في العرض الختامي لمهرجان أوال المسرحي السابع مساء الإثنين الماضي، اختار المخرج خلفية لمسرحية «الدياية طارت... أين المنطق»، لافتات كتبت عليها كلمتان: «المنطق» و «اللامنطق».
في عمق المسرح عُلقت لافتتان متوازيتان: على اليمين كتب عليها عبارة:
«إذا حكى الشرع»، وعلى اليسار تكملتها: «الكل ياكل تبن».
من الوهلة الأولى كان يتبادر للمشاهد أنها ستتناول بعض المشاكل الاجتماعية أو الدينية، لكن المسرحية ذهبت إلى دغدغة النظام القضائي في سرّته: مدى تحقيقه للعدل في المجتمع.
حبكة المسرحية تقوم على قصة خبّاز، يأتي له أحدهم بدجاجة ليشويها، فيقدّمها الخباز إلى صديقه القاضي، ولما عاد صاحبها يطلبها ادعى بأنها طارت. ولأنه لم يقتنع بهذه «الجمبزة»، دخل معه في عراك، فهرب منه إلى مئذنة الجامع، ومن هناك قفز الخباز ليسقط على رقبة أحد المصلين وكان ساجداً فقتله.
حين جيء بالخباز إلى صديقه القاضي، أخبره بالقصة وطلب منه أن يجد حلاً، فوعده خيراً. وحين بدأت المرافعة، دخل القاضي في جدل «منطقي» لإقناع صاحب الدجاجة بأنها طارت، اعتماداً على أنه مسلم، والمسلم يؤمن بأن الله قادر على كل شيء، وبالتالي طارت دجاجته بقدرة الله! وحين اعترض على هذا المنطق المضحك اتهمه القاضي بإهانة القضاء، وفرض عليه دفع غرامة عشر روبيات، دفعها وهو يلعن هذا المنطق والظلم!
المترافع الثاني كان قد ضربه الخباز أثناء محاولته التوسط لفك العراك فذهب بإحدى عينيه، وتولّى القاضي الدفاع عن صديقه الخباز بدخول جولة منطقية جديدة، تقوم على واقع امتلاكه عيناً واحدةً حالياً، وحكم له بفقأ عين الخباز، على أن يفقأ الخباز عينه الثانية، تنفيذاً لمبدأ «العين بالعين»، وهو حكمٌ رفضه، لأنه سيصبح أعمى، بينما أخذ الخباز يرقص فرحاً للحكم لأنه سيفقد عيناً واحدة فقط! وبمرارة ينتقد الحكم، فيتهمه القاضي بإهانة المحكمة ويفرض عليه غرامة عشر روبيات، يدفعها وهو يلعن هذا المنطق!
المترافع الثالث كان أخ القتيل، حيث جاء طالباً القصاص، فيدخل معه القاضي جولة منطقية أخرى، ويحكم عليه بالصعود إلى المئذنة، والقفز حتى يهبط على رقبة الخباز بشرط أن يكون في وضعية سجود، ولأنه لن يضمن سلامته في حال القفز، تخلى عن الحكم متذمراً من هذا الظلم، فحكم عليه القاضي بغرامة عشر روبيات بتهمة إهانة المحكمة!
أما المترافع الرابع، الذي جاء للأخذ بحق حماره الذي قطع الخباز ذيله أثناء فراره، فقد سحب قضيته، قبل أن يحوّله القاضي بألاعيبه «المنطقية» من مدعٍ إلى جانٍ، ولكن القاضي تنبّه له، ورفض سحب القضية، «فهل تعتقد أن القضاء لعبة؟ ترفع قضيةً ثم تسحبها؟ هذه إهانة للقضاء! لقد حكمنا عليك بغرامة عشر روبيات»! وحين يخرج الضحية الرابع من دار القضاء نكتشف أن القاضي سيتقاسم حصيلة الغرامات مع الخباز، ويتواعدان للذهاب إلى شراء «بروستد»!
قدّم ممثلو مسرح البيادر عملاً مسرحياً فكاهياً جميلاً، تخللته مقطوعات غنائية، وبعض التعليقات المعاصرة، كالتعليق على أداء المنتخب الوطني الذي «ما يغلبونه» ودائماً يكون «في التوش»! ومنها سجن عامل آسيوي 22 يوماً لسرقته ثلاث كنارات، وتغريمه ديناراً واحداً، وربما كانت هي السبب في غرام القاضي بهذه الغرامة التي يفرضها على جميع المترافعين!
لقد لامست المسرحية موضوعاً حسّاساً يعتبر من المحرّمات في الصحافة، وهو استقلال القضاء ونزاهة القضاة، وتناولته بخفة ظل محبّبة ولغة وسطى بين الفصحى والعامية. والمؤكد أن مئات من المشاهدين الذين غصت بهم الصالة الثقافية ذلك المساء، حلّقوا بخيالاتهم حيث يقيم أطباء عالجوا جرحى الرصاص فأصبحوا متّهمين بالقتل.
شكراً لهذه الطاقات البحرينية الشابة التي أمتعت الجمهور بهذا الأداء، وشكراً لمسرح أوال على هذا المهرجان.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3812 - الثلثاء 12 فبراير 2013م الموافق 01 ربيع الثاني 1434هـ
دجاجة
قليلون هم اصحاب الضمائر،فكثير من أدوات الطغاة كالقضاة وغيرهم وغيرهم يأكلون الحرام مع اهلهم ويقولون عبدالمأمور هم ليسو بمنئ عن الحساب سيجدون انفسهم اسوء حالا من الدجاجة----
امتعتنا
بصراحة سرد جميل وممتع واذا كان سرد بهذه المتعة اكيد المسرحية كانت في قمة المتعة
يبدو ان المسرحية جادة وبصراحة البحرينيين معروفين بقدراتهم فتحيةالى القائمين على مسرح اوال على هذا الابداع الجميل
حتى لو المسرحية هادفة وتوصل المعنى
شكرا سيد لكن الان اعتقد ياسيدنا الشعب في دوامة دماء سفكت واعراضاً انتهكت وحقوق انتهبت وسلبت وسجون ملئت وليس له مزاج كي يستمع الى مسرحيات تنتقد الواقع بالاساليب الرمزية .. فالواقع وفداحته والظلم وقد بسط شجنه ودماره على الجميع بلا أستثناء له افقع حجة على الظلم والجور والحيف ... وأملنا في الله بأن يصبرنا على انكشاف هذه الكرب والغم .. فطعم من يتلوى كمداً وهو فاقد عزيز لا تستهوية مسرحيات ناقدة او مفنده للظلم بل يطالب بالقصاص واخذ حقه .
100 %
والمؤكد أن مئات من المشاهدين الذين غصت بهم الصالة الثقافية ذلك المساء، حلّقوا بخيالاتهم حيث يقيم أطباء عالجوا جرحى الرصاص فأصبحوا متّهمين بالقتل.
زمان الجمبزة انتهى والكل عارف اللعبة
هل تظن يا سيد ان هذه الاحكام عاجبه الطرف الثاني؟
نريد نعرف بالضبط
الحين نريد نعرف عشر روبيات لو دينار واحد؟ صراحة عجيبة القصة.
صراحة مسرحية مهمة
النقد لم يأتي من مسرح الريف او اوال مثلاث وانما من مسرح البيادر اغلبه ليسوا من المحسوبين على مناطق المعارضةز ولذلك اعتقد انها بشارة خير لان الججميع قاعد يوعى لما يحدث في البلد.
كله عشر روبيات
اطباء وممرضات ومسعفين ومعلمين وعمال واكاديميين وصحفيين...... من كل الفئات والمهن والاعمال حتى المحامين. والتهم كلها غرامات عشر روبيات. ولا واحد براءة.
$
نعم سيدنا .. كنت حاضرا هذا العرض والذي تبادر في ذهني ان وضعنا في البحرين يسير بنفس سياق فكرة المسرحية .. وهو. اللامنطق ..
لاللاستسلام فشباب البحرين المغضوب عليه وانت تعرف معناها مبدع لم يعطى الفرصة رسميا
طاقات شبابية مبدعة يسخر لها التضييق والتهميش لو اعطيت الفرصة لابدعت فوق ابداعها لكنه عصر قتل الطاقات لكن لن يصلو الى مبتغاهم لاننا نحن الشباب نرغب بتغيير واقعنا فيد تبني والاخرى تبدع شكرا ابوهاشم.