صح هذا الخبر فإنه «ظلم» للمواطن البحريني الذي تعوَّد على الإخلاص في عمله وحبه لوطنه على رغم الحياة الصعبة التي يعيشها، فمشكلة الأقساط الخاصة بالمتقاعدين أصبحت كبيرة إلى حد لا يعلم بها إلا الله، فعليكم بالمبادرة والالتفات لهم فهم يستحقون هذا الكرم.
صالح بن علي
(1)
يا جَدْوَلْ اِلْخِيْراتْ أَرْضْ اِلْبَساتِيْنْ
دارْ اِلْكَرَمْ وِاْلْعِزْ وُأَرْضْ اِلْمَيامِيْنْ
أُمْ اِلْنِشامـا بِلادِي وُأمْ الأجْـوادْ
اِلْمِسْكْ مِنْها فاحْ وِيّـا اِلْرَياحِيْنْ
(2)
أَنا وِدِّي ما دُوْسْ إِتْرابْ فِيْهِهْ
آقَبِّلْهِهْ واحِبْ كِلْ مِنْ عَلِيْهِهْ
هِي الداناتْ مَنْثُوْرَهْ وُجَواهِرْ
وِكِلْ الناسْ فِي اْلْدِنْيِهْ تَبِيْهِهْ
(3)
أَنا دافِي وُرَغْمْ اِلْبَــرْدْ فِيْنِــي
وُحُبِّي لَكْ بِلادِي هُـوْ دافِيْنِــي
فِي عِزْ اِلْصِيْفْ آحِسْ اِلْبَرْدْ يَسْرِي
إِذا حَنِّيْتْ لِتْرابِــكْ يا عِيْنِــي
(4)
أَنا غِيْرْ اِلْيَدِيْنْ ما عِنْدِىْ سْلاحْ
وُتامُرْنِى وُتْقُوْلْلِى حارِبْ أَشْباحْ
تِرِيْدْ آمُوْتْ فى يِسْرْ وُسُهُوْلِهْ
وُتِعِيْشْ إِنْتِهْ وُسُطْ أَهْلِكْ وُلَفْراحْ
خليفة العيسى
العدد 3821 - الخميس 21 فبراير 2013م الموافق 10 ربيع الثاني 1434هـ
قصة سميرة وسماح
تمنيت ان لم تنتهي هذه القصة،،جذبتي ،،