من فواتير الهاتف في لاغوس إلى الجرافات في بكين يبحث محللون عن سبل مبتكرة لقياس قوة اقتصادات الأسواق الناشئة؛ إذ يصعب الحصول على بيانات رسمية في بعض الأحيان. ما كمية الجعّة التي يشربها النيجيريون؟ ما نسبة إشغال الفنادق في الخليج؟ كم عدد من يلتحقون بمدارس دولية؟ جميعها مؤشرات تستخدم لمتابعة نجاحات وعثرات اقتصادات لا ترقى فيها سرعة توافر البيانات ولا الشفافية والدقة للمعايير في الأسواق المتقدمة. واجتذب تنامي الاهتمام بالأسواق الناشئة - إذ تشير بيانات مؤسسة ليبر لتدفق نحو 90 مليار دولار في العام الماضي (2012) - العديد من المستثمرين الأقل خبرة بتحليل الأصول عالية المخاطر ويحتاجون إلى مساعدة. وعلى سبيل المثال فإن بيانات النمو الاقتصادي الفصلي هي أكثر البيانات شمولية واكتمالاً لقياس سلامة أي اقتصاد متقدم. وحتى إذا توافرت هذه المعايير الاقتصادية الأكثر أهمية فإنها تنطوي على محاذير في حال الأسواق الناشئة. وتصدر البيانات متأخرة لدرجة تفقدها جدواها في كثير من الدول الإفريقية أو لا تعلن من الأساس في العديد من دول الشرق الأوسط في حين تصدر هذه البيانات المهمة في الصين في وقت مبكر على نحو يثير الريبة بالنسبة إلى البعض. لذا بدأ بعض المحللين في فحص بيانات أخرى أو حتى تجميع قواعد بيانات خاصة بهم لتقييم إمكانية الاستثمار في مثل هذه الأسواق. وقال الخبير الاستراتيجي في صندوق إينسبارو للاستثمار في الأسواق البكر، غراهام ستوك: «الحصول على (بيانات جيدة) أصعب في الأسواق الناشئة منه في الأسواق المتقدمة لأن إدارة مكتب إحصاءات جيد أمر مكلف ولا يحظى بأولوية. عليك أن تستعين ببدائل». ومن البدائل التي تدرس للحكم على قوة طبقة المستهلكين المتنامية في إفريقيا - والتي كثيراً ما يشير المستثمرون إلى أنها نقطة جذب هائلة للقارة - بيانات الاستهلاك الفصلية لشركات البيرة المحلية مثل جينيس في نيجيريا ودلتا في زيمبابوي. ويقول ستوك: «نحصل على بيانات أكثر دقة باللجوء إلى الشركات ذاتها - لا تقدم التغطية الواسعة نفسها لكنها أسرع». وزادت الاستثمارات في أسهم قطاع الخدمات المالية في نيجيريا بفضل فحص اشتراكات الهاتف المحمول. وتصدر البيانات الشهرية في غضون أسابيع قليلة بينما تصدر بيانات الناتج المحلي الإجمالي الفصلية بعد عدة أشهر. وقد أظهرت على سبيل المثال زيادة ثلاثة في المئة في الاشتراكات الفعلية في الهاتف المحمول بين سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2012 إلى 110 ملايين في بلد عدد سكانه 170 مليون نسمة. وعلى أساس تلك الزيادة التي بلغت 16 في المئة في الاشتراكات من ديسمبر/ كانون الأول 2011 إلى نوفمبر 2012 يتوقع مستثمرون أن تتبعها زيادة في عدد الحسابات المصرفية والتي تقدر حالياً عند 20 مليوناً. ونتيجة لذلك اشتروا بنوكاً نيجيرية وكانت خطوة جيدة في الأشهر الأخيرة؛ إذ قفزت أسهم بنك زينيث 20 في المئة في الربع الأخير على سبيل المثال. ويتعين على المحللين الانتظار عدة أسابيع أخرى قبل صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير. وعلى العكس يشير المحللين للسرعة التي تصدر بها الصين بيانات الناتج المحلي الإجمالي - بعد أسبوعين فحسب من نهاية الربع؛ ما يشير لاحتمال عدم دقتها؛ الأمر الذي يشجعهم على البحث عن سبل أخرى للعثور على ما يعزز بعضاً من جوانب هذه البيانات.
ويتابع كبير الاقتصاديين في «موديز أنالاتيكس»، مارك زاندي البيانات التي تجمعها شركة تفحص شاشات معدات بناء صينية عبر الأقمار الصناعية لمعرفة إذا كانت تعمل بالفعل. وقال زاندي: «كان هذا القطاع مثار قلق - إذا كانت السوق العقارية تشهد نشاطاً محموماً. إذا توقفت عن النمو فقد تعترض النمو في الصين مشكلات». وفي الخليج يفحص المستثمرون كل شيء من نسبة إشغال الفنادق إلى معدلات الموافقة على تأشيرات العمل ونسب التوظيف والالتحاق بالمدارس الدولية لتقييم مستوى النشاط الاقتصادي. ولم يكتف البعض بفحص مثل هذه الأرقام؛ إذ طور مستثمرون أطراً خاصة بهم أو قاموا باللجوء إلى أكاديميين بحثاً عن بيانات تقيم الاتجاهات الاقتصادية بدقة أكبر. وأدرجت «ستيت ستريت» بيانات خاصة بأسعار التسوق من على الانترنت من شركة أميركية هي برايس ستاتس في أبحاثها في العام 2011 وتغطي العديد من الأسواق المتقدمة والناشئة على حد سواء مثل روسيا وجنوب إفريقيا ودول أميركا اللاتينية. وتقول دراسة لـ «ستيت ستريت»، تستند إلى بيانات التضخم الأميركية إن الأرقام التي تخضع لتحديث منتظم تستغل فعلياً كمؤشر أولي لبيانات التضخم الرسمية. وفي الصين تظهر مسوح لأسعار المواد الغذائية ومتاجر التجزئة انكماشاً في الأسعار في معظم فترات شهري ديسمبر ويناير/ كانون الثاني على عكس توقعات تجمع تقريباً على تسارع وتيرة التضخم في الصين هذا العام. وأطلقت «بلاك روك»، أكبر شركة لإدارة الصناديق في العالم مؤشرها الخاص للمخاطر السيادية في 2011 في أسواق كبرى وناشئة وسط مخاوف بشأن المخاطر في كثير من الدول المتقدمة. وقال خبير الاستثمار في معهد بلاك روك للاستثمار توماس كريستيانسن: «تظهر المراجعات أن مؤشراتنا تبرز غالباً تدهور العوامل الأساسية قبل وكالات التصنيف».
العدد 3802 - السبت 02 فبراير 2013م الموافق 21 ربيع الاول 1434هـ