نحن لسنا من الجمعيات السياسية، ولسنا من الموالين للسلطات، نحترم الرأي والرأي الآخر وحرية التعبير، ونحترم العقائد في خلافها واختلافها، ونصون كرامة الإنسان، ديدننا العدل والمساواة.

أعرف أنّ المتجني بالصفع، يُرَد عليه بالصفعات، وأن رجل الدين الصالح، يدعو الله للكافر أن يمنّ عليه بنعمة الإيمان، ويدعو للمسلم المختلف بالهداية من الله، ويجادل ذا وذاك بالتي هي أحسن؛ وأن النبي (ص) قد بعث ليتمّم مكارم الأخلاق؛ وأن المُطالب بالحرية لا يمنعها عن غيره؛ وأن السعادة هي الأمن والطمأنينة، المستقاة من احترام الذات والآخر، واحترام حقوقه كما هي حقوق الذات.

لا ترى لنفسك حقاً وتنكره على غيرك، ولا ترى على غيرك واجباً وتعفي نفسك منه، وأن المواطنة هي معيار للمُثُل الإنسانية في مساحتها الوطنية، التي تجمع ولا تفرق، إلى دين ومذهب وطائفة وجماعة، وعائلة وأصل وجنس، في تطبيقات القانون.

والقانون نفسه يُجْمِع عليه وعلى عدالته جميع المواطنين، وأن التمثيل الشعبي ليس مطلقاً، بل في حدود موضوع إيكاله المحدد، فلا يعم جميع مناحي الحياة، وأن التوكيل له أمد، لذلك فقد ثبت دستورياً، أن الإنتخابات تتواتر كل أربع سنوات، في مناحيها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتنقص إلى السنتين أو السنة الواحدة، في المناحي المدنية، وأن عمل اللجان تختص بموضوعة واحدة وأمدها أقصر.

وأعرف أنّ: الطوائف والجماعات، هي أصل في المجتمع، يتواصل أفرادها، في اجتماع للتفرد بصفاتهم ربما الدينية والمذهبية والاجتماعية والسياسية والمناطقية والتخصصية العلمية والمهنية، وهي مكونات جماعية تنشد العدالة المجتمعية في حرية ممارسة معتقداتها، وعاداتها وأفكارها وتَلَقِي احتياجات خدماتها من الدولة، وممارسة دورها العلمي والتخصصي والمهني، وحفظ حقوق أفرادها وجماعتها، في التأثر والتأثير، أسوةً بمثيلاتها من الجماعات الأخرى، في تساويها وإياها في الحقوق والواجبات العامة التي تعم كل المواطنين، دون تعدٍ على الجماعات الأخرى ولا تتناولها بالسوء.

ديدنها التَمَيّز الإيجابي بتفوقها في خدمة مجتمعها، على خلاف النيل من معتقدات الآخر وحقوقه، بإلباسه لباس الإثم، في سب وشتم وكذب وتلفيق، يصل إلى التشكيك في الأعراض. فصاحب المعتقد أدرى بفهمه وإسناداته، للنص الإلهي والرسولي، وأدرى بما اطمأن له قلبه وعقله الإيمانيان منها، وكذلك الآخرون، فلكم معتقداتكم ولي معتقداتي، يجمعنا سوياً دين الإسلام والإنسانية والمواطنة.

وأعرف أنّ: التمييز يُوَلِّد لا محالة، المطالبة بحق استرداد المساواة، في من ناله التمييز بانتقاص حقوقه، وبإثقال كاهله بواجبات لم يتمثلها الآخر، وأنّ طالب الحق لا يتمادى بالتطاول على حقوق الآخرين، ولا يسره أن يكون له أو عليه، أكثر أو أقل من الآخرين، فلا يكون هناك زيدٌ وعُبَيْد، بل مواطناً بحرينياً.

وأن الإنسان متى ما بلغت ظلامته الزُبى في نفسه أو في شريكه في الوطن، أحل في نفسه الجهاد ضد الظلم. وللجهاد أوجه، فمنها ما في القلب المكنون ليوم الفصل، ومنها اللسان والقلم ومنها بذل النفس. فيستحيل المجتمع إلى طرفين، الظالم والمظلوم، ولكل منهما أنصاره، فأنصار الظالم، يطالبون أسيادهم المالكين لأدوات الظلم، من مؤسسات وعتاد، بزيادة الظلم على المظلوم، والمظلوم وأنصاره يسعون لرفع ذاك الظلم عن أنفسهم والآخرين، لتستوي الحقوق والواجبات وتسود الحرية والعدالة والمساواة.

وأنصار الظالم، إنما يخشون أمرين، الأول ضياع ما هم فيه من مزايا، باستحواذ مقدرات وثروات الوطن، والثاني خوفهم الأكبر، من أن تنقلب الآية ويتبادلوا المواقع من ظالم إلى مظلوم، فتأخذهم العزة بالإثم، ولا ينفع في طمأنتهم تعهدات ولا تصريحات المظلوم، أنّ غاية مطلبه أن يسود العدل فلا ظالم ولا مظلوم، ولن يساوموا على موقعهم الظالم، فهم مطمئنون فقط في حالة تبوئهم كرسي الظالم، في رفض تام للنزول عنه إلى رحاب العدل والمساواة، إلا جبراً، والمعني بهذا الوصف الظالم، ليس عامة الناس من حول القادة الظالمين، بل هم القادة أنفسهم، الذين سيجدون أنفسهم في العراء يوماً، من بعد انحسار مناصريهم، جراء انكشاف ألاعيبهم وخداعهم لأنصارهم العامة، في وصف ورسم صورة المظلوم، أنه حاقد وكاره للعامة من أنصارهم، وأنه خائن للوطن ومتآمر مع الأعداء الوهميين الذين اختلقوهم، وأن المظلومين من المواطنين ليسوا مواطنين، بل هم غازون للوطن جاؤوا من بلاد «فارس الصفوية»، وأنهم أرذال لا يعرف لهم أصل من فصل، وشرعية ولادتهم مشكوك فيها، لغرض تحريض مناصريهم من العامة على المطالبين بالعدل والمساواة، مستخدمين في ذلك، عبارات من قبيل أنّ الآخرين لا يعترفون بهم، وينازعونهم في أصلهم ومواطنتهم، وأنهم منفردون بالقرار ويفرضون ما يريدون، ولا يتشاورون وإياهم ويقصونهم من معادلة المواطنة، وأنهم متآمرون على الوطن.

ويتباهى هؤلاء القادة الظالمون أمام مناصريهم من العامة بأن أوضاع البلد في أحسن حال، مستدلين في ذلك باستضافة البحرين لفعاليات الدورة الحادية والعشرين لكأس الخليج، وكأن هذه الفعالية محسوبة على مذهب دينهم، متناسين تشريد الرياضيين البحرينيين من الطائفة الأخرى، وقبوعهم في المعتقلات، وهي أحد الأسباب التي عزّزت حتمية انهزام الفريق الوطني في الدورة المذكورة وغيرها من المحافل الرياضية.

والأدهى أن الظالمين، ينطقون الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ليسقطوا ما هم فيه من ضلالة، على المظلومين من المواطنين، مثل القول «رأي الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار»، في تحوير القول بأن رأي الله (نستغفره ونتوب إليه)، بدل أن الله مع الجماعة، في تدليل أنهم سيتشاورون مع قادة ائتلافهم الطائفي وليس قواعدهم وبقية المواطنين، و «إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية»، واصفين عامة مناصريهم بالغنم المغلوب على أمره حين افتراقهم عن القادة، و»علينا أن نستمر في صدقنا مع الله والناس، ونتمسك بأخلاق الإسلام، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين».

قسماً بالله لو أن الله يعجّل العقاب، لمحاكم من الدنيا ومثواكم ناره وبئس المصير، فالفتنة التي أتيتموها أشد من القتل، و«إن الله لا يحب الفساد والمفسدين»، صحيح القول أن الله محاسبكم يوم القيامة على ما أفسدتموه في تفريق الناس، وتقسيمكم المسلمين إلى طائفتكم وهي منكم براء، بأنها الفرقة الناجية ودونكم باقي المسلمين في النار. فتناسيتم أن الله يحكم بينكم يوم القيامة، وأن «وقفة الفاتح التاريخية» التي أمرت بها السلطات هؤلاء القادة الضالين للائتلاف الطائفي، فأضلوا مناصريهم، «أظهرت قوتهم الكامنة» أي العامة، ليتها كانت القوة الكامنة لنصرة الحق والعدل والمساواة، بين جميع المواطنين، «فنحن أمام مستقبل الأجيال القادمة»، من لا يرى نور دربه في يومه، كيف يريه للأجيال القادمة، «ونقف صفاً واحداً ضد الذين يفرقون الصف»، فوالله ما افترق عنكم إلا من طلب الحق، ومنهم مكونات طائفتكم وأنصاركم السابقون، فقد اكتشفوا استخدامكم لهم لضرب المكون الآخر، ليسود ظلمكم، «ولنأخذ على يد المفرقين والمشتتين»، فماذا أنتم سوى ما تصفون، في معاداة طالبي الحقوق والمساواة من المواطنين، «سيادة القانون واستقلال القضاء... ولا نقبل الضغوط للتأثير في الأحكام القضائية ضد من أجرم في حق الوطن... ولا نرضى بسياسة العفو التي انتهجتها الدولة فيما سبق».

لقد نال شخصكم العفو سابقاً، واليوم ترفضون العفو، نتيجة انقلابكم على الحق ومهادنة الظالمين، والضغط على القضاء، ألم تمارسوه؟ باستنكار أهوج، بإنزال عقوبة الإعدام والمؤبد إلى الحكم بالسجن

15 عاماً لمن قتل الشرطي، إن صحت القضية، واستكثاركم لحكم السبع سنوات للشرطي قاتل المواطن نتيجة التعذيب، فمن أجرم في حق الوطن والمواطنين، المطالبون سلمياً بالإصلاح أم قاتلو المواطنين ومحرضوهم؟