أفصح رئيس مجلس بلدي المحرق بالإنابة علي المقلة، عن «اتفاق بين المجالس البلدية ولجنة الخدمات والمرافق العامة بمجلس النواب بشأن وقف اعتماد مشروع قانون سكن العمال العزاب الذي يجري مناقشته في المجلس حالياً، وذلك بعد تحفظ الحكومة على فحوى رئيسية منه، ورغبة المجالس البلدية في إعادة دراسته بصورة أوسع وتقديم رؤية بلدية جامعة».
وقال المقلة إن «عقد اجتماع مع لجنة الخدمات والمرافق العامة النيابي، وحضرت خلاله عن المحرق، ورئيس مجلس بلدي المنطقة الجنوبية محسن البكري فيما اعتذرت باقي المجالس»، مضيفاً أن «طلبنا من مجلس النواب التريث في اعتماد مشروع القانون لأنه بحاجة لدراسة أوسع، فبعض الدول خاضت في مشروعات ولم تنجح فيها. على أن تقدم المجالس البلدية مرئياتها وثم الخروج بمشروع أفضل».
وذكر رئيس بلدي المحرق بالإنابة أن «أكدنا للنواب على ضرورة الدفع بأن تتكفل وزارات العمل والداخلية وشئون البلديات وهيئة تنظيم صندوق العمل لمسح المناطق كلها ومعالجة الوضع الحالي بصورة مبدئية لحين اعتماد القانون، ووضع دراسة للبحرين كلها»، منبهاً إلى «التعرض لموضوع السجلات التجارية الوهمية من أصل 90 ألف سجل تجاري في البحرين، لاسيما مع وجود الكثير من العمالة غير النظامية (السائبة) التي تسجل على هذه السجلات».
هذا، وأبدت الحكومة تحفظها على مشروع القانون رغم إشادتها به في بعض الجوانب، حيث إنه وعملاً بحكم المادة (92) فقرة (أ) من الدستور، والمادة (95) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، أحال مجلس النواب إلى الحكومة مقترحاً بقانون بشأن سكن العمال، وعملاً بحكم المادة الثانية من قانون دائرة الشئون القانونية أحالت الحكومة هذا الاقتراح إلى دائرة الشئون القانونية لصياغته وإعداد مذكرة برأيها في صدده.
وأعدت دائرة الشئون القانونية مشروع القانون المشار إليه وأشفعته بمذكرة برأيها القانوني بشأنه. ودرست الحكومة مشروع القانون ووقفت على أهدافه من وجهة نظر مقدمي الاقتراح والمتمثلة في تنظيم سكن العمالة الأجنبية العازبة خارج المناطق السكنية بحيث يكون بعيداً عن سكن الأسر، وتحسين ظروف سكن هؤلاء العمال نظراً لتزايد شكاوى الأهالي وسخطهم بشأن قيام هذه العمالة بممارسات تخالف العادات والتقاليد والذوق العام فضلاً عن الممارسات التي تخدش الحياء، ولأنهم يسكنون بأعداد كبيرة في منازل أكثرها آيل للسقوط وتفتقر لأدنى شروط النظافة والصحة والحياة الكريمة ما يجعلهم عرضة للأمراض والأخطار.
وجاء في مذكرة رأي الحكومة حول مشروع القانون المقدم من مجلس النواب أنه: الحكومة إذ تقدر تلك الأهداف وما يصبو إليه مجلس النواب من حرص على تحقيق كل من المصلحة العامة وكفالة الحياة الكريمة لهذه العمالة، إلا أنها يهمها إبداء ملاحظات بشأنه. فأولاً: تحديد مناطق معينة لإقامة العمالة الأجنبية العازبة، وحظر تأجير المباني التي تقع خارج هذه المناطق للعمالة الأجنبية ينطوي على شبهة عدم الدستورية، إذ إنه من المقرر وفقاً للمبادئ الدستورية العامة وما استقر عليه الفقه والقضاء الدستوريان، أن القواعد التي تنظم بها الدول شئون غير مواطنيها الذين يعبرون أو يستقرون فيها، وإن لم تكن هي ذاتها التي تشبههم بمواطنيها إلا إنها تمثل بمستوياتها تلك الحدود الدنيا التي لا يجوز النزول بمعاملتهم عنها، والتي لا تستقيم حياتهم بدونها فلا تقاس تصرفاتها قبلهم إلا في ضوء ما انتظمته قواعد الدستور بصددها.
ورأت الحكومة أن الأصل في سلطة المشروع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية مطلقة إلا إنها في ذات الوقت تظل حركتها محددة بنطاق الضوابط الدستورية فيشترط ألا يكون الدستور قد فرض في شأن ممارستها ضوابط محددة باعتبار أن جوهر هذه السلطة هو المفاضلة بين البدائل تتصل بالموضوع مجل التنظيم.
وأكدت الحكومة ضمن رأيها أن الحق في الإقامة وحرية المسكن لا يجوز تنظيمه تشريعياً بما ينال من جوهره وإلا أصبح عسفاً، وحيث إن المشروع الماثل قد هدف إلى تحديد مناطق معينة لسكن العمالة الأجنبية العازبة، فإنه قد نال دون مبرر من حق الفرد في الإقامة بمعرفته والتنقل المقرر دستورياً، وفضلاً عن أن في السماح بتفتيش محال إقامتهم للتأكد من استيفائهم اشتراطات الصحة والسلامة إنما ينال من دون مراء من حرمة المسكن والحرية الشخصية للمواطن بوضع قيود على هذه الحقوق -دون مسوغ- تنال من جوهرها.
وأمام الوجه الثاني من شبهة عدم الدستورية، فقد ذكرت الحكومة في تعليقها أنه من المقر في الفقه والقضاء الدستوريين أن الإجازة تعتبر تصرفاً قانونياً ناشئاً عن حرية التعاقد وهي أحد روافد الحرية الشخصية التي كفلها الدستور في المادة 19/أ فوق كونها متفرغة كذلك عن حق الملكية المكفولة بنص المادة 9/ج من الدستور لتحيطها من جوانبها المختلفة المبادئ التي أقامها الدستور صوناً للحقوق والحريات.
واعتبرت الحكومة الاقتراح الماثل الذي حظر على المؤجر في غير المناطق التي تحددها المجالس البلدية لتأجير المباني للعمالة الأجنبية العازبة، بمثابة قيد على حق المؤجر في التصرف في ملكه -بكافة أنواع التصرفات- ويمس به بما يهدده جزئياً، وبذات المثابة فإن إلزام المؤجر داخل المناطق التي تحددها البلديات لسكن العمالة العزباء، بالتأجير لهذه العمالة دون غيرها وتحديد أسمائهم وتحديث بياناتهم إنما يصطدم بحق الملكية بما يكون معه الاقتراح الماثل قد وقع في شبهة مخالفة الدستور من هذا الوجه أيضاً.
وأما الملاحظة الثانية من جانب الحكومة على مقترح القانون، فقد أفادت بأن الأهداف التي يرمي المشروع الماثل إلى بلوغها إنما تصطدم بعقبات عملية يستحيل تجنبها أو تخطيها ومثالها العامل المتزوج والذي لا تقيم معه أسرته في البحرين ابتداءً أو التي كان أسرته تقيم معه ثم غادرت، فضلاً عن أنه لا توجد ثمة دراسة علمية يمكن من خلالها الوقوف على الأسس والقواعد التي يبنى عليها الاقتراح (التي من بينها تحديد مساحة تخصص لكل عامل داخل البناء)، والآثار التي قد تترتب على صدوره من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية.
وجاء في الملاحظة الثالثة من الحكومة، أن الأهداف التي قصد المشروع إلى بلوغها في شأن تحسين ظروف العمالة الأجنبية متحققة بالفعل ومنظمة بموجب الأحكام التي تضمنها قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (23) لسنة 1976 وتعديلاته، وبموجب قرار وزير الصحة رقم 8 لسنة 1987، والتي خاطبت نصوصها صاحب العمل باعتبار أنه المسئول عن عدم تطابق المساكن التي يوفرها لعمالة مع الاشتراطات المطلوبة.
وبالنسبة للملاحظة الرابعة، فقد رأت الحكومة الاقتراح لم يتعرض للمساكن الحالية المؤجرة بالفعل للعمال الأجانب وبمعرفتهم دون تدخل من صاحب العمل.
وختمت الحكومة ملاحظاتها بأخرى خامسة مفادها أنه ثمة ملاحظات على مواد المشروع إضافة إلى ما ورد بمذكرة دائرة الشئون القانونية المرفقة، وهي تتمثل في أن «تعريف سكن العمال الذي ورد بنص المادة الأولى من المشروع يعد غير دقيق لأنه استثنى الأماكن أو المباني التي تأوي مجموعة من العمال يقل عددهم عن خمسة. ثم أن المساحة التي اقترحها المشروع في المادة الخامسة ضمن البند (أ) لا تتناسب مع الاشتراطات الصحية والإنسانية الدنيا، وأنه من المناسب تركها لقرارات الوزارة التي تصدر في هذا الشأن».
وعلى ضوء ما تقدم، طلبت الحكومة من مجلس النواب إعادة النظر في مشروع القانون في ضوء ما تقدم من ملاحظات.
العدد 3807 - الخميس 07 فبراير 2013م الموافق 26 ربيع الاول 1434هـ