العدد 3804 - الإثنين 04 فبراير 2013م الموافق 23 ربيع الاول 1434هـ

د. منصور الجمري في حديث للمواقف: "الوسط" لن تمثل الطائفية الشيعية أو الطائفية السنية وإنما سوف تمثل الإجماع الوطني المتوسط المعتدل

ستكون صحيفة الوسط مختلفة مائة في المئة وإلا لأصبحنا مكررا لما هو موجود

لا اعتقد أن التجريح والتطاول من الصحافة الحسنة أو من الصحافة الجيدة

الدين لا يمانع كثيرا مما هو موجود من تحرر ما ادام لا يسيء إلى القيم المحورية في الدين

ما نريد عمله هو قلب المعادلة "التعبير عن الرأي العام وفرضه على الرأي الخاص"

لن نمثل أي حزب سياسي أو توجه حزبي

اجرى الحوار: حسن بوحسن

كان مشروع إصدار جريدة يومية ثالثة في البحرين إلى جانب كل من جريدتي الأيام وأخبار الخليج مجرد حلم يراود المتطلعين إلى الشفافية في نقل لخبر وإلى الكلمة المعبرة بصدق عن نبض الشارع وهمومه بعد تحويلها إلى ورق وكربون ينتشر منذ الصباح الباكر ليلتصق عبقه في ذهن القارئ والمتلقي. وفي عهد صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين حفظه الله ورعاه أصبح الحلم حقيقة. فهذه هي بشائر صحيفة الوسط تحلق بحرية في فضاء صحافتنا وتطل برأسها الشامخ على قرائها تحييهم وتبشرهم بأنها قادمة بقوة. ومن المؤمل لها أن تبدأ عددها الصفر في منتصف هذا العام. مشروع صحيفة الوسط مترامي الاطراف ومملوء بالمفاجآت والبشائر الطبية. وللوقوف على كل الأمور المتعلقة بها كان لنا حوار لم يخلو من الصراحة وكشف كل الأوراق مع رئيس تحريرها د. منصور الجمري.

1- كيف جاءت فكرة هذا المشروع؟ وكيف تبلور على أرض القبول واقع إصدار جريدة الوسط؟

- مشروع جريدة الوسط بدأت فكرته في أبريل من العام الماضي 2001م وكان هناك لقاء بين سمو الأمير والوالد الشيخ عبدالأمير الجمري، عقد في 28 أبريل. وطرح الوالد فكرة إنشاء صحيفة مستقلة فكان جواب الأمير إيجابيا حيث أيد الفكرة شريطة أن يكون رأس المال محلي وفكرة التأسيس والاسم ورئيس التحرير وسوف يكون هناك دعم لمثل هذه الجريدة المستقلة.
بعد ذلك استملت أنا شخصيا مشروع تأسيس الفكرة واتصلت بكثير من الأشخاص والشخصيات التجارية والثقافية في البلاد وبعد قرابة الأربعة أشهر من النشاط تعرفت على الكثير من الفعاليات في الساحة البحرينية وايضا علمت بوجود مشروع قبل سنة لم يكتب له النجاح ولم يرى النور. وكان من المشاركين فيه الاستاذ فاروق المؤيد.
فتكونت لجنة تأسيسة ضمنت من بينها منصور الجمري، فيصل جواد حبيب وفاروق المؤيد. فهذه اللجنة هي التي قامت بإجراء دراسة الجدوى وهي التي طرحت المشروع بصورة مشتركة على الفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وفكرة الوسط هي أننا نريد صحيفة مستقلة تعبر عن الرأي العام بصورة حيادية وعندما نقول بصورة حيادية نحن لا نريد صحيفة تعبر عن الموقف الرسمي فقط، ولا تعبر عن حزب وانما تعبر عن حزب وانما تعبر عن ما يشغل الرأي العام البحريني، وان تطرح المحتوى البعيد عن الاضواء اللامعة دون عمق في التغطية. وأن تخرج من البحرين بمشاريع تنويرية وتثقيفية تسلط عليها الضوء. هذه هي الاسس التي على اسسها طرحنا المشروع.

2- الوسط إطلالة جديدة في فضاء الصحافة البحرينية يرنو إليها الكثيرون، فكيف سيكون توجهها ومن ستثمل؟

- التوجه سوف يكون وطنيا سياسيا عاما ولن تمثل اي حزب سياسي او توجه حزبي. نحن ابتعدنا عن الاتجاه الحزبي. وهي ايضا لن تمثل الطائفية الشيعية أو الطائفة السنية، وإنما سوف تمثل الاجماع الوطني المتوسط المعتدل.
ونحن نعتقد بأن مجتمع البحرين لديه قواسم مشتركة وهذه القواسم المشتركة هي الأكثر ولكن لحد الآن لم تدشن على أرض الواقع ومشروع الوسط قادم لتدشين القواسم المشتركة في المجتمع البحرين. هناك هوية مشتركة وثقافة مشتركة يشعر من خلالها كل بحريني من كل منطقة وكل مذهب بالاعتزاز ان يقرأها وأن يعتبرها جزء من تكوينه الثقافي وهذا ما نسعى إليه.

3- هل الوسط مجرد صحيفة يومية لنقل الخبر أم سيكون لها شأن أكبر في عملية النشر والتوزيع؟

- بداية سوف تكون صحيفة الوسط وستلحقها إنشاء الله صحيفة بالغة الانجليزية. وسوف تكون دار الوسط للنشر والتوزيع. وبالتالي ستكون لها نشاطات للنشر ونشاطات في الإعلاميات الاخرى المسموعة والمرئية مستقبلا. وايضا قد تكون لها موارد من الانشطة التجارية لتي تدعم مشروع الصحيفة اساسا.

4- الاعتقاد السائد بأن الوسط ستهتم بالشئون السياسية بشكل مكثف. فكيف يمكن من خلال هذا اللقاء إبراز أهمية الشئون الاخرى للجريدة مثل الثقافة، والاقتصاد، الصحة، الاسرة، الرياضة وغيرها؟

- سوف تهتم الصحيفة بجميع الشئون التي ذكرتها بالاضافة إلى الأمور الترفيهية الموجهة إلى الشباب. الرياضة سوف سوف تكون مهمة بالنسبة لنا وكذلك المرأة، الفن، الأدب والثقافة، التراث والتاريخ، الشئون الدولية والخليجية والاقليمية بالاضافة إلى البعد الاقتصادي ودوره في الحياة العامة لانه ايضا مهم وليس فقط الشأن السياسي، بل الشئون الاخرى ايضا أمور هامة جدا ويلزمنا ان نطورها بالاضافة إلى عدد
من الأبواب والتي إنشاء الله نأمل ان نطرحها للقارئ الكريم ليرى نفسه ويرى رأيه معكوسا فيما سيقرأ.

5- ماذا عن عملية بناء الكادر التحريري للجريدة وما هي الاقلام التي ستعتمد عليها في التعبير الصادق عن سياستها لتأدية الدور الصحافي والرسالة الوطنية المطلوبة منها، وهل ستستعينون بخبرات عربية من الخارج؟

- توجد قدرات وإمكانات كثيرة في البحرين ولكن لنصل بالجريدة إلى مستويات عليها سوف نستعين بخبرات عربية من الخارج وهذا ضروري بالنسبة لنا. فالتوجه الاساسي هو الاستعانة بقدرات على مستوى دولي أيضا ولكن هذا لا يعني اننا سوف نغلب ما ناتي به، بالعكس سوف تكون النية لتخريج كادر صحافي نعتز به ونعتز بأن ينتقل من الوسط إلى أي مكان آخر بحيث تكون هناك مدرسة الوسط التي تخرج الصحفيين. والصحفي الذي سيأتي للوسط سوف نهتم بتطويره وتدريبه وسوف نخصص من الميزانية والارباح جزء هاما للتطوير والتدريب. وسوف يكون ذلك شرطا أساسياً لكل من يدخل الصحيفة ان يتخرج بعد أربع سنوات بمستوى راق جدا ويستطيع ان يمكن ذاته من بيع خدماته أو تسويقها للوسط أو لغير الوسط. وسوف نسعى للابقاء على المتميزين من خلال تمليكهم أسهم في الشركة.

6- لكل مشروع خاص أو تجاري دراسة مبدئية لقياس مستوى نجاح المشروع. فكيف وجدتم فيه واقع الجريدة المستقبلي ومدى النجاح ومساحة الانتشار والاهتمام بها من قبل القارئ؟

- دراسة الجدوى التي عملناها هي دراسة مستفيضة واصرينا على أن نعمل دراسة رغم أي تكاليف، لأني اعتقد بأن أي دراسة مشروع سوف لن تكون فقط لان هناك أجواء سياسية وتقديرات نفسيه. رأس المال لدينا يزيد على المليونين دينار وهو الموجود لدينا نقدا، وهذا يعني ان الذين دخلوا معنا، دخلوا بعد اطلاعهم على دراسة الجدوى التي قام بها متخصصون في مجال الاعمال والصحافة. وهذه الدراسة التي طرحناها على المؤسسين تؤكد الحاجة المفهوم الوسط. وجريدة مثل الوسط سوف تجد لها السوق والجو السياسي الداعم لها وسوف تحصل على المردود الذي بحث عنه ايضا المستثمر المحلي.

7- البحرين هي عبارة عن أرخبيل يتكون من مجموعة جزر تتناثر في الخليج العربي وتفصلها المياه من أربع الجهات فهل للصحيفة فكرة لعبور هذه المياه الاقليمية والوصول بها إلى السواطئ الاخرى. وهل سيتم توظيف وسائل وتقنية الاتصال لاجل وصول الكلمة للقارئ العربي من الخليج إلى المحيط؟

- على المستوى الأول طبعا نحن نركز على البحرين ولكن بالتأكيد سوف يكون الخليج والعالم العربي بعد النجاح المتوقع لنا أن تكون تلك المجالات هي التي ندخلها ولدينا بعض البرامج والخطط التي لابد وان يجرسها مجلس الادارة ويقرها إنشاء الله قبل طرحها على السوق.

8- سؤال اسمح لي ان الأمس فيه صدرك الرحب من الداخل. ماذا يعني لك الوطن كرئيس لجريدة يومية مرتقبة وانت من تجرع طعم الغربة الذي هو أشد من العلقم وأيضا طعم احتضان الوطن له والذي هو أحلى من العسل ومدى انعكاساته عليك؟

- منذ التغيير الذي حصل العام الماضي ويعني قبل عام كنت قد يأست من رؤية البحرين لذلك كل حياتي كانت مرتبة على ان لا وجود لي في البحرين.
هذا من الناحية المادية أما من الناحية المعنوية فقد كنت أعيش البحرين كل لحظة من حياتي هناك. وفي لندن نحن لدينا مقولة بأننا كونا زاوية في لندن وهذه الزاوية هي البحرين بحيث تعكس ما يجري فيها. وعندما نذهب لهذه الزاوية نعلم عن كل قرية، وما هي الاسماء. فيها الجرائد والطباعات.
لدينا انموذج مصغر للبحرين في لندن ومن خلال هذا الانموذج نتعامل معه بصورة يومية ونحاول ان نؤثر على الاحداث الجارية في البحرين. هذا الاتباط كان ارتباط رموت أي يعني بالرموت كونترول وهو ما معناه انك محروم من الوجود في البلد ولكن عندك هذه الامكانية. عندك الارتباط بقضية شعبك، عندك ايضا ما وفرته لك التسهيلات في لندن والكفاءات الموجودة عندك. فجأة تغير الوضع وأنا شخصيا وقعت في غرام عودة البحرين. فالاشهر الاربعة الاخيرة التي قررت وحددت متى سأعود وكنت أعلم اني سأعود في 16 ديسمبر 2001م وكنت أعلم بهذا التاريخ من قبل اربعة اشهر. لكن هذة الشهور الاربعة كانت كالاربعين سنة بالنسبة لي. كل ليلة وكل لحظة كنت احسبها وكنت اريد ان اتخلص من كل شي. لدي منزل أريد ان ابيعه وأريد ان احول اموالي واغلق حساباتي وفي الوقت نفسه أريد ان انتقل الى البحرين وترتب لي شقة, أصبحت الاربعة أشهر كليا بالنسبة لي تصفية وجود عمره أكثر من 20 سنة وهو 22 سنة وجودي في بريطانيا. أصبح الهم الذي يلاحقني انه متى سوف ارجع الى البحرين وكنت اتصل في تلك الفترة ربما اربع الى خمس مرات يوميا بالبحرين وذلك من حبي الكبير للعودة الى البحرين، وقد وجدت ان لا مبرر لوجودي في الخارج وانه لا بد ان اكون مشاركا إذا انفتح المجال للحلو والمر من داخل البلاد مع أهلي واحبائي. فهي حقيقة بالنسبة لي عام 2001م عام سوف لن انساه أبدا في حياتي.

9- ينتقد البعض الصحف اليومية الحالية بأنها تركز كثيرا في صفحاتها الأولة على اخبار وانشطة الدولة. هل ستسير (الوسط) على هذا النهج أم ستكون مختلفة؟

- ستكون مختلفة مائة في المائة والا لأصبحنا مكرر لما هو موجود واصبحنا ممقوتين من الشارع الذي يتوقع التجديد. كما يتوقع قلبا للمعادلة الموجودة والحالية. اعتقد ما هو موجود حاليا ليس تعبيرا للرأي العام وإنما للرأي الخاص وفرضه على الرأي العام. ما تريد ان نعمله هو قلب هذه المعادلة "التعبير عن الرأي العام وفرضه على الرأي الخاص".

10- هل مفهوم حرية الصحافة هو التطاول على الآخرين ونقد اصحاب الايديولوجيات القومية والدينية والعلمانية. وكيف يتم التوازن بين النقد وعدم التطاول والتجريح؟

- لا أعتقد ان التجريح والتطاول من الصحافة الحسنة أو من الصحافة الجيدة. نشر أي شيء فيه تطاول شخصي على مذهب أو ما يثير الشحناء والبغضاء في المجتمع هذا لا تسمح به أي صحافة تحترم الانسان. أيضا لا تعني حرية الصحافة عدم وجود ضوابط. فلا توجد صحافة في العالم بدون ضوابط أبدا ولكن الضوابط تختلف من مكان لمكان. ولا يوجد إنسان يعيش في العراء. فكل شخص يحتاج إلى حدود وهذا الحدود في المنزل حدود بناء، ولكن البناء قد يكون قصرا أو منزلا جيدا أو قد يكون السجن. فالبناء أنت بحاجة إليه وهذا يعني أنت لا تستطيع ان تعيش في العراء. وعندما تقول انا لا أجد ونزانة ايضا لاتريد العراء، لا تريد ان تكون منطلقا في العراء بل تريد منزلا.
فنحن عندما نقول نريد حرية لا يعني هذا بأننا نريد انعدام الضوابط وإنما نريد انعدام القيود التي تقيد ابداع الانسان وحريته بحيث ينطلق ويشارك في مجتمعه.

11- كيف يمكن في نظركم المواكبة إعلاميا بين القيم الدينية والمصالح المادية؟

- إذا علمنا ان الدين هو اساسا تصحيح للاخلاق وليس فرض ودكتاتورية، وإذا علمنا ان الرسول (ص) قال "إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق" وليس إنما بعثت لكي اضرب الناس وآمرهم (ولست عليهم بمسيطر). السيطرة الروحية أو السيطرة أن تأمر إنسانا بأن يفعل شيئا، هذا النهج الدكتاتوري ربما نحن ورثناه لاننا نعيش دكتاتورية مستمر لعدة قرون في عالمنا الاسلامي. ولكن اعتقد بأن روح الاسلام هي ان القيم الاخلاقية هي قيم العدالة والمساواة. كما هي قيم احترام العائلة، احترام المثل، احترام الآخرين واحترام الوالدين.
وهناك الكثير من المثل.
ربما ان أقوى صحافة هي الصحافة البريطانية وهي أقوى صحافة هي الصحافة البريطانية وهي أقوى حتى من الصحافة الامريكية وغيرها ولكن بسبب عدم وجود المثل والقيم الدينية ترى أن هناك من يلجأ مثل جريدة "السن" و"ستار" إلى نشر صور لنساء عاريات وكل يوم تنشر ثور لامرأة عارية من الوسط إلى الأعلى. هذا لان المثل انعدمت ولكن في المجتمع المسلم انت لست بحاجة إلى ان تروج الجريدة حتى لو اضطرك الأمر لهذا. فهذا شيء مخالف لقيمنا الاسلامية ولكن يكون هذا الأمر.
ولكن لن تكون ايضا حالة من التزمت وحالة من الوصاية الدينية.
أنا اعتقد أن مجتمع البحرين أكثر المجمعات ايمانا بالدين وحماية له.
وبالتالي الدين لا يمانع كثيرا مما هو موجود من تحرر مادام لا يسيء إلى القيم المحورية في الدين. وما دامت لا توجد عندنا هذه الحالة فنحن على المسار الصحيح.


مجلة "المواقف"
بتاريخ: 22 / 2 / 2002

العدد 3804 - الإثنين 04 فبراير 2013م الموافق 23 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً