شعار «لا تكن شريراً» الذي ترفعه «غوغل» يبدو سهل التطبيق لكن كثيراً من الشركات - ومنها محرك البحث العملاق - تجد صعوبة في تفادي الشرور وهي تطمح لفعل الخير. ويرى المسئولون التنفيذيون المجتمعون في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس أن التصرف بطرق مفيدة للمجتمع يمكن أن يعود بأضرار مالية على الأمد القصير ولكنه سيصبّ في مصلحة مؤسساتهم بمرور الوقت. إلا أن التناقضات الآنية قد تجعل من الصعب التمسك بهذا المبدأ. الضغط من أجل التغيير ينبع من المجتمع. وفي القطاع المصرفي يرجع ذلك إلى أن دافعي الضرائب هم الذين أنقذوا النظام المصرفي.
وأي شركة مالية تبتدع هياكل معقدة لمساعدة زبائنها على تقليص فواتير الضرائب ستجد نفسها هدفاً لهجوم وسائل الإعلام. ومن الناحية النظرية فإن أنشطة هيكلة الضرائب تعتبر نشاطاً مثالياً للبنوك بعد الأزمة فهي لا تحتاج إلى رأس مال وتدر أرباحاً كبيرة. لكنها لا تجتاز اختبار مراعاة المصلحة الاجتماعية ويمكن أن تضرّ بسمعة المؤسسة.
وبعد التفكير في الأمر يسهل اتخاذ قرار بالخروج منها. وتواجه البنوك التي لديها عمليات كبيرة تتطلب رأس مال كبيراً في أسواق السلع الأولية المأزق نفسه. فهذه الوحدات ربما يكون لها هدف نبيل بمساعدة الزبائن من الشركات على التحوّط من تكاليف معينة. لكن الموارد نفسها يمكن أن تستخدم أيضاً لمساعدة صناديق التحوّط على المضاربة في الأسعار، وربما تزيد من شحّ سلع حيوية مثل القمح؛ ما يرفع كلفة الغذاء؛ الأمر الذي قد لا يعود بالنفع على المجتمع. ولا يستطيع البنك المفاضلة بين زبائنه بسهولة.
ولا تنحصر المشكلة في القطاع المصرفي فحسب. فالشركات المنتجة للسلع الاستهلاكية تتأثر بصورة كبيرة بالتغيّرات التي تطرأ على المعنويات الشعبية. لكن التطبيق الصارم لاستراتيجية تهدف إلى تخفيف أثر الضرر يمكن أن يؤدّي إلى تقليص المحافظ الاستثمارية بنسبة كبيرة. وهذه إحدى سبل التخلص من أنشطة الوجبات الخفيفة التي تؤدّي للسمنة عندما تصل إلى مرحلة النضج وينخفض معدّل نموها. ولكن إذا كانت تلقى إقبالاً في الأسواق الناشئة فإن الشركة قد تميل إلى الاحتفاظ بهذا النشاط مبرّرة ذلك بأنه في صالح المساهمين. وكان النهج التقليدي الذي تتبعه الشركات هو التكفير عن الممارسات التي تنطوي على «شر» بالتبرع بأموال للمؤسسات الخيرية أو القيام بأعمال الخير مثل إعطاء الموظفين يوم عطلة لزراعة أشجار من أجل مواجهة التأثيرات البيئية. ومحاولة رؤساء الشركات في دافوس الجادّة لتبني النهج الشامل لإحداث التأثير الإيجابي تستحق الثناء. ولكنهم قد يجدون في نهاية الأمر أن معالجة تداعيات الشر أسهل من تجنبه.
كريس هيوز
خدمة رويترز بريكنغ فيوز
العدد 3802 - السبت 02 فبراير 2013م الموافق 21 ربيع الاول 1434هـ