أقصى ما استطاعت العديد من أجهزة الإعلام العربي الرسمية وتوابعها من مجاميع وحسابات تواصل اجتماعي وفضائيات ومواقع إلكترونية فعله في دول الثورات، وفق إجماع عدد كبير من كبار الإعلاميين والمثقفين العرب وكذلك الغربيين، هو أنها تمكنت بجدارة من أن تقول للمواطن العربي بلا حياء ولا خجل إنها «إعلام وقح موغل في الخزي»!
وبكل سرور وضيع، أحبت أن تظهر أمام الأنظمة التي تخدمها في صورة «إبليس الرجيم»، دناءة وسفالة وانعدام خلق وانحطاط إلى أدنى مستويات الخسة والنذالة.
ثمة ملامح وضيعة هي الأخرى مشتركة بين أجهزة إعلامية متعددة الاتجاهات في الوطن العربي، بعضها ذات صبغة رسمية ويتبع وزارات الإعلام، وبعضها الآخر متفرع منها وفق أسلوب «مجموعات الدعم والترانزيستر»، فيما بعضها الثالث له علاقة وثيقة بدول إقليمية وشخصيات وجماعات متشددة، وربطاً بذلك، أصبح الكثير من السياسيين والمثقفين الإعلاميين العرب يستخدمون مصطلح «إعلام المخابرات» في وصف أداء وأهداف ومهمات وأسلوب تلك الأجهزة التي بلغت في أكثر من دولة عربية، وعلى مسمع ومرأى ملايين المواطنين العرب، مبلغاً قذراً جداً في استخدام أسلوب الشتم وانتهاك الأعراض والتخوين والكلام البذيء والافتراء وتكتيك الفضائح المفبركة تقنياًً، للنيل من المعارضين والحقوقيين وقادة الرأي... حتى وصل الأمر إلى أن رئيساً مخلوعاً لإحدى الدول، لم يتوانَ لحظة في انتهاك أعراض «مواطناته»... في البلد الذي كان يحكمه! وقال كلاماًً عن نساء بلده لم يقله أي حاكم طاغية (غير مسلم) على مر التاريخ.
هكذا مستوى منحط من الخطاب الساقط في الإعلام العربي، لم يكن لينمو ويترعرع في وحل عفن لو لم يكن يتمتع بالدعم من الحكومات التي رضيت باستخدام منهج «إعلام التابلويد»، ولو كانت تلك الحكومات محترمةً أصلاً وتؤمن بتأثير الإعلام الممتلك للخطاب الوطني المحافظ على النسيج الوطني، والدافع في اتجاه الحفاظ على مصالح الأوطان بالكلمة المسئولة ودوره في الاستقرار السياسي والاجتماعي في آن واحد، لما رضيت أن تتعدد أدوار إعلامها السيئ وتوابعه – حتى في اللحظات الأخيرة التي سبقت سقوطها – كأجهزة إعلام زين العابدين بمسدس هالة المصراتي، وأنصار حسني مبارك بدفاع مرتضى منصور ووجبة تامر حسني في ميدان التحرير، وبوق المخلوع علي عبدالله صالح... عبدالرحمن فرحان، ومن لف لفهم، فالقائمة تطول.
بالطبع لم يقف المثقفون والإعلاميون والكتاب العرب المخلصون لأوطانهم مكتوفي الأيدي أمام هذا النمط الرديء من الإعلام الفاشل المستوحى من أفكار المخابرات البالية التي تعيش في غير زمان «شباب التغيير» في الوطن العربي طولاً وعرضاً، بل جاء التحرك مبكراً إثر قراءة دقيقة لمخاطر الانحطاط الذي تسير في طريقه الكثير من الأجهزة الإعلامية العربية! كيف؟ لنعد إلى شهر أبريل/ نيسان من العام 2011، حيث انعقد الملتقى الإعلامي العربي الثامن في دولة الكويت الشقيقة، وكان صريحاً في انتقاد هذه الممارسات، ووصف تعامل وسائل الإعلام العربية من خلال (تغطية ملونة لأحداث) الثورات ولجوئها إلى التعتيم على حقيقتها، وهو ما أثر على مصداقيتها لدى المواطن العربي، مشيرين إلى أهمية أن تتحول تلك الوسائل للأداء المتزن الذي يتميز بالمصداقية. ولعل أحد كبار الكتاب وهو الكاتب الصحافي سامي النصف أوجز كل ذلك بالقول حينها: «إن البلاد العربية بحاجة إلى تغيير، ولكن على الإعلام ألا يرتبط بالانتقام والتسويق الذي يعود بنا إلى مرحلة التأزيم وما صاحبها من إلقاء الناس في السجون وبيع أحلام وردية واستخدام الإعلام لتسويق الهزائم». (انتهى الاقتباس).
ولكن، إلى أي حد نجح «إعلام المخابرات العربي الفضائحي» في القيام بأدواره الخبيثة؟، والإجابة أيضاً طرحها في الملتقى وبكل وضوح، الإعلامي المصري وائل قنديل: «الإعلام العربي آخذ في التراجع، لذا أقام المواطن العربي إعلاماً خاصاً به حيث أصبحت وسائل الإعلام مجرد خوادم لأنظمة الحكم»، وتساءل عن تأثير المتغيرات العربية على الإعلام، لافتاًً إلى أن هذه المتغيرات بدأت تلقي بظلالها على الأنظمة لتعود بعد الثورة لتمجّد الثوار، مشيراً إلى خطورة هذا التوجه على الإعلام المصري في المراحل المقبلة».
بيد أن الكاتب السعودي يوسف الكويليت كان أكثر صراحةً بقول: «إن إعلام الدولة عبر السنوات الماضية، كان هو المسيطر تاركاً الأثر السلبي على الناس، وإن الشعوب العربية عاشت الإعلام المزيف والشعارات، لتوافر عناصر تشتري ذمم مجموعة من الصحافيين، الأمر الذي دفع الناس والشعوب إلى سب الإعلام المزيف». لكن بصيغة أخرى تحمل الانتقاد والتحذير في آن واحد، وضع الكاتب والإعلامي العراقي فايق الشيخ علي النقاط على الحروف بقوله إن عواصف التغييرات اجتاحت جميع الدول على مستوى العالم باستثناء الحكام العرب، فالاستعباد في الحكم ثابت والاستهانة بالشعب أيضاً، وهو ما أدى إلى ثورة الشعوب واصطدامها بالقوات المسلحة، حيث برز أن تهديد الشعوب لها شيء ثابت أيضاً، كما أن تزوير الانتخابات ثابت نتيجة قلة من المنتفعين من النظام.
هناك سؤال مهم: «هل ستتم مساءلة الإعلام الساقط وأبواقه وعناصره يوماً ما في الدول العربية التي فتتها الخطاب الوقح وأضر بنسيجها الوطني بتهمة الإضرار المتعمد بالاستقرار الوطني والنسيج والسلم الاجتماعي»؟...
للحديث بقية.
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 3802 - السبت 02 فبراير 2013م الموافق 21 ربيع الاول 1434هـ
شراء الذمم.. اعلام ساقط
«إن إعلام الدولة عبر السنوات الماضية، كان هو المسيطر تاركاً الأثر السلبي على الناس، وإن الشعوب العربية عاشت الإعلام المزيف والشعارات، لتوافر عناصر تشتري ذمم مجموعة من الصحافيين...
إنه اعلام شراء الذمم..
إنه اعلام المتاجرة بتدمير الأوطان لمصالح شخصية..
إنه اعلام الحقارة والدناءة والسفالة الى ابعد حدود..
إنه اعلام لا يصلح حتى لبهائم الغابات....
يكفي ان لدينا الوسط.... لم تقصر ابداً واثبتت مكانتها الاعلامية على كل المستويات فشكرا لكم
وقح ويصدقه الوقحون
نعم يا اخي سعيد انه اعلام مخابراتي مية بالمية ويديره ارذل خلق الله في الاجهزة المخابراتية من الخليج الى المحيط وكل همهم هو نشر الوقاحة ويتبعهم الوقحون ويصدقونهم ايضاً والا هل معقول اعلام او صحافة او تلفزيون او اذاعة محترم تهيج الناس وتبث الفتن والكراهية وحكومة هذه الدولة او تلك راضية وقابلة؟ لكن ما هو المصير.. المصير هو خزي كبير وقع فيه صحفيين وكتاب واعلاميين وانفضحوا حتى لو صفق لهم اتباعهم.. واعتقد ان الشعوب العربية لن تنسى ما فعلوه وبيجيهم يوم ينالون جزاهم في الدينا قبل الآخرة
جزاءهم الخزي والعار
اخي الفاضل ما لهم الا الخزي والعار في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة لأنهم لوثو عقول البسطاء وخدعوهم بخطاب اعلامي لا يمكن أن يمت للدين الاسلامي او للوطنية او للأخلاق بصلة.. يظهرون في التلفزيون ليلاً وفي الصحف صباحاً ثم ينتظرون المكافأة.. اي وطنية لهؤلاء سحقاً لهم
طبول الانظمة
لسان هالوردة.. طتق.. طنق. ينقط عسل... وايد روعة الموضوع فنحتاج الى سلخ طيالة الانظمة العربية
بقدر احتكار الإعلام تكون الدكتاتورية
اول شئ تحرص عليه الدكتاتوريات ان يكون هناك لون واحد للإعلام يتحدث بلغة السلطة و الأكثر حرصا على أخضاعه هو الإعلام المرئي