إن أعطى الله شطر الجمال ليوسف (ع) فقد أعطى لمحمد (ص) العظمة، فلم يوازيه في عظمته أي إنسان، كيف لإنسان أن يغير واقعاً بلغ أقصى جهالات الدنيا ما بلغ، وفاق قساة القلوب قسوةً، وأعتى أنواع الكفر عناداً وجبروتاً. واقع واجهه نبي الله محمد (ص) بخلقه وحكمته، وعانى في ذلك ما عانى، حتى قال: «ما أوذي نبي مثل ما أوذيت»، كل ذلك من أجل صلاح أمته، إذ كان أب هذه الأمة وراحمها.
هو مرجعية ثقافية للإنسانية في سجاياه وطباعه، في مشاعره وصفاء قلبه، في إخلاصه ورحمته، في سعة صدره ونبله، في علمه وحكمته، في حديثه وصمته. هو الذي يصفه ابن عمه الإمام على (ع) بقوله: «لم أرَ مثله قبله ولا بعده، كان أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمّة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة».
كان النبي (ص) خافض الطرف ينظر إلى الأرض، يغض بصره بسكينة وأدب، لا يتكلم في غير حاجة، جل ضحكه التبسم، لا يقطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه. وكان (ص) يساوي في النظر والاستماع للناس، وكان يبكي حتى يبتل مصلاه خشيةً من الله عز وجل من غير جرم.
وكان يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويأكل مع العبد، ويجلس على الأرض، يصافح الغني والفقير، ولا يحتقر مسكيناً لفقره، ولا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها هو، ويسلم على من استقبله من غني وفقير، وكبير وصغير. وكان (ص) يؤثر الداخل عليه بالوسادة التي تحته، يقدمها له إكراماً لضيفه وطمأنةً لنفسه، فإن أبى أصر عليه حتى يقبل.
وكان ليُسرُ الرجل من أصحابه إذا رآه مغموماً بالمداعبة، وكان إذا أحزنه أمرٌ فزع إلى الصلاة، لجأ إليها، ويحب الخلوة بنفسه للذكر والتفكر والتأمل ومراجعة أمره.
يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويفتح الباب، ويحلب الشاة، ويطحن مع الخادم إذا أعيى. لا يُثبتُ بصرهُ في وجه أحد، محدّقاً به حتى يأمن ويستأنس. وكان من أدبه (ص) أنه لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل عليه وقال: «ألك حاجة».
كان (ص) ينام على الحصير ليس تحته شيء غيره، إذا استيقظ من النوم خرّ لله ساجداً، وكان (عليه السلام) حريصاً على الناس، كل الناس، فهو القائل «يا بني عبدالمطلب، إنّكم لن تَسَعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه وحُسْن البِشْر»، وقال: «أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس، وأذلّ الناس من أهان الناس».
ولم تكن رحمته لأمته قاصرة على من عاصره من المسلمين، بل سعت لتكون شاملةً لمن بعدهم، فتعدت رحمته الزمان والمكان، يفكر فيهم، فهم محور اهتمامه وأمله. رحمة لا تعرف الحدود، ولا ترتضي الجزاء من الناس «لَقَدْ جاءَكُمْ رسولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عزيزٌ عليْهِ ما عَنِتُّمْ حرِيصٌ عليكُمْ بالمُؤمِنِين رؤُوفٌ رحِيم» (التوبة: 128). وكان لا يدعوه أحدٌ من أصحابه وغيرهم إلا قال «لبيك». في يومه هذا ترتفع أصواتنا بالتلبية إليه «لبيك يا رسول الله»، ترتفع أصواتنا بمستوى حماسنا، لبيك بما ترتضيه طاعةً للرحمن. لبيك خلقاً، لبيك منفعةً للناس، لبيك رحمةً وعطفاً، إذ لا يصلح أن يرتبط بأمة محمد من هو قاسي القلب، يضر بمن حوله، يبطش ويكذب، ينتقم ويفسد، يتوانى ويبغض، يرى الظلم ويرتضيه، ولا يتقدم بأمته، فهي أمة محمد ليست كباقي الأمم.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 3796 - الأحد 27 يناير 2013م الموافق 15 ربيع الاول 1434هـ
سلام الله عليك يانبي الرحمة
جزاك الله عنا سيدي يارسول الله كل خير ..وحشرنا الله معكم ولا حرمنا شفاعتكم سيدي ومولاي يا أبا الزهراء
مولد منقذ البشريه
اجمل وازكي التهاني للأمه الاسلاميه بمولد نبي ألرحمه والأمل معقود علي تفعيل اسبوع الوحدة الاسلاميه لإنقاذ آلامه الاسلاميه من ماسيها ولكى تعود وتصبح خير امه
صديقة تعزك من الحد
كيف الحال مشتاقة لسوالفك تشكرين على مقالاتك اتمنى اللقاء قريبا