أجراها: الصحافي علي صالح (15 يونيو 2001).
س1: ما هو تقييمك للتطورات السياسية التي حدثت في البحرين؟
التطورات السياسية في البحرين متسارعة جداً ولا يمكن لأي مراقب من الخارج متابعتها بدقة ما لم يكن له التصاق بالواقع المتحرك يومياً بإيجابياته الكثيرة. وأيضاً السلبيات التي لابد وأن تحصل في مسيرة معقدة كمسيرة الإصلاح في البحرين.
أعتقد أن سمو الأمير قد فتح الباب أمام الإصلاح وكانت هذه المبادرة الخيرة التي بدأت بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة المبعدين وثم إلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة. هذه الإجراءات الهامة لها تأثيرها المباشر في تحسين صورة البحرين في الخارج بسرعة فائقة وفي فتح الساحة الداخلية للحوارات الوطنية وتكوين الجمعيات الأهلية وثم السماح بإنشاء نقابة العمال، وإن شاء الله تليها إنشاء الاتحادات الرئيسية الأخرى للنساء والمحامين وغيرهم.
ولكن أيضاً لا زالت علاقات الثقة المتبادلة سواء كانت بين الحاكم والمحكوم أو بين أطراف المجتمع في بداية الطريق، وقد تتعثر قليلاً بسبب مخلفات الماضي، ولكن أملنا أن نتغلب جميعاً على هذه الصعاب، لكي نواصل وندعم مسيرة التصالح والإصلاح.
س2: ما هي متطلبات الإصلاح السياسي والاقتصادي في البحرين؟
المتطلبات الأساسية للإصلاح السياسي هي السماح بحرية التعبير ضمن حدود الدستور والسماح للاتجاهات السياسية الفاعلة بتشكيل أنفسها بصورة سلمية وعلنية بما يتلاءم مع الظروف الحالية، لكي تستطيع تنظيم صفوفها وطرح برامجها العملية أمام المجتمع.
إن العمل السياسي لا يمكن أن يستقيم إلا إذا تمكن أصحاب الاتجاهات الفاعلة من إيصال أفكارهم وبرامجهم إلى مختلف الأطراف وإلى الناس جميعاً لكي تثري عملية الحوار من أجل بناء بحرين ديمقراطية ودستورية. وأعتقد أن الحكم الفصل هو الجمهور الواعي الذي أصبح من أكثر الناس خبرة في هذا المجال وهم الذين سوف ينتخبون أو يسقطون البرامج غير الملائمة لمجتمع البحرين.
الإصلاح الاقتصادي يحتاج لتفعيل المبادئ الواعية للشفافية والمحاسبة، وثم الشروع باتجاه الاقتصاد غير النفطي قدر الإمكان بالاعتماد على القدرات والمهارات الوطنية وتدريبها للدخول في مجالات الاقتصادي المعرفي، واستقطاب رؤوس الأموال من خارج البحرين، وخصخصة قطاعات أساسية بما يضمن وجود تنافس اقتصادي لخدمة المواطن وتسهيل حياته.
س3: كيف تنظر إلى الخطوات الجارية لتعديل الدستور وتفعيل الميثاق ومن ثم الانتخابات؟
بشأن تفعيل الميثاق، أأمل أن يتمكن سمو ولي العهد من اقتراح وتنفيذ عدد من الخطوات التي تمهد للحياة الدستورية القادمة. أما بالنسبة لتعديل الدستور، فأنا أعتقد أن الجهة المؤهلة للمصادقة على أي تعديل دستوري هي المجلس النيابي المنتخب حسب المادة 104. ولذا فإن الحوارت الحالية حول التعديل الدستوري ينبغي أن تتوسع لتشمل الجمعيات الأهلية، لا سيما جمعية المحامين، وأن تطرح تلك المداولات أمام الناس في الصحافة والندوات. وبعد ذلك تعرض التعديلات على المجلس لإقرارها بما يتناسب مع الدستور والميثاق.
فالميثاق الآن له صفة شرعية بعد تصويت الشعب عليه. ولكن لا زال الدستور هو الحاكم ، كما صرح سعادة وزير العدل قبيل التصويت على الميثاق، ولذا فإن موافقة المجلس المنتخب ستكون هي الوسيلة الدستورية لذلك.
س4: في ظل ظروف وأوضاع شعب البحرين أي نوع من الوحدة الوطنية نحتاج؟
نحن بحاجة لوحدة حقيقية وليست تقريبية فقط. فأهل البحرين جميعهم وبمختلف مذاهبهم وتوجهاتهم هم أصحاب سفينة واحدة. وهذه السفينة وسلامتها مسئولية الجميع. ربما إننا لدينا الآن ربان مستنير يسعى لتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين ولذا فإن الفرصة متاحة أمامنا لفتح النوادي والمنتديات والجمعيات لبعضنا البعض، للالتقاء وتبادل وجهات النظر لتقريبها بما يخدم مصلحة البلاد وأهلها. إننا بحاجة لوحدة (وليس فقط لتقارب) بين علماء الدين الشيعة والسنة، وبحاجة لوحدة بين الاتجاهات الوطنية الفاعلة حول الأسس العامة للعمل السياسي. هذه الاتجاهات الوطنية عملت وسعت ونجحت في إنجاز كثير من الأهداف، وأي اختلاف بينها، أو بمعنى آخر تضارب قد يؤدي إلى تضييع الانجازات التي تحققت. إننا نطالب باستمرار هذا التعاون والتنسيق لحفظ المسيرة الوطنية.
س5: إلى أي مدى يمكن القول أن هناك اختلافاً طائفياً وكيف يمكن تلافي هذا الخلاف؟
بلا شك هناك اختلافات فقهية بين العلماء، وهذا أمر طبيعي كان يجمل الحديقة الإسلامية بالزهور المختلفة. المشكلة أن الخلافات الفقهية تم تسييها لاحقاً، وحدثت لنا بعد ذلك المشاكل الطائفية في أنحاء العالم الإسلامي. والبحرين هي جزء من العالم الإسلامي الذي ابتلى في بعض الأوقات من هذه المشكلة.
إلا أننا وعند التدقيق في الأمر لا نرى الاختلاف الطائفي له أي عمق غير قابل للمعالجة في مجتمعنا البحريني الصغير. ففي 1938م كانت القيادات السنية والشيعية يداً بيد، وعندما تحرك المستشار بليجرف ضد ذلك التحالف المطالب بنقابات عمالية وانتخابات برلمانية، كان قد ركز على ضرب السنة فقط. ولذا فإن القادة الذين تم ابعادهم جميعهم كانوا من السنة. أما الشيعة فقد تعاملت معهم الحكومة آنذاك بأسلوب أكثر ليناً. والخمسينات شهدت التحرك المشترك ونال كل من الشيعة والسنة نصيبهم من القمع. فترة الثمانيات فقط تغلغلت الطائفية نظراً لتغير الظروف المحيطة. ولكننا والحمد لله نرى أن المياه بدأت تعود لطبيعتها. إضافة لذلك فإن الشيعي والسني يتواجدان في الجامعة وفي العمل وفي السوق. وهناك حالات زواج وتصاهر بينهم، وهناك تداخل سكني بينهم، وهذا يزداد مع الزمن.
وأعتقد أن مبادرات الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة والشيخ عبد الأمير الجمري الأخيرة ستعزز الوحدة بين الرموز، وإن شاء الله تنتقل هذه بسرعة إلى القاعدة.
س6: كيف تنظر إلى وجود التيارات السياسية بتلاوينها الدينية (الشيعية والسنية) والوطنية الديمقراطية وما هي الاختلافات في برامجها؟
من الناحية النظرية وعندما تقرأ مسودات البرامج السياسية التي تحدثت عنها جمعية الإصلاح والديمقراطيون والاتجاه الإسلامي المتركز في الوسط الشيعي، فإنها لا تختلف كثيراً.
فجميعها يطالب بحقوق المواطن وتأكيد دوره في الحياة العامة من خلال الدستور والميثاق. ولكن من الناحية العملية فإن هذه الاتجاهات لديها قاعدة معينة تواليها ولديها تحالفات قائمة على أسس فكرية مشتركة أو على أسس مصالح الوطن المشتركة. وأعتقد أن المواطنين سوف يتبعون في الفترة القادمة أصحاب البرامج السياسية، وليست البرامج السياسية. وهذا ربما ليس خطأ في المرحلة الانتقالية التي نمر بها لكي تنضج الحالة السياسية، وثم يمكن للمواطن أن يعطي صوته للبرنامج وليس لصاحب البرنامج فقط. صاحب البرنامج مهم جداً لأن الثقة الحالية قائمة على أساس وجود شخصيات ورموز، ولو تحولت هذه الشخصيات في المستقبل لمؤسسات معترف بها، فإن الحالة السياسية ستكون أكثر تنظيماً.
س7: كيف تقيم الحل الذي وضع لمشكلة البطالة من حيث إمكانية نجاحه في توظيف 15 ألف في ستة أشهر؟
من الناحية النظرية فإن توظيف 15 ألف مواطن بينما يوجد لدينا أكثر من 150 ألف أجنبي ليس صعبا. ولكن من الناحية العملية فإن هناك الرواتب المنخفضة للعمال الأجانب وهو استغلال لهم وفرصة سانحة لكثير من أصحاب الأعمال للابتعاد عن توظيف المواطنين.
ثم إن هناك بعض التسيب في معالجة مصارد المشكلة. نعم هناك معالجة لبعض عوارضها كطرد "الفري فيزا" ولكن مسبباتها لازالت قائمة. مع كل ذلك فيما لو تظافرت الجهود وتم تعزيز دور اللجنة التي أنشأت لرعاية العاطلين عن العمل، وإدخال هذه اللجنة ضمن عملية التأسيس الجارية لنقابة العمال، واشتراك النقابة العمالية في حملة توعية المواطنين، وتظافر جهود القطاع الخاص والعام، فإن بالإمكان حل المشكلة خلال ستة أشهر.
الطاقة الاستيعابية للمشروع الحالي للتوظيف والتدريب لا يستطيع استيعاب أكثر من ألفين إلى ثلاثة آلاف مواطن في السنة، وهؤلاء من أصحاب التخصصات والمتدربين.
بتاريخ: 15 / 6 / 2001
العدد 3819 - الثلثاء 19 فبراير 2013م الموافق 08 ربيع الثاني 1434هـ