شكرنا الأمير على إلغاء قانون ومحكمة أمن الدولة
الشعب صوت على عروبة البحرين عام 1970 ولا علاقة لنا مع إيران
شيعة البحرين يقفون مع السنة في تطلعاتهم وهمومهم
اجرى الحوار في لندن: هشام العوضي
الحوار بصورة حرة وتحديد موعد للاستفتاء ودعوة مراقبين دوليين للاشراف على الاستفتاء ومعرفة رغبة شعب البحرين. واستجابت الحكومة جزئيا وسمحت لندوة بنادي الخريجين منتصف يناير الماضي، اي بعد ستة اسابيع من طرح الميثاق وتمريره من خلال لجنة اسماء معينة لحديث في تلك الندوة الا ان لن ينجح الا اذا افرجت الحكومة عن جميع المعتقلين وسمحت لجميع المبعدين بالعودة والغاء قانون امن الدولة ومحكمة امن الدولة ورفعت الحصار عن الشيخ عبدالامير الجمري، ورفعت الحصار عن المساجد وغيرها من المؤسسات الاجتماعية.
وهكذا اصبح حديث الشارع هو ضرورة المصالحة الوطنية الشاملة، واستمر هكذا لاسبوعين حتى اعلنت الحكومة بأنها ستجري الاستفتاء في 14 و15 فبراير الماضي، وكان ذلك الاعلان نهاية يناير الماضي. وفي ظل هذه الظروف دعت المعارضة لمقاطعة الاستفتاء او التصويت بـ "لا". الا ان المفاجأة التي حصلت في 5 فبراير، حيث اعلن الأمير انه سيطلق جميع المعتقلين السياسيين وسيسمح للمبعدين بالعودة ورفع الحصار عن الشيخ الجمري وعن تجميد العمل بقوانين الطوارىء.
وحدث ما لم يتوقع احد ان يقوم به الامير، اذ افرغت السجون من المعتقلين ولم تتم اهانة من اراد الرجوع الى البلاد لأول مرة في تاريخ البحرين، وكانت ردة فعل الشعب هي الفرحة الكبيرة والخروج الى الشوارع بعد ان كان الناس يمنعون من التجمع. وبدأت الصحافة تتحدث في امور كان يسجن عليها المواطن، وانقلب التشاؤم الة تفاؤل وتحولت مظاهر الاضطراب الى مظاهر هدوء وفرح لم تشهده البحرين في تاريخها الحديث.
وبدأت المعارضة في الداخل بتجميع قواها بعد الخروج من المعتقلات والحصار وبدأت الاتصالات مع المعارضة في الخارج لتنسيق المواقف في خضم الهيجانات العاطفية. وكان واضحا ان كثيرا من قطاعات الشعب تريد مكافأة الأمير على ما قام به بالتصويت بـ "نعم". ومع كل هذا فقد اصرت "حركة احرار البحرين" على دعوة الشعب بالتصويت بـ "لا" مالم توضح الحكومة علاقة المجلس المنتخب بالمجلس المعين وما لم توضح الحكومة بأن الحاكمية للدستور وليس للميثاق. وفي 8 فبراير اصدرت الحركة بيانها بهذا الشأن مما حدا برموز المعارضة في الداخل للاجتماع بالأمير بصورة طارئة. واجتمع الامير مع كل من الشيخ عبدالامير الجمري، والسيد عبدالله الغريفي والاستاذ عبد الوهاب حسين والدكتور علي العريبي، ودار خلال الاجتماع حوار حول موقف المعارضة ووعد الامير بأن قانون امن الدولة سيتم الغاؤه وانه مجمد حاليا، وان وزير العدل سيطرح في اليوم التالي، اي 9 فبراير الماضي، بأن المجلس المعين ليست له صلاحيات تشريعية وان الحاكمية للدستور.
وبالفعل نشرت الصحف المحلية تصريح وزير العدل في اليوم التالي.
وعلى اقر الموقف وافقت "حركة احرار البحرين" على تجميد دعوتها للتصويت لأنهم قالوت بأن السبيل الوحيد الموجود لعدم عودة الحكم القديم وأساليبه هو مساندة الميثاق حتى ولو كان اقل من الدستور، خصوصا بعد ان صرح الامير بأن الدستور هو المرجعية الاولى للشرعية وليس الميثاق.
وعلى هذا الاساس حصلت الحكومة على مساندة الشعب في الميثاق.
[ ما هو موقفكم من الاصلاحات التي زامنت ذلك فيما يتعلق بالحريات السياسية؟
- بالتأكيد نرحب بها، وقد بعثنا رسالة وقع عليها رموز "حركة احرار البحرين" في بريطانيا الى الامير، نشكره على ما قام به، خصوصا الغاء قانون امن الدولة ومحكمة امن الدولة في 18 فبراير. وموقفنا الحالي هو اننا نريد ان تتحول المبادرة الاصلاحية إلى عمل مؤسساتي حقيقي.
- فالمشكلة لدينا هي اننا كنا قد حصلنا على وعود مشابهة سنة 1970 لكن كل ذلك تبخر عندما تمكنت الحكومة آنذاك من شراء عدد كبير من رموز المعارضة ومنحتهم مناصب وزارية وادارية. ثم انقلبت على البرلمان وطبقت قانون امن الدولة الرهيب على المواطنين.
- باختصار، نريد ضمانات مؤسساتية لا يمكن تجاوزها من اي شخص مهما كان منصبه، ونطالب بحقنا كشعب في ممارسة نشاطه ممن خلال مؤسسات المجتمع المدني. واننا نرحب بالسماح بتشكيل الجمعية البحرينية لحقوق الانسان ونطالب بأن يتم تعديل او الغاء قانون الجمعيات الحالي لانه مخالف لحقوق الانسان الواردة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وفي دستور البحرين. ولكي تتحول الاصلاحات لمؤسسات فانه بالاضافة لاصلاح اجهزة الدولة من الفساد السياسي ضمن الضروري السماح بتشكيل النقابات والاتحادات العامة دون تدخل من وزارة الداخلية ووزارة العمل. ونطالب ايضا بالسماح للمعارضة ان تنظم صفوفها داخل البلاد بصورة حرة ودون تدخل من اجهزة الامن. كما نطالب بأن تتم محاسبة اولئك الذين عذبوا وقتلوا واضطهدوا لان بقاءهم في مناصبهم مصدر شؤم لأهل البحرين.
[ هل هناك نية لتصفية المعارضة في الخارج وادماجها في العمل الوطني داخل البحرين؟
- على المستوى البعيد نهم. وهذا سيتم عندما نتأكد من ان العهد الاسوأ ولى ولن يعود، وبعد ان نتأكد بأنه سيسمح لنا ان نعبر عن رأينا بصورة دستورية ودون تدخل من اجهزة امن الدولة والمخابرات. وفي الوقت الحالي، نحن نراقب الوضع بدقة وتنسيق مع حلفائنا في الداخل.
[ هل تجري بينكم وبين حكومة البحرين اية اتصالات بشأن عودتكم او اية محاور اخرى؟
- ليس هناك اتصال مباشر، لكننا على اتصال دائم مع حلفائنا في الداخل، اي اصحاب المبادرة ولجنة العريضة الشعبية، فحاليا الحكومة تجري اتصالات مباشرة معهم، مصل الشيخ الجمري، والاستاذ عبد الوهاب حسين. ونحن ننسق بصورة مستمرة مع الاخوان ومن خلالها تصل اراؤنا للحكومة ونحن نطلع ايصا على اراء الحكومة.
[ هل يمكن ان تعطونا فكرة اوضح عن طبيعة المعارضة البحرينية في الخارج، وبريطانيا تحديدا، بما في ذلك أهم رموزها؟
- أنا باستطاعتي ان اتحدث عن "حركة احرار البحرين" فقط، حيث تأسست الحركة سنة 1982 لتمثيل الحركة الاسلامية خارج البحرين، وبدأت في اصدار نشرتها الشهرية "صوت البحرين" مطلع عام 1983 وهي مستمرة لحد الان. وفي مطلع عام 1992 بدأت الحركة تصدر نشرتها الانجليزية الشهرية. واقامت الحركة منذ تأسيسها اتصالات واسعة مع مؤسسات حقوق الانسان الدولية ومع الشخصيات السياسية الفاعلة والمؤثرة. وقامت ايضا بتنظيم وتنسيق العلاقات السياسية ونجحت في خلق الجسور بين اطراف المعارضة الاسلامية والوطنية، ودفعت باتجاه تبني مطالب عادلة تعتمد على دستور البلاد. وهذا نهجها منذ تأسيسها حتى يومنا هذا رغم الظروف الصعبة التي مررنا بها في الثمانيات والتسعينات.
وأهمه انجاز حققته الحركة هو عقلنة أهداف المعارضة الاسلامية وربطها مع اطراف المعارضة الوطنية ونبذها النهج الطائفي رغم انها كانت ضحية لاضطهاد طائفي. والحركة ربما كانت اول حركة عربية ادخل عالم "الانترنت" بقوة منذ ابريل 1995، حيث اشهرت صفحتها الالكترونية اكتوبر 1995. والرموز الحالية التي تتحدث باسم الحركة، بالاضافة إلى الدكتور سعيد الشهابي، وهو صحافي معروف في لندن، والدكتور علاء اليوسف، اقتصادي متخرج من جامعة "اكسفورد" وكان يعمل في صندوق النقذ الدولي. ولابد ان اؤكد بأن نجاحات المعارضة في البحرين ليست نتيجة عمل فصيل واحد فقط، وانما نتيجة تعاون مشترك واتفاق استراتيجي بين اطراف معارضة وفعاليات هامة، شاركت جميعها، كل بحسب امكانياته لدفع مسيرة العمل الوطني الاصلاحي.
[ هل لهذه المعارضة أية اتصالات تنسيقية مع إيران كما يقال ذلك دوما؟
- اعتقد بأن الذين كانوا يقولون ذلك توقفوا عن هذا القول قبل سنتين. فقد كانت استراتيجية وزارة الداخلية البحرينية ان تتهم الحركة السياسية بالبحرين انها شيعية ومرتبطة بايران. وقد ادعت اجهزة الامن بأنها احبطت 15 محاولة انقلابية خلال العشرين سنة الماضية، وادعت انها كانت بتحريض من ايران. وقد اصبح هذا الحديث مملا للشارع السياسي لانه لا يمتلك الدليل والواقعة. فالحركة التي تحاول قلب نظام الحكم تلزمها استراتيجية مختلفة عن تلك التي تتبعها المعارضة بالبحرين.
وقد احسن سمو الامير الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة عندما قرر عدم استماع إلى اجهزة الامن ولم يأبه بما يقولون. فشعب البحرين، شيعته قبل سنته، هم الذين صوتوا في العام 1970 ان تبقى البحرين دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة. وليس لدينا اي تنسيق مع الجهات الرسمية الايرانية، بما يخص العمل الوطني البحريني. ولو كان لدينا شيء من هذا النوع لأعلناه دون خوف من احد.
[ ما هو موقف الحكومة البريطانية من وجودكم وهل لكم معها اية اتصالات، وهل تمت اية اتصالات من جانبها بشأن الاصلاحات الاخيرة؟
- المعارضة البحرينية في لندن تلتزم بالقانون البريطاني ولذا فوجودها ليس مربوطا برخصة خاصة. وربما بعض الجهات متضايقة من وجود معارضة بحرينية ولكن في بلد يحكمه القانون فان الرغبات الشخصية ليست هي الحاكمة. اما بشأن اتصالاتنا، فهي ليست مباشرة وتتم بواسطة اعضاء البرلمان الذين يؤيدون قضية البحرين، ولذلك فنحن على اطلاع تام بموقف الحكومة البريطانية من خلال اعضاء البرلمان الذين لهم الحق في الاطلاع على الموقف الرسمي ولهم الحق في الاجتماع مع المسؤولين ثم ابلاغنا بما يجري. وهذا هو اسلوبنا في التعرف على الموقف الرسمي البريطاني.
وقد كان لنا لقاءات محدودة من مسؤولين بوزارة الخارجية لما كان الوزير ديرك فاتشيت محدودة من مسؤولين بوزارة الخارجية لما كان الوزير ديريك فاتشيت مسؤولا عن ملف البحرين، لكن هذه اللقاءات انتهت بوفاته وعادت وسيلة الاتصال الاساسية عبر نواب البرلمان البريطاني.
[ كيف ترون مستقبل الحريات في الخليج وهل ما يجري في البحرين يعبر عن مراحل تالية في المنطقة؟
- الحرية والحقوق تؤخذ ولا تعطي. وأهل البحرين يحصلون على جزء من حقوقهم بعد نضال مرير. والمجتمع الخليجي تتحرك قواه بحسب ظروف كل بلد. ولكن الاتجاه العام هو للمزيد من الحرية والحقوق. ونأمل ان يكون المثال البحريني فيما لو استمر، نبراسا للجميع. وبودنا ان ننسى الماضي بعد التأكد من انه لن يعود، وبودنا ان ننظر إلى المستقبل لبناء مجتمع انساني في بلداننا.
[ كيف تفهمون الديموقراطية وما هي تصوراتكم للمشاركة في الحكومة؟
- الديموقراطية هي حق الانسان في ان يشارك في اتخاذ القرار الذي سيؤثر على حياته العامة والخاصة من خلال المؤسسات الدستورية. الديموقراطية هي انشاء المؤسسات القائمة على الادارة الشعبية. وفي عالم اليوم فان مؤسسات الدولة اذا لم توازنها مؤسسات المجتمع المدني فان الظلم والقهر السياسي هو البديل.
- وبالنسبة للمساركة هناك محذور واحد من المشاركة في الحكومة. لقد كانت تجربة السبعينات مريرة للغاية لأن عددا كبيرا من رموز المعارضة تم شراؤهم من خلال توظيفهم في مناصب وزارية وادارية كما ذكرت سابقا، وهناك الان من يلهث للحصول على مناصب حكومية على حساب اي شيء وكل شيء. اننا ننظر بعين الريبة لمحاولات الشراء هذه. لكن المشاركة في لجان مشتركة بين الحكومة والقوى الاجتماعية لاصلاح الوضع أمر اخر. فلو ان الحكومة احتاجت لمعالجة مخلفات الازمة وطلبت تشكيل لجنة مشتركة من الحكومة وممثلي القوى الاجتماعية فهذا امر عظيم وهام.
[ وهل يمكن ان يكون لكن دور في مجلس الشورى؟
- نعم، اعتقد ان الحركة الاصلاحية البحرينية وبدعم ومساندة الامير لها بامكانها ان تلعب دورا رياديا في الخليج وان يشارك رجال ونساء البحرين نظرائهم في الدول الخليجية الاخرة لنقل الايجابيات وتلافي السلبيات.
[ هناك تخوف في بعض الدول الخليجية من بعض الشيعة في المنطقة، على اعتبار ان دور ايران المساند لهم ورغبتها في تصدير الثورة.. هل ترون هذه المخاوف ما زالت مبررة؟ وكيف يمكن تطمين أنظمة المنطقة بالدور الايجابي الذي يمكن ان يلعبه الشيعة كتبار وطني في الاستقرار السياسي؟
- اعتقد ان هذه المخاوف بدأت تتبدد. فالكويت مثلا كانت تعيش هذا الهاجس قبل الاحتلال العراقي، وعندما حدث الاحتلال العراقي كان الشيعي الكويتي والسني الكويتي يدا بيد لمقاومة الاحتلال واستشهد الشيعي كما استشهد السني دفاعا عن الوطن. وربما بدا الوضع البحريني منتصف التسعينات مخيفا لكثير من القطاعات، لكن ولله الحمد، فان اصرار رموز المعارضة الشيعية والسنية على المطالب الوطنية والابتعاد عن المطالب الطائفية، رغم ان الاضطهاد كان موجها ضد طائفة معينة فقط، انقذ الوضع في البحرين. وتمكت الحركة الوطنية من ابرازاهم تجربة تحالفية في الوطن العربي، شملت الشيعي والسني، الاسلامي والليبرالي.
شيعة البحرين اليوم يقفون مع سنة البحرين في تطلعاتهم وهومهم، والجميع يعلم انه لا يمكن ان يستغني طرف عن الاخر. وهذه من نعم الله على اهل البحرين ان وحدهم خلال الازمة. ويبقى المستقبل بيد رموز الشيعة والسنة وكيفية تعاملهم مع الاحداث المستقبلية. اننا نرفض ان نعامل كشيعة وطالبنا ونصر على مطالبنا بأن نعامل كمواطنين. ولذلك فاننا نعتبر رموزنا هم الشيخ الجمري والاستاذ عبدالوهاب حسين، والاستاذ حسن المشيمع بقدر ما نعتبر ايضا رموزنا هم الاستاذ علي ربيعة والاستاذ محمد جابر الصباح والدكتورة منيرة فخرو. لقد ان الأوان ان يقدم المثال البحريني نموذجا لم يكن موجودا في الخليج وهو ما نسعى إليه ونسأل الله ان يوفقنا لتحقيقه.
صحيفة "الوطن" الكويتية
بتاريخ: 10 / 3 / 2001
العدد 3804 - الإثنين 04 فبراير 2013م الموافق 23 ربيع الاول 1434هـ