أمامي قائمة أسماء تم تداولها عبر المواقع الإلكترونية قبل يومين، وصورة متحركة لكاميرا التقطت مجموعة من رجال مكافحة الشغب يقتطفون بكل براءة حبات كنار (بامباوي) في الشارع العام من شجرة متدلية من أحد البيوت! وتغريدة «تويتر» تستغرب من معارضةٍ لا تريد الديمقراطية وتتمسك بالأبدية للأشخاص وترفض الحكومات المنتخبة!

قائمة الأسماء كُتب عليها «المحلات المغلقة والداعمة للإرهاب في المملكة ليوم 14 فبراير- سوق واقف»، وأمام كل محل رقمه في السجل التجاري، فتأملوا دقة المعلومات لمن ستصل إليه! وتضم القائمة ثلاثة أعمدة يحوي كل منها 33 محلاً تجارياً معظمها لكبرى الشركات والمؤسسات التي تعمل في مواد البناء والخدمات مثل قطع الغيار، ورش نجارة، و «سيراميك»، ومواد غذائية والكترونيات وغيرها. أي أمامنا عمل جبار ضد 99 محلاً تجارياً بحرينياً وسط هذا الكم المتراكم من المشاكل والاستحقاقات.

ومما يلاحظ أن معظم هذه المحلات في سوق واقف للفئة التي يدير «المؤزّمون» ملف التمييز والتخوين ضدها حتى في عز أيام الحوار. ولكن تشير هذه القائمة بشكل آخر إلى أن المحرّك الرئيسي لاقتصاد أسواق الخدمات هم هذه الفئة المستهدَفة؛ وبما أن الوضع الاقتصادي لا يُحسد عليه أهل البحرين الآن، يأتي هؤلاء ليزيدوا «الطين بلة» وهم ومن دفعهم لفعل ذلك لا يعون ما معني «بيخربها ويقعد على تلتها».

فحين يقوم أزلام الفئة المؤزِّمة للوضع بزيارة سوق واقف يوم الخميس 14 فبراير تحديداً، ولا نعلم هل كان بقرار رسمي من البلدية أو التجارة مثلاً، ومعهم أوراق وأقلام وهم يلفون على جميع محلات السوق دون أن يستطيع أحد منعهم أو يسألهم عما يفعلون! ثم يقومون بتسجيل اسم كل محل ورقمه ثم يطبعون هذه القائمة على ورق ويوزعونها عبر النت دون أن تدلل على المسئول عن صدورها ولا يكون هناك حساب ورقابة وسؤال لمن قام بها؛ فهذه قمة المأساة فيما نعيشه اليوم ومعها سؤال مهم: أين دولة المؤسسات؟ وهل ترضى دولة الاقتصاد الحر أن تجبر أي تاجر أو مستثمر على تحديد أيام عمله في الأسبوع من كل شهر ومتى يجب أن يفتح محله ومتى يجب عليه أن يغلقه؟ تلك لعمري أعلى قمم المأساة وتقييد حرية الحركة الاقتصادية في البلد والتي مللنا من سماع الحرص اليومي على ازدهارها وحل مشاكل تجارها. فمتي سيفهم «المؤزّمون» ومن يقف وراءهم؟ ومتى سيتم وقف عبثهم في البلد وترهيب الناس والتجار تحديداً في هذا المقام.

أما صورة قطف الكنارات - ولا ندري كم عددها حتى اللحظة - فلا تحتاج لتعليقٍ بمقارنتها بحالة ذاك الآسيوي الذي سجن 22 يوماً وغُرّم مبلغاً تافهاً لا يساوي أيام سجنه من أجل ثلاث كنارات. ويبدو أن الجماعة الجديدة التي قطفت الكنار «البمباوي» المزروع في أرض بحرينية؛ لم يعلموا بعد ولم يقرأوا ما حدث لزميلهم الآسيوي بسبب هذه الحبات البحرينية.

وما يخص التغريدة لمن يرفض الحكومات المنتخبة في زمن الثورات العربية والحراك الشعبي ضد الدكتاتوريات العربية تحديداً، فتلك مصيبتهم وحالة نفسية لدى البعض، فرضتها أرقام مالية حجبت عنا بلاغتها السياسية سُحب الدخان وبهيمية الظلام، وكفى.

وحكاية المؤزِّمين لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد، وبنفس السياق والمنهج المتبع، وقاتل الله المؤزّمين الجدد من شباب كرزكان، الذين صوّبوا نار أسلحتهم الفتاكة التي استوردوها عبر البحار وخزّنوها من أجل مؤامرة دُبّرت بليل أعمى البصيرة؛ صوّبوا نارها لصدور الشرفاء فأردوهم بين قتيل وجريح، فلا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قاتل الله شباب البحرين الذين قاموا بوضع قنبلة صُنعت في المصانع المحلية على جسر المحبة وهم لا يخافون الله في دماء الشرفاء من أهل الوطن، ولولا لطف المولى ويقظة العيون الساهرة لوقع ما وقع وجرح من جرح، وقتل من قتل، وسبي من سبي! ثم قاتل الله «المؤزّمين» ثالثاً، الذين دسوا لنا في مجمع مدينة عيسى التجاري وقرب طاولات مقهى المتقاعدين الذين كانوا ينتظرون الزيادة الموعودة في معاشاتهم المهترئة وعيونهم مثقلة بالحزن؛ قنبلة أخرى من المصانع المحلية، ولولا اكتشافها بواسطة العيون التي لا تنام لهُدم ما هُدم من المجمع التجاري، الذي يسترزق منه الناس، على مرتاديه ولقُيدت القضية ضد معلوم.

وقاتل الله رابعاً... وقاتل الله خامساً... كل «المؤزّمين» الذين لا يهمهم مصلحة البلد ولا ناسه ولا يقرأون تاريخه جيداً ولا يقدرون أوضاع حاضره ولا يريدون له مستقبلاً واعداً بعد مغادرة المائدة المستديرة عقب عمر طويل بإذنه تعالى. أفلم يئن الأوان لكل الشرفاء أن يتحركوا لأنهم تأثروا من عبث «المؤزّمين» في الظلام بأسلحتهم الفتاكة من قنابل ومقذوفات نارية غريبة على المجتمع البحريني كما أُعلن وهي تدخل في الصدور والأفواه قذفاً من قبلهم باليد العارية والصدور المكشوفة، ورصاصاً وإعلاماً وتزييفاً وكذباً لا يمكن تحمله أبداً بعد عامين من الحراك. ثم ألا يجب البدء بالبحث عن هؤلاء المؤزّمين وإيقافهم عند حدهم حتى لا تبقى دابة الحوار تدور حول الساقية معصوبة العينين؟