العدد 3795 - السبت 26 يناير 2013م الموافق 14 ربيع الاول 1434هـ

التهرب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لا تفلح دولةٌ تحاول التهرب من الالتزام باستحقاقاتها الدولية عبر تشكيل وزارةٍ أو لجنة أو «لُجَيْنَةٍ» خاصة بحقوق الإنسان... فضلاً عن تدريس مقرّر دراسي من 50 صفحة لطلبة الجامعات!

حقوق الإنسان منهج حياة، وخلاصة فكر، ونهاية تطور الحضارة البشرية، في عهدها الحديث، بعد قرون من النزاعات والصراعات والحروب المدمرة، وسلسلة طويلة من عهود الظلم والاستبداد والدكتاتوريات والأنظمة الفاسدة التي جعلت البشر يدفعون أنهاراً من العرق والدموع والدماء.

حقوق الانسان عقيدة والتزام أخلاقي، قبل أن تكون مقرراً من خمسين صفحة، تتبجح بتدريسه جامعةٌ انتهكت في حرمها حقوق الطلاب والطالبات، وقُدّم العشرات منهم إلى المحاكمات، في قضية مازالت تثير الكثير من علامات التعجب والاستفهام. جامعةٌ فصلت عشرات من كوادرها الأكاديمية والإدارية لأسبابٍ كيدية، وقدّمت عشرات آخرين للجان تحقيق تذكّر بلجان التحقيق المكارثية في الولايات المتحدة الأميركية في الخمسينات والستينات.

حقوق الانسان ثقافة وسلوك حضاري، وليس مقرّراً من خمسين صفحة، تتبجح الجامعة بفرض تدريسه على الطلاب. ثقافة تنبع من قناعة راسخة بتلك القيم الانسانية التي أجمعت عليها شعوب الأرض، من مساواة وعدل، وما يتفرّع عنها من مبادئ إدارية مثل تكافؤ الفرص واعتماد معيار الكفاءة بدل المحسوبية والقبلية و(هذا من جماعتنا).

إننا كبلد ونظام سياسي، ملزمون بما تعهدنا بالوفاء به أمام العالم أجمع، وخصوصاً الأصدقاء والحلفاء «الديمقراطيين»، من توصيات «لجنة بسيوني»، و«توصيات جنيف» التي بلغت 176 توصية. ومنذئذ والمجتمع الدولي يرصد حركتنا ويسجّل علينا أنفاسنا، ويدقق في صحة ادعاءاتنا وتصريحاتنا، وهو لن يقتنع بتشكيل وزارة لحقوق الانسان تكون مهمتها الوحيدة تبييض سجلنا. فالمجتمع الدولي ليس جماعةً محليةً بسيطة التفكير، يجرى غسل دماغها الجمعي وتخويفها من المكوّن الآخر من أجل استغلالها وقبولها باستباحته وقهره وسحق إرادته.

لنكن صريحين أكثر مع أنفسنا؛ فالمجتمع الدولي اليوم بات يسخر من عمليات تشكيل جمعيات كارتونية للمشاغبة على الجمعيات الحقوقية الحقيقية وتشويه صورة الناشطين الحقوقيين. هذه الجمعيات الطفيلية أصبحت أضحوكةً في العالم منذ سنوات، وأصبح لها اسم هزلي تعرف به (غونغو)، فلماذا نصر على تشكيل هذه الخرق البالية؟.

قبل أعوام، وبعد الخلاف على دستور 2002، كان لدى البحرين عشرات السجناء السياسيين، لكن العدد أصبح بالآلاف بعد فبراير/ شباط 2011، سجناء ومعتقلين وجرحى ومفصولين عن العمل من مختلف القطاعات العلمية والعمالية والفنية والرياضية والاعلامية، بل وحتى البلديين المنتخبين الذين تم فصلهم على يد زملائهم بتوصيةٍ حكوميةٍ تضرب حقوق الإنسان في الصميم.

حقوق الانسان ليس مقرراً دراسيّاً إضافيّاً من خمسين صفحة نتبجح بتدريسه للطلبة، وإنما هو ممارسة والتزام أخلاقي يجب التقيد به أولاً، حيث يرفض من الأساس سياسة التمييز والطأفنة ومعاقبة الناس بحسب انتماءاتهم الطائفية والعرقية، ومنع ترقيتهم أو مكافآتهم أو ابتعاثهم عقاباً على ما يحملون من آراء، أو يؤمنون به من أفكار سياسية أو غير سياسية.

إن كان ولابد من تدريس «مقرّر حقوق الإنسان» لطلبة الجامعة، ولا يمكن التراجع عن هذه الخطوة الجيوبوليتيكية؛ فأقترح أن يكون الدرس الأخير ما قاله أحد القراء: «وزير حقوق إنسان. جمعيات حقوق انسان. نوادي حقوق انسان. مدارس حقوق انسان. مقررات حقوق انسان. شوارع حقوق انسان. منتزهات حقوق انسان. شواطئ حقوق انسان. بس عاد ذبحتونا... ليش ما تطبقوا حقوق الانسان وتفكونا»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3795 - السبت 26 يناير 2013م الموافق 14 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 1:01 م

      ابدا

      يا أستاذ تنتقد اجراءات الدولة اليس الاجدر بكم تطبيقة و بعد ذلك انتقادة لماذا لا تبداون بانفسكم ابسطها انتقاد جمعية الوفاق اعتقد هي ليست معصومة من الخطا

    • زائر 15 | 8:43 ص

      استراجية الالهاء

      تحويل التافه الى هام والهام الى تافه (نعوم تشوفسكي)

    • زائر 14 | 6:52 ص

      طلاب الجامعة تورطوا بهذا المقرر

      أتمنى منكم أن تقرأ مقرر حقوق الإنسان في الجامعة وراح تلاحظ شلون يفكرون في حقوق الإنسان ، المؤلفين مالهم علاقة بحقوق الإنسان ، لكن الجامعة فرضت علينا المقرر واللي ما يأخذ المقرر يعتبر راسب وما راح يحصل على شهادة التخرج. أبي أعرف مقرر حقوق الإنسان يقر في يوم وليله ؟ الفصل الثاني الماضي ما كان فيه مقرر الحين وبقدرة قادر صار مقرر وإجباري ومقرر جامعي ؟ يعني ما تأخذه ما راح تتخرج،

    • زائر 13 | 5:26 ص

      ليس هناك رد افضل من كلام الله


      قوله تعالى : مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين

    • زائر 12 | 5:17 ص

      مشكلة المشاكل عندنا هي:-

      ان الهم الشاغل لهم هو ارضاء الحكومات الغربية,,,,, و مهما كلف الامر,,,,,,
      هذا من جانب,,,,,و الجانب الأسوء في الموضوع هو:
      إظهار هذا الشعب على انه شعب,,, ارعن,,, بربري,,, يحتاج و بصورة دائمة لمن يثقفه و يوعيه و يأخذ بيده لكي يكون كباقي الشعوب المتحضرة التي تفهم معنى حقوق الانسان,,,,,
      آه,,,يا زمن ,,,,ويش خليت,,,,,

    • زائر 10 | 2:13 ص

      من سيدرس هذا المقرر؟!

      سؤال مهم: من سيقوم بتدريس هذا المقرر والذي هو عبارة عن متطلب جامعي سيسجل فيه عدد هائل من الكلبة؟؟ هل لدى الجامعة العدد المطلوب والمؤهل من الاساتذة؟ هل سيتم الاعتماد على متطوعين مثلا؟؟!! هل سيسمح للاساتذة القادرين من البحرينيين تدريس المقرر في حال كانو من الفئة المغضوب علها؟؟!! 

    • زائر 9 | 2:05 ص

      ليش ياسيد؟؟!!

      رجاء ياسيد عدم المساهمة في تخريب هذا المشروع ونحن طلبة الجامعة نراه فرصة لرفع معدلنا مثله مثل مقرر تاريخ البحرين!!!

    • زائر 8 | 1:53 ص

      أحسنت

      وزارة حقوق الانسان.. شئون حقوق الإنسان.. قسم حقوق الإنسان.. لكن ع الأرض نسأل الدولة هل تعتبرون المواطن إنسانا.. الأرض تقول والواقع يقول لا نرى أي أثر لهذه اللجان المشكلة بغير مجان لكنها تفرخ المشكلة وهي أساليب التهرب .. هيئات وهمبة لا تستطيع التحدث عن أبسط الانتهاكات من قبيل سيارات المواطنين التي سرقها النظام في حملته في مارس 2011م

    • زائر 7 | 1:45 ص

      صفر

      بأموال الشعب باستطاعتهم اصدار الآلاف من الكتب عن حقوق الانسان لتلميع الصورة.. ولكن اين التطبيق.. صفر.

    • زائر 6 | 1:10 ص

      كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا حتى اذا جاءه لم يجده شيئا

      هكذا يراد لكل ما في البحرين ان يكون كالسراب الذي في حقيقة جوهره ليس شيء اي عدم.
      وزارة حقوق انسان والحقوق تنتهك كل يوم بل كل ساعة
      مقرر حقوق انسان والانسان المواطن معدوم الحقوق
      الحوار واذا باقرب الناس من السلطة وحاميها يسميه حمارا
      ولا عجب فالبحرين بلد العجائب والغرائب

    • زائر 3 | 11:05 م

      عندما كنا مدرسين ملف الجمبازي الأروع

      كان المدرس الجمبازي الذي لا يلتفت لطلابه ولا يهمه نموهم الأكاديمي او النفسي بينما نسبة النجاح مرتفعة وان كانت درجاتهم منخفضة لانه يغرقهم بعلامات الأعمال و لا يحتاجون الا لكم درجة في الامتحان لتخطي خط الحد الأدنى للنجاح وبالتالي امن جانب الطلاب وأهليهم و يعمل له شغلتين للإدارة تبهر عيونهم وغالبا يكون الجهد على الطلاب كالتشجير او تزيين الجدران وبعدها يقدم ملف يحمله حمالين بالإنجازات

    • زائر 2 | 11:04 م

      بسنا عاد بسنا يا حسين بس بس

      واحد الف ثنين الف ثلاثة الف حقوق الإنسان بسنا بسنا حقوق يا حسين بس بس

اقرأ ايضاً