العدد 3796 - الأحد 27 يناير 2013م الموافق 15 ربيع الاول 1434هـ

العاهل للقضاة: نؤكد لكم استقلالكم

جلالة الملك لدى استقباله السلطة القضائية - بنا
جلالة الملك لدى استقباله السلطة القضائية - بنا

أكد عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة استقلالية مؤسسة القضاء، مشدداً جلالته على حرصه منذ تولي جلالته مقاليد الحكم في البلاد على التأكيد على أمرين هامين: أولهما أن يكون القضاء سلطة من سلطات الدولة الثلاث وليس وظيفة من وظائفها، لا يتدخل أحد في اختصاصه أو يقتطع قدراً من ولايته، وثانيهما أن تكون للقضاء مؤسسته المستقلة التي ينتمي لها القضاة وأعضاء النيابة العامة دون أية إمكانية للتدخل في شئونهم بوعد أو وعيد، بترغيب أو بترهيب.

وقال جلالته لدى استقباله في قصر الصخير أمس (الأحد) نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة، والنائب العام علي فضل البوعينين، إضافة إلى القضاة وأعضاء النيابة العامة إنه «تقديراً للجميع فقد التقينا بكم اليوم (أمس) ونثني على جهودكم ونؤكد لكم استقلالكم وإن قراراتكم مستقلة».


أكد جلالته أن القضاء سلطة من سلطات الدولة الثلاث وليس وظيفة من وظائفها وللصحافة الرقابة عليها

العاهل: القضاء مؤسسة مستقلة ولا يمكن التدخل في شئونها بوعد أو وعيد أو بترغيب أو بترهيب

المنامة - بنا

أكد عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة استقلالية مؤسسة القضاء، مشدداً جلالته على حرصه منذ تولي جلالته مقاليد الحكم في البلاد على التأكيد على أمرين هامين: أولهما أن يكون القضاء سلطة من سلطات الدولة الثلاث وليس وظيفة من وظائفها، لا يتدخل أحد في اختصاصه أو يقتطع قدراً من ولايته، وثانيهما أن يكون للقضاء مؤسسته المستقلة التي ينتمي لها القضاة وأعضاء النيابة العامة دون أية إمكانية للتدخل في شئونهم بوعد أو وعيد، بترغيب أو بترهيب.

وذكر جلالته أنه «لم يحدث أيامنا هذه أن طلبنا قاضياً وقلنا له ما هو المطلوب في قضية مَّا، بل أحيانا لا نعرف القضاة شخصيّاً ونترك القضاة لينظروا في كل الأمور بكل حرية ونزاهة؛ فإذا القضاة تجنبوا التدخلات؛ فإن القوة والهيبة سوف تبقى طالما لا أحد يتدخل».

جاء ذلك لدى استقباله في قصر الصخير أمس الأحد (27 يناير/ كانون الثاني 2013) نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة، والنائب العام علي فضل البوعينين، إضافة إلى القضاة وأعضاء النيابة العامة.

وفي مستهل اللقاء ألقى جلالة الملك كلمة سامية هذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...

فإنه يسعدنا اليوم أن نلتقي أعضاء السلطة القضائية من القضاة وأعضاء النيابة العامة؛ فأنتم سدنة الحق وضمير بلادكم وصدى وجدانه، أودعكم الله تلك الأمانة بين أيديكم لتنطقوا بها، ليكون القضاء مأمن الخائفين وملاذ المظلومين وحصن الحرمات؛ فشرف القضاء، ونزاهة القضاة وعدلهم، أساس الحكم وضمان للحقوق والحريات.

لقد حظيت البحرين وعلى مدار عقود عديدة بقضاء نظامي استطاع من خلال تواتر العمل القضائي واستمرار تطوره المساهمة في تقدم البحرين في كافة المجالات. ولقد حرصنا منذ تولينا مقاليد الحكم في البلاد على التأكيد على أمرين مهمين: أولهما أن يكون القضاء سلطة من سلطات الدولة الثلاث وليس وظيفة من وظائفها، لا يتدخل أحد في اختصاصه أو يقتطع قدراً من ولايته، وثانيهما أن تكون للقضاء مؤسسته المستقلة التي ينتمي لها القضاة وأعضاء النيابة العامة دون أية إمكانية للتدخل في شئونهم بوعد أو وعيد، بترغيب أو بترهيب.

وقد جاءت التعديلات الأخيرة لقانون السلطة القضائية في ضوء مخرجات حوار التوافق الوطني لتؤكد الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية، وقد صدر بناءً على تلك التعديلات كادراً خاصّاً برواتب القضاء والقواعد المالية والإدارية الخاصة بهم.

ورغبة منا في تأكيد هذه الاستقلالية؛ فقد عهدنا لرئيس محكمة التمييز نيابتنا في رئاسة جميع جلسات المجلس الأعلى للقضاء منذ إنشائه، ليتولى القضاة وأعضاء النيابة العامة بأنفسهم ومن خلال المجلس مسئولية الإشراف على حسن سير العمل في المحاكم وفي الأجهزة المعاونة لها، وكذلك الشئون الوظيفية لهم.

إن تطور الحياة وتشعب المعاملات وتعقد المشكلات المصاحبة لهذا التطور يجعل من التدريب القضائي المستمر، وتخصص القضاة أولوية هامة، ولقد وجهنا بتوفير مكان ملائم يتم إعداده الإعداد اللازم ليكون مقرّاً لمعهد الدراسات القضائية والقانونية والذي يمكن من خلاله تقديم التدريب للسادة القضاة وأعضاء النيابة العامة وكذلك السادة المحامين وجميع العاملين في المجال القانوني في المملكة.

كما تحدث جلالة الملك خلال اللقاء، حيث أوضح أن الجدَّ صاحب العظمة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة قد أمرنا أيام الإجازة الصيفية أن نذهب إلى المحاكم ونتعلم من القضاة قضايا الناس اليومية، وكان هذا في الواقع درساً لا يمكن أن أنساه حيث ذهبت إلى المحاكم ورأيت القضاة الذين لهم مكانتهم وهيبتهم وعرفت من ذلك اليوم أن القضاء له هيبته، فيجب علينا اليوم أن نعزز من الهيبة وأن يكون قويّاً وله احترامه.

وبيّن جلالته أنه منذ أيام المغفور له بإذن الله تعالى الجد صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة والمغفور له بإذن الله تعالى الوالد صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراهما، ولا حتى في أيامنا هذه أن طلبنا قاضياً وقلنا له ما هو المطلوب في قضية مَّا، بل أحيانا لا نعرف القضاة شخصيّاً ونترك القضاة لينظروا في كل الأمور بكل حرية ونزاهة؛ فإذا القضاة تجنبوا التدخلات؛ فإن القوة والهيبة سوف تبقى طالما لا أحد يتدخل.

وقال جلالة الملك: «إن القضاء في مملكة البحرين من أقدم المؤسسات في منطقتنا وهو مدعاة للفخر والاعتزاز، فكثير من الحكام لا يجلسون إلا والقضاة على يمينهم ويستمعون إلى كلامهم ويسترشدون بآرائهم وخبرتهم في الحياة ومع الناس في كل الأمور وكان هذا بالفعل مصدر اطمئنان للحاكم والناس».

وأضاف جلالته أن اليوم مثلما تعرفون؛ تشعبت الأمور وكثرت الاختصاصات التجارية والمالية والأمور الجنائية وغيرها الأمر الذي يتطلب تخصصاً ليعزز مكانة القضاء الذي سبق غيره في المنطقة، وهذه الاختصاصات تتطلب التطور الذي يواكب العالم، فيجب أن نركز على هذه الاختصاصات وبهذا الشكل تتقدم البلاد أكثر فأكثر.

وذكر جلالة الملك: أن اليوم وقعت في منطقتنا بعض المتغيرات والاضطرابات التي وصلت إلى السياسة والأمن والقضاء، فإذا اضطربت هذه القطاعات؛ فإن ملجأ الدولة ككل يكون للقضاء الذي يبت في الأمور بكل نزاهة، فعندما أسسنا المحكمة الدستورية أردنا من هذا التأسيس مساعدتنا شخصيّاً في حكم البلاد حتى لا نخطئ، فمثلاً قد نصدر أمراً قد لا يكون دستوريّاً فيستطيع المواطن اللجوء إلى هذه المحكمة ويقول إن هذا غير دستوري؛ فالمحكمة تنظر فيه إن كان غير دستوري يتغير، وإن كان دستوريّاً يأخذ مجراه الطبيعي، مؤكداً جلالته أن ما يحفظ الأوطان بعد الله سبحانه وتعالى الرأي السديد والصحيح والمرضي للجميع، مشيراً جلالته إلى إنشاء ديوان الرقابة وصحافة حرة والرقابة الإدارية والمحكمة الدستورية والمفتشين عن الأمن لملاحظة إن كانت إجراءاتهم صحيحة وعلى المستوى الدولي أم لا وكان الهدف من كل ذلك هو بناء مجتمع ودولة على أحدث وأرقى المقاييس.

ونوه جلالة الملك إلى أن الحصول على الشهادة الجامعية عند بعض الناس تأخذ سنين في الجامعات حتى يحصلوا على الشهادة، وهناك آخرون يحصلون عليها بسرعة، وآخرون يتأخرون، لكن في النهاية الكل يحصل على ما يريد.

وعندما نضع كل هذه الضوابط وكل هذه المؤسسات هذا يعني التركيز على مؤسسات، والمؤسسات لا يمكن أن تعمل بدون قانون وتركنا تشريع القانون لأهل البلاد، ولا حكومة تشرع معهم ولا أمر منا يلزمهم، وفصلنا بين السلطات حتى كل سلطة تشرع بلا ضغوطات.

وقال جلالته: «إن اليوم؛ ممثلو الشعب في المجلس الوطني بغرفتيه يناقشون قانوناً والحكومة غير موجودة ويرفعون القانون وفوق ذلك، يستطيعون أن يطلبوا من الحكومة أن توضح لهم بعض الأمور حتى يكون القانون متكاملاً والوزراء يحضرون للتوضيح وليس للاعتراض لأنهم ليسوا أعضاء وليس لهم صوت، ومن ليس له صوت في المؤسسة هذا يعني أنه مستشار أو صاحب رأي فقط، وقد أُعطيت هذه الصلاحية للبرلمان والتي نعتز بها؛ لأننا أصبحنا دولة بمصاف الدول الراقية وعندما ينتهون من التشريع يُرفع لنا، فان كان لدينا وجهة نظر أبديناها وإن لم يكن وجهة نظر وافقنا».

وأضاف جلالته: «إنه في حال إبداء وجهة النظر قد تكون لهم وجهة نظر أخرى وفي النهاية يمر القانون ولا شيء يمنعه، والذي يقرأ الدستور صحيح ويقرأ اللوائح صحيح يعرف هذه الحقيقة ويبقى فيما بيننا حسبة الأمور في الوقت المناسب والظرف المناسب، وهل هناك حاجة أم لا وهكذا وسميناها التوافق الوطني، وقد اتبعنا القانون والتوافق ونتأمل عندما يكون لدى الناس رغبة معينة ألا ينسوا أن لهم إخوة وأصدقاء وأهلاً وهناك عالم يرى ويراقب؛ فإن كانوا جميعاً متوافقين شعر بقوتهم، وإذا كانوا لا سمح الله غير متوافقين ومتفرقين عرف ضعفهم وهذه الثغرات تشكل مدخلاً لهم فيما بينهم.

وشدد جلالته حرصه على أن يكون التكاتف هو رائدنا بالتوافق الوطني، مؤكداً أن اجتماع أهل البحرين يصب في صالحها وصالح شعبها وأي شيء في صالح المملكة لا يمكن لأي رجل عاقل أن يمنعه.

وأفاد جلالته: «إن الرجل العاقل المسئول يمنع الذي يضر بأهل البحرين، وإن لم يمنع هذا الضرر يكون قد قصر في مسئوليته، ولذلك؛ فالمسألة كيف ننظر لها؟، ونظرتنا كانت بطريقة عامة جدّاً ومهمة وإنسانية، ولذلك لن يساعدنا في مسيرتنا إلا حكم القانون والمؤسسات وأن نُدعم ونُعان بقضاء له هيبته وله قوته».

وقال جلالته: «لا أعتقد أنه في تاريخنا كله أن القاضي لا سمح الله ليس في وضعه المختار وكل قضاتنا، منذ عرفناهم، رجال محترمون يُقدرون ونقدمهم على أنفسنا نحن كحكام، وهذا تقدير للجهود الكبيرة التي يبذلونها كقضاة حيث يتحملون الكثير من الأعباء في قضايا الناس والمواطنين وفي النهاية يقومون بواجبهم في أخذ القرار الصحيح بضمير مرتاح والقضاة لهم مكانة خاصة عندي وعند الجميع وعند الذين سبقونا».

وتابع جلالة الملك: «لاشك أنني اليوم قابلت شباباً في بداية حياتهم العملية كقضاة وأتمنى لهم بالفعل الصبر والجلد والتوفيق كي يتمكنوا من الوصول إلى المكانة التي تتمناها البحرين لهم وإن كانوا هم اليوم محل الثقة لكن الخبرة هي الأساس، ففي دول كثيرة القاضي قد لا يحال إلى التقاعد في سن مبكرة، ولا أعتقد أن القاضي يعامل نفس معاملة الإداري بما يملكه القاضي من الرأي السديد والمستنير الذي اكتسبه بعد خبرة عمل وتجارب، والبحرين ولله الحمد وطن مهيأ بأهله وحضارتهم وثقافتهم في كل مجال، فالتأسيس والاستقرار والحرف ستجد أهل البحرين يعملون ويكسبون الرزق الحلال، وتقديراً للجميع فقد التقينا بكم اليوم (أمس) ونثني على جهودكم ونؤكد لكم استقلالكم وإن قراراتكم مستقلة».

وأشار جلالته إلى أن الضغوط الجانبية السياسية كانت أو النفسية أو غيرها عندما يتم الحكم في القضايا لا يجب أن تؤثر على التقاضي لضمان الإنصاف، وسيأتي بعدكم آخرون يسألون عن تجاربكم، ونحن جيلنا سعيد بأن أهلنا لم يقدموا لنا إلا الأعمال الحسنة، وأهل البحرين كلهم لم يقوموا الا بما يرضي رب العالمين وهذه نظرة عامة على هذا الشعب الكريم والتي تضع شعب البحرين فى المقام الأول.

وفي الختام، شكر جلالته الحضور على هذه الزيارة. وقال جلالته: «إنها كانت فرصة للتعبير عن تقديرنا لكم وكل قضية تنظرون فيها ويعلن عنها أدعو رب العالمين أن يوفقكم الله كقضاة إلى ما تحبونه ويرضيكم ويرضي رب العالمين».

العدد 3796 - الأحد 27 يناير 2013م الموافق 15 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً