شرفني قبل أربع سنوات حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - بأن أكون سفيراً لمقامه السامي الكريم لدى مملكة البحرين الشقيقة، وقد فخرت وسررت بهذا التشريف والتكليف الغالي للعمل لدى دولة خليجية شقيقة عزيزة تربطها بالمملكة وحدة الدين والتاريخ وأواصر القربى على مستوى العائلتين المالكتين الكريمتين آل سعود وآل خليفة، وكذلك الشعبين العزيزين السعودي والبحريني وخاصة أن البحرين كانت أول دولة يزورها الملك عبدالعزيز رحمه الله بعد تأسيس المملكة العربية السعودية، فهذا دليل على عمق العلاقات التاريخية ومكانة البحرين لدى القيادة في المملكة العربية السعودية منذ ذلك الحين.
ولقد استمرت هذه العلاقات المتميزة بفضل حكمة القيادة الرشيدة في البلدين الشقيقين الذين حرصوا على تقويتها ودعمها وتطويرها لما فيه مصلحة البلدين والشعبين فأصبحت مثالاً يحتذى لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات العربية العربية، وأضحت كذلك دعامة رئيسية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ولجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي حيث حرص قادة الدولتين على بذل المزيد من التعاون والتنسيق والتفاهم التام لما من شأنه نصرة القضايا العربية والإسلامية ورفعت وعزة الأمتين العربية والإسلامية. كما أن تأييد جلالة الملك حمد بن عيسى وأشقائه قادة دول مجلس التعاون لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في الانتقال من حالة التعاون إلى حالة الاتحاد بين دوله ما هو إلا استشعار من جلالته بأهمية اتحاد دول المجلس لمواجهة التحديات المستقبلية وما تتطلبه المرحلة المقبلة في مسيرة المجلس في عالم مليء بالصراعات، كما أنه ترجمة لواقع الحال لدول المجلس الذي ترتبط دوله ببعضها البعض برابطة الدين واللغة وأواصر القربى والمصير الواحد وكذلك على الصعيد الثنائي بين البلدين تجلى الاهتمام في دعم وتعزيز العلاقات بين المملكتين في قيام جسر الملك فهد الذي أنشئ عام 1406هـ/1985م الذي يربط مملكة البحرين بالمملكة العربية السعودية وشقيقاتها دول مجلس التعاون وهذا الجسر الذي يعد معلماً ورافداً قوياً في تعزيز التواصل الشعبي والاقتصادي والتجاري ولاسيما بعد أن تم تذليل كل العقبات من أجل تحقيق هدف التواصل وأبرز ذلك تسهيل الانتقال بين المملكتين بالهوية الوطنية في خطوة هي الأولى بين دول مجلس التعاون ليتبعها ذلك بتعميم الفكرة بين سائر دول المجلس، وكما أن الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين وكبار المسئولين تعزز من هذا الالتحام بين البلدين الشقيقين، وكذلك تم إنشاء مجلس رجال الأعمال السعوديين البحرينيين من أجل دراسة كل الوسائل التي تسهل العمليات التجارية والاستثمارية بين البلدين إضافة إلى تواجد العديد من الطلاب السعوديين في البحرين الذين يدرسون في الجامعات والكليات البحرينية والكثير من الطلاب والطالبات البحرينيين الذين يدرسون في المملكة العربية السعودية، لذلك نجد أن أكثر بلد من حيث العدد يزوره المواطنون السعوديون هي البحرين وبالمقابل نجد أن أكثر بلد يزوره المواطنون البحرينيون هي المملكة العربية السعودية فهما ليستا دولتين جارتين بل شقيقتان توأمان تربطهما جميع الوشائج والروابط الوثيقة. ولقد تشرفت مؤخراً بحصولي من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على وسام البحرين من الدرجة الأولى.
إن النهضة الاقتصادية والعمرانية التي تمر بها مملكة البحرين خلال الاثني عشر عاماً منذ تولي جلالة الملك حمد بن عيسى الحكم وما تحقق خلالها من إنجازات ومنجزات في وقت يمر به كثير من دول العالم من اضطرابات سياسية واقتصادية عصيبة لشاهد على حكمة القيادة الرشيدة ونجاح سياساتها السياسية والاقتصادية.
خلال عملي كسفير لخادم الحرمين الشريفين في البحرين اطلعت عن كثب وبإعجاب وتقدير كبيرين على ما تتميز به القيادة الحكيمة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة من حلم وحكمة وبعد نظر في معالجة القضايا الداخلية والخارجية يقودون فيها البلاد بحنكة من فضل الله ثم بفضل المقدرة الإدارية القيادية التي أوصلت البحرين إلى مكانة كبيرة إقليمية ودولية، كما يدعم هذا التوجه جهاز حكومي رفيع من مسئولين حريصين على مصلحة وتقدم البلاد.
ولقد تعرفت خلال وجودي على عدة شرائح من الشعب البحريني الكريم من القطاع الحكومي والخاص والإعلامي والأكاديمي وغيره وهو شعب يتصف بالأخلاق الحميدة والمرونة والعشرية والثقافة العالية والحرص على التعايش فيما بينهم سائلاً الله عز وجل أن ينجح الحوار الوطني الذي تسعى إلى نجاحه كل الأطراف وقد أيدت حكومة خادم الحرمين الشريفين هذا الحوار متمنية له النجاح.
وقد لاحظت أن المواطن غير البحريني الزائر أو المقيم يشعر أنه في وطنه وبين أهله وإخوانه لذلك تستقطب البحرين الكثير من الجاليات العربية والأجنبية المقيمة إقامة دائمة في البحرين كما تحرص الدولة على استضافة العديد من المؤتمرات والندوات الإقليمية والدولية والمعارض الدولية في مختلف المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والتجارية والرياضية فأصبحت مركزاً دولياً رائداً للمؤتمرات والندوات والمعارض الإقليمية والدولية.
ولا يفوتني في هذه المناسبة إلا أن أعبر باسمي وجميع موظفي سفارة خادم الحرمين الشريفين في مملكة البحرين عن عميق الشكر والتقدير والامتنان إلى حضرة جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد ووزير الخارجية وجميع المسئولين في القطاع الحكومي والخاص على ما تتلقاه السفارة من دعم وتعاون، الأمر الذي ساعد بشكل كبير من عمل ونشاط السفارة في سبيل تعزيز العلاقات الممتازة بين البلدين الشقيقين.
أسأل الله عز وجل أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وسمو رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة وولي العهد الأمين سلمان بن حمد آل خليفة وأن يديم نعمة الأمن والأمان على البلدين الشقيقين وأن تستمر هذه الروابط والوشائج الممتازة بين الشعبين السعودي والبحريني على هذا المستوى الممتاز وأن تتطور إلى الأعلى والأقوى والأوسع وستبقى المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين إن شاء الله أشقاء إلى الأبد.
إقرأ أيضا لـ "عبد المحسن بن فهد المارك"العدد 3811 - الإثنين 11 فبراير 2013م الموافق 30 ربيع الاول 1434هـ