يشكل اليوم القطاع الصناعي عجلة التطور والتقدم في البحرين، ويعتبر من أهم الأولويات الانتاجية، إلا أن الكثير من العاملين في هذا القطاع إما يجهلون السلامة المهنية في العمل، أو هناك أسباب عدة ضمنها أرباب العمل لا يقومون بتوفير السلامة لهم.
كما أن هناك الكثير من الحوادث المؤسفة التي تقع للعمال وتسبب لهم الكثير من الإصابات وتصل إلى الموت، وللحد من هذه الحوادث المهنية، قام قسم السلامة المهنية بوزارة العمل منذ العام 2007 بإصدار قرار يحظر العمل في الأماكن الإنشائية المكشوفة من ساعة 12 ظهراً إلى الرابعة عصراً، بالإضافة إلى تطبيق عدة وسائل للحد من الحوداث؛ منها: التوعية والتثقيف من خلال العمل على تنمية الوعي الوقائي بين المديرين والأفراد في مجال السلامة العامة والمهنية وما يتطلبه ذلك من إعداد وتصميم مواد التوعية والاعلام والعمل على توفيرها بالمنشآت وإقامة الندوات والاجتماعات بقصد ارشادهم إلى أساليب الوقاية من الأخطار المهنية وطريقة تنفيذها وذلك بالتعاون مع جمعية الصحة والسلامة المهنية، بالإضافة إلى تدريب العامل على أسلم وأصح طريقة لأدائه العمل بحيث تضمن له الوقاية، حيث إن حملات التفتيش التي يقوم بها القسم لها دور فعال وأساسي من خلال تطبيق التشريعات الوطنية القانونية في بيئة العمل، وقد يتصور البعض أن الحملات التفتيشية تشمل فقط فحص بيئة العمل لكنها تتطرق إلى المرافق الصحية والملابس الفردية والمعدات وطرق تخزين المواد، مداخل ومخارج في حالات الحريق.
ولكن هل ساعد هذا القانون من انخفاض نسبة الإصابات أو الوفيات؟، وهل هناك اتفاقيات دولية أخرى تحمل على عاتقها هذا الشأن؟
من هذا المنطلق، التقينا، رئيس قسم السلامة المهنية في وزارة العمل حسين الشامي، الذي قال: «يشكل قطاع التشييد والبناء حوالي 60 في المئة من الحوادث الجسيمة، حيث تأخذ حيزاً كبيراً جدّاً بالنسبة إلى القطاعات الأهلية الأخرى».
وأضاف «القسم يتلقى ما بين 100 و150 حادثاً في كل عام، ويرجع السبب إلى اختلاف مواسم العمل ما بين الشتاء والصيف، حيث ترتفع وتيرة الحوادث في شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب لما يتعرض له العامل من إجهاد حراري أثناء مزاولته العمل، وفقاً للإحصائية السنوية التي تصدر من القسم، إذ تبين أن حوادث السقوط من أعلى هي التي تتصدر القائمة طوال السنة، بالإضافة إلى الإصابات المهنية التي يتعرض لها العامل تتراوح بين الكسر والجروح».
ويقول: «عند حدوث أي حادث مهني، يتم إبلاغهم من قبل الجهات المعنية المتمثلة في مراكز الشرطة ووزارة الصحة بالإضافة إلى الصحافة، وفور حصولهم على البلاغ يتوجه عدد من المفتشين لمعاينة الحادث قبل أن يتم تغيير معالمه، عندها توثق البيانات وتؤخذ الإفادات اللازمة ويباشر في إعداد تقرير، حيث يرسل إلى النيابة العامة ويضمن جميع التفاصيل المتعلقة بالحادث وعندها تتخذ النيابة المجرى المناسب للتحقيق»، لافتاً إلى أن من أبرز المعوقات التي يواجهها المفتشين صعوبة التواصل اللغوي بالإضافة إلى غموض جملة من الحوادث».
من جانبه، أكد نائب الأمين العام للاتحاد النقابات العمالية إبراهيم الحمد أن «القوانين التي تعمل بها البحرين في مجال الصحة والسلامة المهنية حديثة ومتطورة، ونجد أنها صارمة بالمقارنة بالدول الأخرى».
وأشار إلى أن هناك نقصاً كبيراً في عدد المفتشين على هذا الصعيد، لافتاً إلى أنه يلاحظ ارتفاع نسبة الحوداث العمالية في مجال التشييد والبناء خلال السنوات الأخيرة ويرجع السبب إلى عدم الالتزام والتطبيق من قبل أصحاب العمل.
وقال: «بحلول هذا العام؛ هناك خطة مدروسة للقيام بمد التثقيف للعمال الأجانب في هذا الصدد».
وعلى صعيد آخر في حديث مع أصحاب شركات بناء وتشييد عم هذه الحوداث أكد سيد جعفر الموسوي، وهو صاحب إحدى الشركات المحدودة العمالية أن الحوادث العمالية التي يتعرض لها العاملون في المواقع الإنشائية تتراوح بين الإصابات المتوسطة والبسيطة مثل، الحروق الجلدية وقطع أحد الأطراف.
فيما، قال محمد الغناة وهو يملك شركة يعمل فيها حوالي 500 عامل تختلف أعمارهم وأعمالهم المنجزة، اذ يؤكد: أن «الحوادث في المنشأة مختلفة، فبعضها تكون بسيطة والأخرى تكون، بليغة ويعتمد الحادث بحسب قوله على الموقع الذي يمارس فيه العامل عمله؛ فقد يكون سقوطاً من أعلى وربما تكون جروحاً وخدوشاً بسيطة».
أما على المستوى العمالي، فتقول مريم إبراهيم، إحدى العاملات في مصنع للملابس الجاهزة،: «إنه بعد صدور هذه القوانين أصبحت الأمور أكثر وضوحاً بالنسبة إليها».
وأضافت زميلتها زهراء حسين: «إنها كانت تعمل منذ العام 2003 في المصنع، وبعد العام 2007 شعرت بتغيير كبير وبتطور شامل من خلال التوعية وإبراز المخاطر التي يتعرض لها العاملون في العمل، وذلك حسبما أفادت بأنه بين فترة وأخرى يتم تدريبهم على عملية إطفاء الحريق وتوعيتهم بأهمية الإسعافات الأولية وذلك بإقامة الورش التدريبية والملصقات».
تعرف الإصابة بأنها التي تقع نتيجة حادث أثناء تأدية العامل العمل الذي أسند له من قبل صاحب العمل أو من ينوب عنه سواء أكان ذلك في موقع العمل أم خارجه أم أثناء السفر، والحوادث العمالية تصنف وفقاً لأمور ومقاييس معينة، أولها: نوعية الحادث مثل السقوط وما شكله. ثانياً: وفقاً للعوامل المادية مثل الإصابة من الآلات ومعدات البناء والمواد الكيميائية المستخدمة في المنشأة، أما بالنسبة إلى النتائج المترتبة على إصابات العمل فقد تكون المباشرة؛ فتصيب العامل بالعجز الجزئي أو الكلي وتتضمن أيضاً حالات الوفاة وتكون بسبب افتقار المنشأة إلى اشتراطات الصحة والسلامة اللازمة، أو قد تكون غير المباشرة وهنا يتغيب العامل لوجود إصابة تعوقه عن أدائه العمل.
طلب من العامل أن يقوم بعملية مسح الجدران الخارجية في المستوى السادس لبناية قيد الإنشاء؛ وفجأة واثناء ذلك، باغته انهيار هيكل السقالات وانفصال عشرة أقسام علوية من هيكل السقالات، فسقط من ارتفاع 23 مترا بطريقة متتابعة، مما أدى إلى إصابته بكسور في الساق والذراع الأيمن، وتعود أسباب الحادث إلى عدم توفير اشتراطات الأمن والسلامة في تشييد السقالات بشكل غير آمن بالإضافة إلى كونها قديمة وغير سليمة.
قام بمحاولة استخدام آلة القطع الموجودة في موقع العمل على رغم علم الجميع بالحذر من استخدامها؛ فهي تؤدي غرض قطع الأنابيب البلاستيكية لكنه استخدمها لفتح غطاء أحد البراميل التي تحتوي على بقايا المواد الكيميائية القابلة للاشتعال، ولأن البرميل كان تحت أشعة الشمس وهي عامل ممتاز لتمدد الأبخرة وزيادة الضغط داخله، فقد أدى أدى ذلك إلى انفجار البرميل وتوفي العامل بإصابة بليغة في الرأس.
في حوالي الساعة الرابعة صباحًا قام أحد العمال بمعاينة الآلة التي تمت صيانتها حيث لم تتم موازنتها لتقوم بالعمل المطلوب، فقام بإحضار المعدات اللازمة من أجل القيام بالموازنة للآلة بشكل جيد، وأثناء قيامه بأعمال الصيانة لتلك الآلة، انحشرت ذراعه في أحد التروس ونتيجة ذلك التفت التروس عليها، وكان الإجراء المناسب بتر ذراع العامل.
حملت منظمة العمل الدولية على عاتقها منذ تأسيسها إهتمامًا بالغًا بما يتعلق بالسلامة والصحة المهنية للعمال، وقامت بإصدار العديد من الاتفاقيات والتوصيات التي تناولت مسائل حماية بيئة العمل وقد بلغ عدد الاتفاقيات 184 اتفاقية وهناك ما يزيد على 50 اتفاقية هامة وخاصة بالصحة والسلامة المهنية، وتعتبر اتفاقية رقم (155) للعام 1981م من أهم الاتفاقيات الأساسية التي صدرت من المنظمة والتي تنص على اعتماد تدابير تشريعية وتنظيمية في هذا المجال، حيث تحتوي على 30 مادة تندرج ضمن خمسة أبواب مهمة ورئيسية حيث إنها تبرز ضرورة التعاون القائم بين أصحاب العمل وعمالهم من خلال التدريب المكثف على استخدام الآلات بصورة صحيحة وتقديم سبل السلامة المهنية من ملابس وإرشادات وذلك للحد من أية مخاطر يمكن لها أن تحدث عند مزاولة العمل.
فيما أعلنت المنظمة يوم 28 أبريل/ نيسان من كل عام يوماً عالميّاً للسلامة والصحة المهنية. وكون البحرين عضواً فعالاً في منظمة العمل الدولية قامت بإصدار مجموعة من التشريعات بدءاً منذ العام 1976 منتهية إلى 2007، واحتوت على 23 قراراً يشمل جميع الجوانب المتعلقة بالعاملين في القطاع الأهلي، والتي تضمن جميع الحقوق العمالية.
ويذكر الشامي أن القسم يقوم بحملات تفتيشية مفاجئة تقريباً كل 6 أشهر وفي حال ضبط المخالفة خلال عملية التفتيش يقوم المفتش المسئول عن الموقع العمالي باتباع الخطوة المناسبة التي تختلف من مخالفة إلى أخرى فيكون أقلها التنبيه إلى أن أن تصل إلى التوقيف عن العمل لتلك المنشأة.
إن الحوادث العمالية هي أشد الحوادث خطورة على الإنسان في حال أنه لم يتبع احتياطات الصحة والسلامة عند الشروع في العمل، ويرجع السبب الرئيسي وراء كثرة الحوادث إلى عدم الالتزام بقواعد السلامة والصحة المهنية من قبل أصحاب العمل، حيث إن الاهتمام وتفعيل مفهوم السلامة والصحة المهنية يساعد في رفع وتحسين إنتاجية العمل، وذلك يرجع لقلة الوعي تجاه ذلك من قبل العاملين في ميدان العمل، ومن الأجدر أن يقوم أصحاب العمل بحملات توعية بين فترة وأخرى لحفظ سلامة العمال من الأخطار.
العدد 3821 - الخميس 21 فبراير 2013م الموافق 10 ربيع الثاني 1434هـ
دُعاء البقالي
دام نبض كلماتگ غاليتي.. موفقة وإلى الأمام
موضوع جميل
موضوع جميل ورائع حقا إلى الأمام دوما عزيزتي
شريفة الودآعي
جميل ما خطته آناملك عزيزتي علياإء والى الاماإم .. موفقة