أقر مجلس الشورى في جلسته الاعتيادية يوم أمس الإثنين (18 فبراير/ شباط 2013)، مرسوم قانون غرفة تجارة وصناعة البحرين، بالرغم من إصرار لجنة الشئون التشريعية والقانونية في المجلس على عدم دستوريته.
إذ ارتأت اللجنة التشريعية عدم توافر صفة الاستعجال في إصدار المرسوم بقانون، ناهيك عن كونه تشوبه شبهة عدم الدستورية، وذلك في المادة «2» التي تتعارض مع المادة «27» من الدستور، وتنص على «لا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أية جمعية أو نقابة أو الاستمرار فيها». كما ارتأت أنه من الأجدى أن تتم صياغة تنظيم أحكام الغرفة من خلال مشروع قانون.
وصوّت كل من الأعضاء جميلة سلمان، ودلال الزايد، ورباب العريض، وسعيد اليماني، ولولوة العوضي، ومحمد هادي الحلواجي، برفض المرسوم.
وأثناء مناقشة تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية بشأن المرسوم، قالت العضو رباب العريض: «من المفترض فيما يتعلق بتكوين النقابات أو الشخصيات الاعتبارية ذات الطابع المهني أن يكون للأشخاص حرية الانضمام إليها من عدمه، وذلك اتساقاً مع ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهو ما يخالف ما جاء في مرسوم الغرفة».
وانتقدت العريض أيضاً شروط الترشح لعضوية مجلس إدارة، والتي اشترطت مرور عام على العضو قبل ترشحه لعضوية مجلس الإدارة، وهو ما اعتبرته انتقاصاً لحق العضو في الترشح، ومخالفة للدستور.
فيما قال العضو أحمد بهزاد: «كنا نأمل أن يحال لنا المرسوم كمشروع قانون لنتمكن من صياغة المواد الواردة فيه بما يلائم القطاع التجاري، ولكن إذا كانت لدينا آراء ووجهات نظر في المرسوم فيجب أن نتقبل تعديل هذه المواد في المستقبل».
وأيدت العضو لولوة العوضي ما ذهبت إليه العريض، وقالت: «إن إقرار القانون سيترتب عليه إيجاد نص مماثل في القانون الآخر المتعلق بالجمعيات المهنية، كجمعيتي المحامين والمهندسين على سبيل المثال».
فيما خالفهما الرأي العضو محمد حسن باقر، الذي اعتبر أن قرب موعد انتخابات مجلس إدارة الغرفة يستدعي سرعة إقرار المرسوم.
أما رئيسة لجنة الشئون التشريعية دلال الزايد، فقالت: «نتمنى على من يضع المراسيم أن يتقيد بما ورد في المادة (38) من الدستور بشأن شروط استعجال صدور المراسيم. فمواطن التنظيم تجبرنا كسلطة تشريعية أن نلتزم ببنود المادة (38)، ونكون حينها في حرج فيما يتعلق بالمراسيم التي ترد إلينا».
وتابعت: «يشترط في صدور المرسوم أن يكون في غيبة انعقاد المجلسين أو أن تكون هناك ضرورة لصدوره في حالة الاستعجال، وبالتالي هناك ضابطان شكلي وموضوعي للاستعجال في إصدار المرسوم».
وواصلت: «الضابط الأول لصدور المرسوم، هو صدوره في غيبة المجلسين، وهو أمر متواتر، أما فيما يتعلق بضابط الاستعجال، فإنه تمت مخاطبة الحكومة من قبل المجلسين للتأكد من دواعي الاستعجال. ولم يتم الرد من قبل الحكومة على هذا الجانب، فإن أغفلنا عنصر الاستعجال والضرورة، إلا أن ضابط القيد الموضوعي، يجبرنا على إقرار عدم دستورية المشروع».
ودافع رئيس لجنة الشئون المالية خالد المسقطي، عن قرار لجنته بإقرار المرسوم، بالقول: «اللجنة عندما توصلت إلى توصيتها بالموافقة على المرسوم، أخذت بالاعتبار أثناء مناقشتها له توافر كافة المتطلبات الدستورية والموضوعية بالنسبة لأهمية وجود مثل هذا المرسوم، وخصوصاً مع افتقار هذه المؤسسة الاقتصادية لقاعدة قانونية».
وأضاف: «حين كنت عضو مجلس إدارة الغرفة، ونظراً لعدم وجود قاعدة قانونية، كانت الأمور لا تسير بالطريقة الصحيحة، وتشوبها الكثير من التعقيدات».
وواصل: «قد لا تكون الفترة كافية لأن يحال القانون كمشروع قانون، والذي قد يأخذ في مناقشته وقتاً طويلاً للتوافق بشأنه، وبالتالي إعادة الخطأ الذي وقع أثناء انعقاد انتخابات مجلس إدارة الغرفة الماضية».
أما العضو علي العصفور، فوصف توصية لجنة الشئون التشريعية بعدم دستورية المرسوم، بأنها «غير مجزية العذر»، معتبراً أن إحالة المرسوم بصفة الاستعجال هو حق دستوري لجلالة الملك في اختيار الوقت المناسب لإصدار المرسوم.
وقال: «رأي اللجنة المالية بشأن المرسوم أكثر دقة من رأي التشريعية».
إلا أن العضو العوضي جددت تأكيدها على موقفها الرافض للمرسوم، وقالت: «الدستور البحريني أجاز للسلطة التشريعية بغرفتيها رفض المراسيم بقوانين أو قبولها، وحين نقول إن هذا الحق سلطة مطلقة لجلالة الملك، فإن ذلك يهدر الدستور بمحتواه، على السلطة التشريعية التحقق من عنصر الاستعجال، ويجب عدم قلب الاستثناء إلى أصل والأصل إلى استثناء».
وتابعت: «غرفة التجارة ووزارة الصناعة، ذهبتا إلى أن مناسبة الاستعجال تتمثل في قرب موعد انتخابات مجلس الإدارة وحتى لا يتم تسييسها، ونريد أن نعرف ما هو مفهوم التسييس؟، ولنكن حذرين في إقرار المراسيم من الناحية الشكلية والموضوعية».
وعقّب وزير الصناعة والتجارة حسن فخرو، على مداخلات الأعضاء، بالقول: «لقد تمت غربلة هذا المرسوم، وفي الوقت الذي قضاه في الكثير من اللجان والهيئات في الحكومة، فإنه أخذ نصيبه من التمحيص، وبالتالي إذا كانت هناك بعض النواقص فقد تكون هذه وجهة نظر، وقضية الدستورية هي وجهة نظر، قد يختلف معها البعض».
وأضاف: «صحيح أن الغرفة عريقة وتجاوز عمرها السبعون عاماً، ولكنها كانت تعيش في فراغ، وليس لها اتصال بالحكومة، وكانت الغرفة تفكر في تقديم قانون ينظم عملها، ولكنها لم تكن تعرف إلى من تقدمه، لأنه لم تكن هناك جهة مسئولة عن هذا القطاع. بالرغم من أنه ليست هناك جمعية أو مؤسسة أو نقابة لا ترتبط بالدولة من خلال حلقة معينة».
ورد فخرو على الاتهامات التي تُوجه إلى الحكومة بوجود نوع من الهيمنة على الغرفة، بالقول: «هناك استقلالية كاملة لدى الغرفة، وفي حالات معينة إذا قامت الغرفة بما يتنافى مع الدستور أو القانون، فالدولة يجب أن تتدخل».
وجددت العريض تأكيد موقفها من المرسوم، الذي وصفت تمريره بأنه «تراجع في الديمقراطية»، وقالت: «الأمور السياسية الاستثنائية التي مرت بها البلاد أخيراً لا يجب أن تؤثر على التشريعات، فهل التشريعات تصدر لوجود استثناءات؟، لا يوجد نص في القانون يمنع الغرفة من الاشتغال بالسياسة، وبالتالي احتمال عملها بالسياسة وارد».
فيما أكد بهزاد، توجه بعض الأعضاء للتقدم بتعديل على بعض المواد في المرسوم بما يتلاءم مع ما جاء في الدستور بغرض إزالة الشبهة الدستورية.
وافق مجلس الشورى في جلسته على مرسوم قانون يقضي بتعديل بعض أحكام السلطة القضائية.
وهو المرسوم الذي يقضي بتنظيم وظائف القضاء وأعضاء النيابة، وتعديل المسميات بما يتناسب مع تشكيل المحاكم وتوزيع القضاة على المحاكم.
وارتأت لجنة الشئون التشريعية والقانونية التي أعدت تقرير المرسوم، أن عنصر الاستعجال في إقرار المرسوم متوافرة، باعتبار أن التنقلات في السلطة القضائية لابد أن تتم قبل بداية العام القضائي، والحاجة إلى تعيين قضاة بحرينيين في السلك القضائي، وأنه في حال عدم إصدار هذا المرسوم سيترتب عليه إرباك في العملية القضائية، وتسيير أمورها وإجراءاتها.وسبق للجنة أن أبدت تحفظها على المادة «73» مكرراً من المرسوم بقانون، بشأن إلحاق موازنة المجلس بموازنة الوزارة؛ إذ رأت أن النص يتعارض مع ما تم التوافق عليه في مرئيات حوار التوافق الوطني بشأن استقلالية القضاء.
في حين زال ذلك التحفظ باعتبار أن نص المادة «73» مكرراً في المرسوم بقانون رقم (44) لسنة 2012، بتعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (42) لسنة 2002، جاء متكاملا ومحققاً لرؤية اللجنة بشأن ضمان كفالة تحقيق استقلال السلطة القضائية مالياً وإدارياً، وبما يضمن الوفرة المالية للجهاز القضائي، ويحقق استقلالها المالي والإداري، ويخدم تطوير النظام القضائي وسير العمل فيه.
وأبدت وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف في مرئياتها للجنة، أن التعديلات التي أتى بها المرسوم تصب في صالح منظومة التنظيم القضائي في البلاد، وذلك من خلال بيان تأليف المحاكم، وعدد القضاة الذين يتعين أن تصدر عنهم الأحكام، وآليات إنشاء المحاكم، وتجديد وظائف القضاة، والحرص على استمرار كفاءة ونزاهة القاضي وتشجيعه على تطوير أدائه، وضمان إمداد القضاء بعناصر ذات كفاءة عالية، وإرساء مبدأ التفتيش على أعمال القضاة لتكون ترقيتهم على أساس الكفاءة، والحفاظ على نزاهة القاضي من خلال إخضاعه للتأديب في حالة حصوله على تقريرين متتاليين بدرجة أقل من المتوسط، كما عني التعديل باشتراط اجتياز المتقدم لتولي ولاية القضاء لامتحان ودورة يعدهما المجلس الأعلى للقضاء.
العدد 3818 - الإثنين 18 فبراير 2013م الموافق 07 ربيع الثاني 1434هـ