في العادة، يتداول المهتمون بالشأن السياسي، في كل مكان في العالم، وفي كل دولة تواجه أزمةً واضطراباً سياسيّاً... يتداولون ويتباحثون في أسس نجاح حوار ينهي تلك الأزمة ويعيد الأمور إلى نصابها باتفاق بين سلطة ومعارضة، لكي تتعافى الدولة وتبدأ مرحلة جديدة من العمل السياسي، لكن أن يكون التداول والتباحث في محور (لكي «لا ينجح» الحوار)، فهذا ما يمكن أن يوصف بأنه مؤشرات مسبقة لبقاء الأمور على ما هي عليه، بل ولربما تعقدت الأزمة وتشعبت وتضاعفت تبعاتها الخطيرة، وهذا ما يمكن أن توصف به حالة الحوار في بلادنا.
حتى اللحظة، لا يمكن لأي طرف أن يقدم قراءة واضحة لأسس الحوار الوشيك، وما إذا كان سيؤدي إلى إنهاء الأزمة السياسية في البلد أم لا؟ وحتى اللحظة أيضاً؛ ليس ممكناً تقديم ما يؤكد أن حوار التوافق الوطني الذي انعقد في شهر يوليو/ تموز 2011 قد أسهم فعلاً في وضع أسس وتوافقات لانطلاق سلسلة من الحلول، حتى يستكمل خطوة بخطوة! والأكثر تعقيداً من غياب القراءة الواضحة، هو الحيرة في وصف «المعارضة» التي هي ذاتها القوى السياسية وائتلاف شباب 14 فبراير، وهي ذاتها التي قادت حركة الاحتجاجات المطلبية طيلة عامين من عمر الأزمة، وهي ذاتها التي استخدمت تكتيكاتها السياسية في طرح مرئياتها المشتركة للمطالب وضمنتها «وثيقة المنامة»، وهي ذاتها التي صمدت بإصرار على تقديم الحل السياسي على الحل الأمني... هي ذاتها القوى المعارضة التي يجب أن تمثل الركن الرئيس في الحوار مع الحكومة. هل هي معارضة وطنية سياسية معترف بها؟ أم هي «ذراع خيانة» متصل بالخارج؟
أمامنا الآن معضلة معقدة تضاعف تعقيد قراءة الوضع المستقبلي للأزمة وآفاقها، ووفق، على الأقل، تصريح وزيرة الدولة لشئون الإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب في تصريح نشرته «الشرق الأوسط» السعودية الخميس (24 يناير/كانون الثاني 2013)، فإن الحكومة «ستشارك في مؤتمر الحوار السياسي كمنسق لبرامج وفعاليات الحوار»، وهذا يعني في تصوري، غياباً حقيقيّاً للسلطة حين تكتفي بكونها «منسقاً لبرنامج مؤتمر»! هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، الحكومة ستتولى تنفيذ التوصيات (التي سيتم التوافق عليها)، وماذا أيضاً... (لن تشارك في الحوار كطرف مقابل ماذا)... مقابل المعارضة السياسية. اذن، هناك معارضة سياسية معترف بها، وهناك أزمة، وهناك مرحلة مقبلة لتنفيذ توصيات ما... لكن الحكومة لن تشارك! هنا، يمكن أن نعطي دلالة منطقية على ما يمكن اخضاعه تحت مقولة «لكي لا ينجح الحوار»... أليس كذلك؟
في الحقيقة، لسنا في مرحلة تستدعي أن نتفنن في لي المصطلحات، وتلوين المفردات، وتقطيع الوقت، والتنظير المفضي إلى لا شيء! ولسنا أيضاً في حاجة إلى استجلاب الخبراء والسياسيين والمتابعين للوضع الإقليمي حتى يعيدوا تكرار قراءاتهم عن تعقيدات الوضع في العالم العربي وخطط القوى الإقليمية، والمخاطر المحيقة بمنطقة الشرق الأوسط... و... و، بالقدر ذاته من عدم حاجتنا إلى حوار توافق وطني، سواء في إعادة مراجعة المحاور السابقة التي لم يثبت تأثيرها في حل الأزمة ولو بنسبة يسيرة منظورة، أو استكماله في المحور السياسي؛ لطالما أن طبيعة استخدام المفردات والمصطلحات والتصريحات كلها تسير في اتجاه المبهم القابل للكثير من القراءات عدا... أن تكون قراءات صحيحة!
مع الاعتبار لكل المؤثرات الإقليمية؛ فإن بلادنا تمتلك من المقومات ما يجعل جبهتها الداخلية محصنة تحصيناً قويّاً بإنهاء الملف السياسي بتوافق قائم على الاستحقاق والعدالة الاجتماعية والإنصاف والمساءلة بين طرفين رئيسيين: السلطة وقوى المعارضة، ولعلني، وليسمح لي القارئ الكريم، أن أعيد ما طرحته في مقال سابق بعنوان: «الراقصون على حساب الوطن» (24 يونيو/حزيران 2012)، ونصه: «وربما كان من بين هذا المسار، حوار عام توافقي «للنظر في الأجواء التي سيحققها حوار السلطة والمعارضة»، تماماً كما كان ومضى على غرار حوار التوافق الوطني في صيغته التي رأيناها (ملتقى أو منتدى لا أكثر ولا أقل)، على أن تكون الأهداف بالدرجة الأولى لدى السلطة والمعارضة، هي الاحتكام لمبادئ سمو ولي العهد السبعة، باعتبارها الخيار المتاح والأسلم لإنقاذ البلد... تيسيراً للجهد والوقت وتحقيقاً للفائدة وإصابتها إصابة تامة، فإنه ليس هناك من داعٍ لدعوة 300 أو 400 أو ألف شخص لحوار ينتظم عقده وينخرط بسرعة ويذهب جفاء، قبل حوار مباشر بين السلطة والمعارضة التي طرحت كل ما لديها في وثيقة المنامة بكل وضوح». (انتهى الاقتباس).
في ترقب الحوار «المبهم» بالنسبة لي وللكثيرين قطعاً، يجب على القوى المعارضة أن تشارك وتقدم ما توافقت عليه ضمن «وثيقة المنامة»، وتراقب في الوقت ذاته ما إذا كان في الأفق بصيص أمل لحل سياسي ضمن حوار حتى لو كان مبهماً! ذلك حتى تعيد وتثبت تأكيد دستورية مطالبها وحرصها على المصلحة العليا للوطن ووجودها الوطني الذي لا نشك فيه. فقد سقطت جملة من النعوت التي ألصقت بها وأولها أنها «متآمرة مع الخارج»... أليس كذلك؟ فهي اليوم «معارضة سياسية»! وحتى نفهم نحن المواطنين بالضبط، من الذي يسعى ويصر على أن يطوِّل أمد الأزمة، ولكي... لا ينجح الحوار.
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 3795 - السبت 26 يناير 2013م الموافق 14 ربيع الاول 1434هـ
عش زمنا وترا عجبا
هاهي السلطه لكي تثبت الى العالم بأن المشكله في البحرين هي طائفيه حين تصرح الوزيرة المعنيه و تقول بأن السلطه لم تجلس مع احد وهي غير معنيه و اجلسوا وتفاهموا وبعدين قدموا لنا ماتفاهمتم عليه وسوف ندرسه وأذا كان لايتعارض مع مصالحنا سوف نعمل به.لأان السلطه معنيه بشق الامني بضرب المواطن وليس لهاء شان في السياسه.
المعارضة نجحت
المعارضة يا اخ سعيد نعم وطنية وعملها السياسي احترافي متقدم على تيارات الموالاة باعتراف الموالاة ذاتها فالموالاة وجمعيتتهط ليس لديهم اي مشروع وطني..ثم صبر المعارضة وادائها اسقط الاتهامات عنها
فاطمه
اي حوار الا تتكلمون عنه حوار مازل العنف مستمر ومداهمات المنازل والاعتقالات وتعذيب الرموز والمعتقلين في السجون الخليفيه .
خدعة..استاذ سعيد
السلطة لا تريد الحوار بل تخدع الخارج وتخدع نفسها.. لكنها لا تخدع المعارضة
العصا
هذا هو بالضبط وضع العصا في العجلة لكي لا تسير. يخلقون العراقيل ثم العراقيل لاحراج المعارضة في عدم المشاركة.
واضح جداً.. السلطة لا تريد حواراً بل ضرب المعارضة
تريد ضرب المعارضة مع ان السلطة الى الآن لا تريد الاعتراف بأن المعارضة تتقدم عليها في العمل السياسي 100 سنة ضوئية.. !! السلطة تريد افشال الحوار وجعله كصراع بين مكونات لا كأزمة سياسية.. السلطة تريد أن تقطع الوقت وتضيع الأمور.. السلطة عليها أن تعي ان المعارضةا لوطنية اكثر منها تميزاً وادراكاً وأداءً سياسياً.. شكراً استاذ سعيد.. على المعارضة ان تشارك بحذر وترقب لكي تفشل مؤامرة السلطة